محمّد بن الحسن الشيباني
المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٣٩٩
والأخبار بإباحتها في أيّام النّبيّ ـ عليه السّلام ـ كثيرة وكذلك بعده ، لا (١) نطوّل بذكرها هذا المختصر ـ ولله الحمد.
قوله ـ تعالى ـ : «فآتوهنّ اجورهنّ» ؛ يعني : ما وقع به العقد عليهنّ في المدّة المضروبة.
(فَرِيضَةً) ؛ [أي : واجبا.
ونصب «فريضة»] ، لأنّه مصدر في موضع الحال.
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ [إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٢٤)].
روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ أنّهما قالا : هو أن يزيدها في الأجر ، وتزيده في الأجل (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) ؛ أي : سعة لنكاح الحرائر ، فله (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ ، فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ؛ يعني : الإماء الحرائر (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) ؛ أي : بإذن من يملكهنّ.
(وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ أي : بالحقّ والعدل.
__________________
(١) د : ألّا.
(٢) عنه البرهان ١ / ٣٦١ ، ح ١٣.+ ورد مؤدّاه في تفسير العيّاشي ١ / ٢٣٣ ، ح ٨٦ ـ ٨٨ وعنه كنز الدقائق ٣ / ٣٧٤ ـ ٣٧٥ ونور الثقلين ١ / ٤٦٧ ، ح ١٧٤ ـ ١٧٦ والبرهان ١ / ٣٦٠ ، ح ٩ ـ ١١ وفيه ، ح ١٢ عن بصائر الدرجات.
(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
(مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) ؛ أي : (١) غير زواني. وذلك بخلاف ما كانت الجاهليّة عليه من السّفاح ، كان الرّجل منهم يأتي المرأة الحرّة أو الأمة سرّا (٢) فيقول لها : سافحيني. فتقول له (٣) : سافحتك. فهذا كان سنّتهم في النّكاح.
وكان بعضهم يأتي إلى (٤) المرأة الحرّة أو الأمة سرّا (٥) فيقول لها : خادنيني.
فتقول له : خادنتك. فيطأها بذلك ، وإن كانت ذات زوج. فيكون له من السّرّة إلى رأسها ، ويكون لزوجها أو لسيّدها (٦) من السّرّة إلى قدميها (٧). فنهاهم الله بقوله : (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) روي ذلك عن ابن عبّاس رحمه الله (٨).
وقال في قوله ـ تعالى ـ : «ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن» (٩) قال : والّذي (١٠) ظهر عندهم (١١) السّفاح جهرا ، والّذي بطن المخادنة سرّا (١٢).
قوله ـ تعالى ـ : (فَإِذا أُحْصِنَ) ؛ يعني : الإماء إذا تزوجن.
__________________
(١) من م.
(٢) ليس في أ ، م ، د.
(٣) من م.
(٤) ليس في ج ، د.
(٥) ليس في ج.
(٦) ج ، د : سيّدها.
(٧) ج ، د : قدمها.
(٨) أنظر : تفسير الطبري ٥ / ١٤ ، التبيان ٣ / ١٧٠.
(٩) الانعام (٦) / ١٥١.
(١٠) ج ، م ، د : فالّذي.
(١١) ج زيادة : هو.
(١٢) تفسير الطبري ٥ / ١٤.
(فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ) ؛ أي : بزنا.
(فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) ؛ يعني : عليهنّ نصف الحرائر من الجلد (١).
(ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) ؛ أي : خشي من الزّنا ، ولم يجد طولا لنكاح حرّة فلم ينكح الأمة.
قوله ـ تعالى ـ : (وَأَنْ تَصْبِرُوا ، خَيْرٌ لَكُمْ) ؛ يريد : تصبروا عن نكاح الأمة.
ولا يجوز للحرّ أن ينكح أكثر من أمتين للدّوام ؛ كما ليس للعبد أن ينكح أكثر (٢) من حرّتين للدّوام ، وله أن ينكح أربع إماء للدّوام ؛ كما للحرّ في نكاح الحرائر.
و «الإحصان» في كتاب الله ـ تعالى ـ على أربعة أوجه :
أحدها بالزّوجيّة ؛ كقوله ـ سبحانه ـ : (٣) (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ).
والثّاني بالإسلام ؛ كقوله ـ سبحانه ـ : (فَإِذا أُحْصِنَ).
والثّالث بالعقد ؛ كقوله : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) (٤).
والرّابع بالحريّة ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
__________________
(١) ج ، د ، م : الحدّ.
(٢) ليس في د.
(٣) ج : تعالى.
(٤) النّور (٢٤) / ٤.
مِنْ قَبْلِكُمْ) ؛ (١) يعني بالكتاب ، هاهنا : التّوراة (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) ؛ أي : بالقمار والسّحت والرّبا والأيمان. روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ (٣).
وذكر ـ سبحانه ـ الأكل ، والمراد به : بجميع أسباب التّصرّفات بذلك.
قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ).
ويقرأ برفع «تجارة» ، أيضا. فمن نصب ، فعلى إضمار اسم «كان» ، وتقديره : إلّا أن تكون التّجارة تجارة عن تراض. ومن رفع ، فعلى معنى : حدث [ووقع] (٤).
وقال عكرمة والحسن : في هذه الآية نهي عن أكل بعضهم طعام بعض ، ونسخ ذلك بقوله ـ تعالى ـ : «ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم» (إلى آخر الآية) (٥).
وعنى بالتّراضي ، هاهنا : تراضي المتبايعين.
وقيل : عنى : ببيع (٦) الخيار ، ما لم يفترقا (٧).
__________________
(١) المائدة (٥) / ٥.
(٢) سقط قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٥) والآية (٢٦) ـ (٢٨) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا).
(٣) البقرة (٢) / ١٨٨.+ عنه البرهان ١ / ٣٦٤ ، ح ١١.+ التبيان ٣ / ١٧٨ : قال السدي : بالربا والقمار والبخس والظلم ، وهو المروي عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ.+ ورد مؤدّاه في تفسير العيّاشي ١ / ٢٣٥ ، ح ٩٨ و ١٠٠ و ١٠٣ وعنه كنز الدقائق ٣ / ٣٨٣ والبرهان ١ / ٣٦٣ ، ح ٢ و ٤ و ٩.
(٤) ليس في أ.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٢٠ ، التبيان ٣ / ١٧٩.+ الآية في النور (٢٤) / ٦١.
(٦) د : بيع.
(٧) التبيان ٣ / ١٧٩.
وقيل : عنى : بيع (٨) ما ليس فيه ربا (٩).
وفي هذه الآية دليل على إبطال قول من منع من طلب الأقوات بالحركة والتّجارة والضّرب (١٠) في الأرض ، من الجّهال المتصوّفة ، فإنّ الله ـ تعالى ـ أباح ذلك وندب إليه بالتّجارة والحركة. فقال ـ سبحانه ـ : «فامشوا في مناكبها ، وكلوا من رزقه» (١١). وحظر ـ سبحانه ـ أكل المال بالباطل (١٢).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ ، نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ، وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١) ؛ يعني : إلى الجنّة.
من فتح الميم ، جعله مصدرا. من دخل.
ومن ضمّها ، جعله مصدرا. من أدخل.
قال الطّوسيّ ـ رحمه الله ـ : عندنا (١٣) أنّ كلّ معصية توعّد الله عليها بالعقاب كبيرة (١٤).
وقد ورد من طريق الأخبار ، عن النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : أنّ الكبائر سبع : الشّرك بالله ، وعقوق الوالدين ، [وقطيعة الرّحم ، وقذف المحصنات وقتل النّفس الّتي
__________________
(٨) ج ، أ : بيع.
(٩) التبيان ٣ / ١٧٩.
(١٠) أ : الضّرر.
(١١) الملك (٦٧) / ١٥.
(١٢) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٢٩) والآية (٣٠)
(١٣) المصدر : عند المعتزلة.
(١٤) التبيان ٣ / ١٨٢.
حرّم الله إلّا بالحقّ ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزّحف (١).
وروي من طريق آخر من الأخبار ، أنّ الكبائر : الإشراك بالله ـ تعالى ـ وعقوق (٢) الوالدين (٣) وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزّحف ، وقذف المحصنات ، وقول الزّور ، والغلول ، والسّحر ، وأكل الرّبا ، واليمين الغموس (٤).
وروي عن ابن عبّاس : أنّ الكبائر كلّما أوعد الله ـ تعالى ـ عليه النّار في الآخرة ، والحدّ في الدّنيا (٥).
وفي رواية أخرى عنه (٦) أنّه قال : لا كبيرة مع استغفار ، ولا صغيرة مع
__________________
(١) ثواب الأعمال / ١٥٩ نقلا عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وتفسير العيّاشي ١ / ٢٣٧ ، ح ١٠٤ نقلا عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ وفيهما أكل الرّبا بدل قطيعة الرحم. والكافي ٢ / ٢٧٨ ، ح ٨ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وفيه أكل الرّبا بعد البيّنة والكفر بالله بدل قطيعة الرحم والشرك بالله وعنها وعن غيرها كنز الدقائق ٣ / ٣٨٦ ـ ٣٨٩ ونور الثقلين ١ / ٤٧٢ ، ح ٢٠٣ و ٢٠٤ والبرهان ١ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥.
والوسائل ١١ / ٢٥١ باب تعيين الكبائر الّتي يجب اجتنابها والمستدرك ١١ / ٣٥٥.
(٢) ليس في ج.
(٣) ليس في ج ، د.
(٤) أنظر : من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٧٣ ـ ٣٧٦ ، والوسائل ١١ / ٢٥١ ، والمستدرك ١١ / ٣٥٥.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٢٧.+ روى الصدوق بإسناده عن أحمد بن النضر ، عن عباد بن كثير النّواء قال :
سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن الكبائر ، فقال : كلّ ما أوعد الله عليه النّار. من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٧٩ ، ح ٤٩٤٤ وعنه الوسائل ١١ / ٢٥٨ ، ح ٢٤ وورد مثله أو نحوه في تفسير العيّاشي ١ / ٢٣٨ ، ح ١٠٨ و ١١٢ وص ٢٣٩ ، ح ١١٤ والمستدرك ١١ / ٣٥٦ ، ح ٣ و ٧ و ٨ والوسائل ١١ / ٢٥٨ ، ح ٢١.
(٦) من م.
إصرار (١).
وفي رواية أخرى عنه : أنّ الكبائر من الّسبع (٢) إلى السّبعين (٣).
وروي عن غيره : أنّ الكبائر من السّبع إلى سبعمائة (٤).
وروي عن ابن عمر ، أنّ الكبائر تسع : قتل النّفس ، وأكل الرّبا ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات (٥) ، والإلحاد في البيت الحرام ، والقمار ، وشرب الخمر ، والزّنا بمحصنة (٦) ، والسّعي في الأرض بالفساد (٧).
وروي : أنّ عمرو بن عبيد ، سأل الصّادق جعفر بن محمّد ـ عليهما السلام ـ عن الكبائر ، فعدّ (٨) له كلّ ما ذكره الله ، وحرّمه في كتابه.
فقام عمرو بن عبيد ولبكائه ضجيج ، وهو يقول : هلك من يقول برأيه ، وهلك من نازعكم العلم والفضل ؛ أهل البيت (٩).
قوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) ؛ أي : ما
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٢٧.
(٢) د : بسبع.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٢٧.
(٤) تفسير الطبري ٥ / ٢٧.
(٥) د ، م : المحصنة.
(٦) ج ، د ، م : بالمحصنة.
(٧) تفسير الطبري ٥ / ٢٦ : الإشراك بالله وقتل النسمة بغير حلّها والفرار من الزحف وقذف المحصنة وأكل الرّبا وأكل مال اليتيم ظلما وإلحاد في المسجد الحرام والّذي يستسخر وبكاء الوالدين من العقوق.
(٨) ج ، د ، م : فعدّد.
(٩) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٧٣ ، ح ٤٩٣٢.
رزقه الله ـ تعالى ـ لأخيك المؤمن من مال وزوجة وخادم ، بل قل : اللهمّ ، ارزقني.
ومثله ، روي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله (١).
وقال : كذلك في التّوراة (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ [مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ]) ؛ أي : ورثة وبني عمّ يرثونه. عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ والسدّي (٣).
وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : كان الأنصاريّ يرث المهاجر (٤) بالأخوّة ، الّتي آخى النّبيّ ـ عليه السلام ـ بينهما. فنسخ ذلك بآية (أُولُوا الْأَرْحامِ) (٥) وكذلك نسخت قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) لأنّه كان في (٦) مبدأ الإسلام يعاقد الرّجل منهم آخر ، على أنّ من مات منهما قبل الآخر ورثه الآخر. فنزلت آية «أولي الأرحام» (٧).
قوله ـ تعالى ـ : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ، بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) (الآية).
__________________
(١) تفسير الطبري ٥ / ٣١.
(٢) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٧٦ نقلا عن الكلبي.+ سقط من هنا قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٢)
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٣٢ ـ ٣٣.
(٤) أ : المهاجرين.
(٥) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٧٩.+ الآية في الأحزاب (٣٣) / ٦.
(٦) ليس في أ.
(٧) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٧٨ نقلا عن قتادة.+ سقط قوله تعالى : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (٣٣)
روي : أنّ السّبب في هذه الآية ، أنّ (١) أمّ سلمة زوجة (٢) النّبيّ ـ عليه السّلام ـ قالت : يا رسول الله! كيف فضّل الله الرّجال على النّساء في الميراث؟ فتلا عليها الآية (٣).
وقوله ـ تعالى ـ : «قوّامون على النّساء» ؛ أي : يقومون بنفقتهنّ وكسوتهنّ ومسكنهنّ ، وما يحتجن إليه.
قوله ـ تعالى ـ : (فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ) ؛ أي : مطيعات لأزواجهنّ.
(حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ ، بِما حَفِظَ اللهُ) ؛ أي : يحفظ الله (٤) الّذي أمرهنّ الله به ، من حفظ الأزواج في حفظ الغيبة (٥) عنهنّ ، [وحفظ] (٦) ما استودعهنّ من مال وولد وخادم وغير ذلك.
وقيل (٧) : حافظات لأمر الله ـ تعالى ـ ونهيه ، وذلك عامّ (٨).
قوله ـ تعالى ـ : (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) ؛ أي : بغضهنّ الزّوج ، وارتفاعهنّ عن طاعته.
(فَعِظُوهُنَ) ؛ يريد : بالقول.
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) د ، م : زوج.
(٣) وردت هذه الرواية ذيل قوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ) ... في أسباب النزول / ١١٠ ومجمع البيان ٣ / ٦٣.
(٤) ليس في ج.
(٥) م : الغيب.
(٦) ليس في ج.
(٧) أ زيادة : حكمهنّ.
(٨) أنظر : تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٨٠.
(وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) ؛ يريد : بترك الكلام.
[وقيل :] (١) بإدارة الوجه عنهنّ ، عند النّوم. روي ذلك عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٢). وتمام التّفسير : إلى أن يرجعن إلى طاعتهم.
(وَاضْرِبُوهُنَ) ؛ يعني : إن أصررن على عصيانكم ، ضربا خفيفا غير مبرح. عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) (الآية).
الخطاب ، هاهنا ، للحكّام ليدبّروا الإصلاح بينهما. فإن لم يقع فيعلما الحاكم بذلك ، ليدبّر (٤) أمر الفرقة. وذلك بعد الاستئذان (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (وَاعْبُدُوا اللهَ ، وَلا تُشْرِكُوا [بِهِ شَيْئاً]) معه أحدا في العبادة ، من الأصنام والأوثان.
(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ، وَبِذِي الْقُرْبى) ؛ يعني : القرابة.
(وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) : أوصى سبحانه بهم خيرا [وإحسانا] (٦). لأنّه
__________________
(١) ليس في د.
(٢) التبيان ٣ / ١٩٠ : قال مجاهد والشعبي وإبراهيم : هو هجر المضاجعة ، وهو قول أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ وقال : يحول ظهره إليها.
(٣) التبيان ٣ / ١٩١ : قال أبو جعفر ـ عليه السلام ـ : هو بالسواك.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) (٣٤)
(٤) الصواب ما أثبتناه في المتن وفي النسخ : ليدبّروا.
(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) (٣٥)
(٦) ليس في د.
عطف ذلك على «الوالدين».
(وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) ؛ يعني : القريب (١).
(وَالْجارِ الْجُنُبِ) ؛ يعني : البعيد.
(وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) : عطف (٢) ـ أيضا ـ على ذلك.
قيل : هو الرّفيق في السّفر. عن مجاهد (٣).
وروي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ وابن عبّاس ، أنّهما قالا : هو الزّوجة (٤).
(وَابْنِ السَّبِيلِ) : عطف ـ أيضا ـ على ذلك. ويعني بهم : ابن الطّريق والمسافر المنقطع به (٥). وسمّي (٦) بذلك ، لملازمته الطّريق.
(وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) :
أوصى ـ سبحانه ـ بالعبيد والإماء بالإحسان إليهم والشّفقة عليهم ، وأن لا تكلّفوهم (٧) فوق الطّاقة.
وقد روي عن النّبيّ ـ عليه السلام ـ أن آخر ما أوصى به عند الوفاة أن قال «الصلاة (٨) وما ملكت أيمانكم» ثلاثا (٩) ، ثمّ قضي ـ عليه السّلام ـ (١٠).
__________________
(١) ليس في د.+ أ : القربة بدل القريب.
(٢) م : عطفا.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٥٢.
(٤) تفسير الطبري ٥ / ٥٢.
(٥) ليس في أ.
(٦) د : وتسمّى.
(٧) م : أن لا يكلّفوهم.
(٨) ليس في أ.
(٩) ليس في م.
(١٠) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٨٦.+ سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٣٦) والآيات (٣٧) ـ (٤٠)
قوله ـ تعالى ـ : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) (٤١) :
يعني «بالشّهيد» : محمّدا ـ عليه السّلام ـ على أمّته. ولفظه لفظ استفهام ، وهو تهدّد (١١) ووعيد لهم.
فقد روي : أنّ الله يستشهد كلّ نبيّ على أمّته ، فيشهد لهم وعليهم. فخاطب نبيّه ـ عليه السّلام ـ بذلك ، فقال : «وجئنا بك على هؤلاء شهيدا» ؛ يريد : بما فعلوا (١٢).
قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ ، لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ [وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٤٢).
قال ابن الفرّاء : ذلك قول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (١٣).
وقال غيره : ذلك (١٤) عند شهادة الرّسول وعند شهادة الأعضاء ، يتمنّى الفاجر والكافر أن يكونا ترابا (١٥).
وقال القتبيّ : يصيرون ترابا ، فتسوّى بهم الأرض (١٦).
__________________
(١١) ج : فهو تهديد.
(١٢) أنظر : تفسير الطبري ٥ / ٥٩.
(١٣) التبيان ٣ / ٢٠٢ من دون ذكر للقائل.+ الآية في النبأ (٧٨) / ٤٠.
(١٤) ليس في د.
(١٥) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٩٤ نقلا عن الكلبي.
(١٦) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٣٩٣ نقلا عن الكلبي.
قوله ـ تعالى ـ : ([يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا] لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (١) يريد سكارى (٢) : من النّوم.
وقيل : سكارى من الشّراب (٣).
وقيل : نسختها آية الوضوء (٤).
وقيل : إنّهم كانوا يشربون الخمر في كلّ وقت. فلمّا نزلت هذه الآية ، تركوها عند الصّلاة. فلمّا حرّمت الخمرة ، تركوها كلّ وقت (٥).
وروي عن عليّ ـ عليه السّلام ـ وابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنهما قالا : «وأنتم سكارى» من النّوم (٦).
(وَلا جُنُباً ، إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ [حَتَّى تَغْتَسِلُوا]).
وروي عن ابن مسعود أنّه قال : لا تقربوا المصلّى ، يعني : المسجد ، وأنتم جنب إلّا أن تكونوا مجتازين فيه (٧). وذلك أنّ رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في
__________________
(١) سقط من هنا قوله ـ تعالى ـ : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ).
(٢) ليس في أ.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٦١ نقلا عن ابن عبد الرحمن.
(٤) لم نعثر عليها فيما حضرنا من المصادر.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٦٢٦١ نقلا عن قتادة ومجاهد.
(٦) تفسير الطبري ٥ / ٦٢ نقلا عن ضحّاك.+ روي الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي أسامة زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى). قال سكر النّوم. الكافي ٣ / ٣٧١ ، ح ١٥ وعنه وعن غيره كنز الدقائق ٣ / ٤١٢٤١١ ونور الثقلين ١ / ٤٨٣ والبرهان ١ / ٣٧٠.
(٧) تفسير الطبري ٥ / ٦٣ ، من دون ذكر للقائل.
المسجد ، فكرهوا الجواز فيه مع الجنابة. فنزلت الآية بالرّخصة لهم ، في ذلك. روى هذا الحديث يزيد (١) بن حبيب (٢).
قوله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ، أَوْ عَلى سَفَرٍ ، أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ، فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ، فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ؛ أي : ترابا طاهرا.
و «الصّعيد» قيل فيه قولان : أحدهما ، أنه وجه الأرض (٣). والثّاني ، قيل : هو ما تصاعد منها : كالرّوابي والآكام (٤).
و «الطّيّب» الطّاهر الحلال (٥).
وكيفية التّيمّم عند أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : أن يعمد المكلّف به عند تضيّق وقت الصّلاة ، وعدم الماء ، وطلبه من أربع جهاته (٦) ؛ غلوة (٧) سهم في الأرض الصّعبة ، وفي الأرض السّهلة غلوة سهمين.
فإن لم يجده فيضرب بيده على التّراب الطّاهر الّذي ليس بمعدن ضربتين :
إن كان عليه غسل ينوي بهما بدلا عن الغسل ، يمسح بإحديهما وجهه من
__________________
(١) أ : زيد.
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٦٤.
(٣) التبيان ٣ / ٢٠٧.
(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ الرابية : الرّبو ، وهو ما ارتفع من الأرض. الصحاح ٦ / ٢٣٤٩ مادّة «ربا».+ الأكمة : التّلّ. (ج) أكم وإكام وآكام. معجم الوسيط ١ / ٢٣ مادّة «أكم».
(٥) سقط من هنا قوله تعالى : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (٤٣)
(٦) ج : جهات.
(٧) الغلوة : الغاية مقدار رمية. الصحاح ٦ / ٢٤٤٨ مادّة «غلا».
قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه ، والأخرى يمسح بها من كوعه إلى رؤوس أصابعه.
وإن كان بدلا عن الوضوء ، يضرب بهما ضربة واحدة لوجهه ويديه.
والكيفيّة واحدة.
وروي : ضربة واحدة (١) للغسل والوضوء (٢) ـ والأول أقوى (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ؛ يعني : اليهود.
و «الكتاب» هاهنا ، التّوراة.
(آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها ، أَوْ نَلْعَنَهُمْ).
قال عطيّة : [طمسها] ردّها على أقفائها (٤).
وقال القتيبيّ : «طمسها» أن يمحو ما فيها ، من الحاجب والعين والأنف (٥).
وقال المبرّد : هذا الطّمس (٦) قبل قيام السّاعة (٧).
وجاء في أخبارنا : هذا الطّمس يفعل باليهود ، الّذين لم يؤمنوا به ، عند قيام
__________________
(١) ليس في ج.
(٢) أنظر : وسائل الشيعة ٢ / ٩٧٥ باب كيفيّة التيمّم وجملة من أحكامه.
(٣) سقط من هنا الآيات (٤٤) ـ (٤٦)
(٤) ج : قفائها.+ تفسير الطبري ٥ / ٧٨.
(٥) أنظر : تفسير أبي الفتوح ٣ / ٤٠٥ نقلا عن ابن زيد.
(٦) م ، ج ، د زيادة : يكون.
(٧) تفسير أبي الفتوح ٣ / ٤٠٥.
القائم من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ (١).
قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ، يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) (٢).
قيل : هما صنمان ، كانوا يعبدونهما من دون الله (٣).
وقال مجاهد : «الجبت» السّاحر. و «الطّاغوت» الشّيطان (٤).
وقال الكلبيّ : «الجبت» رئيس اليهود. و «الطّاغوت» رئيس النصارى (٥).
وعن الضّحّاك ومجاهد والسدّي ، أنّهم قالوا : «الجبت والطّاغوت» الشّيطان والكاهن (٦).
وعن أبي عبيدة وابن قتيبة ، أنّهما قالا : كلّما [يعبد من] (٧) دون الله هو (٨) جبت وطاغوت (٩).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ
__________________
(١) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.+ سقط من هنا قوله تعالى : (كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٤٧)
(٢) لا يخفى أنّ الآية وتفسيرها في غير محلّها على حسب الترتيب القرآني.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٨٣ نقلا عن عكرمة.
(٤) تفسير الطبري ٥ / ٨٣ ـ ٨٤.
(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٦) تفسير الطبري ٥ / ٨٤.+ د : الكافر.
(٧) ج ، يعبدون.
(٨) ج ، فهو.
(٩) مجمع البيان ٣ / ٩٣ نقلا عن أبي عبيدة وحده.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (٥١)
يَشاءُ).
قال أهل العدل في هذه الآية : على أنّ الله ـ تعالى ـ يجوز أن يغفر ما دون الشّرك من المعاصي ابتداء من غير توبة ، ولا (١) يغفر الشّرك إلّا بتوبة ؛ لمقابلة النّفي فيها الإثبات.
قوله ـ تعالى ـ : «لمن يشاء» : يخرج به كلّ عاص من حدّ الإغراء ؛ لأنّه يقطع كلّ عاص ، على (٢) أنّه المعنيّ بذلك (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ. بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) ؛ أي : يطهّره ويوفّقه للتّوبة ، ويعفو عنه.
(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٤٩) [تزكية الله ـ تعالى ـ لهم ، أنّه يوفّقهم ويقبل أعمالهم ولا يظلمهم.
«فتيلا»] (٤) أي : لا ينقصهم من ثوابها شيئا.
و «الفتيل» كالخيط في شقّ النّواة ، وهذه استعارة.
قال بعض المفسّرين : ضرب الله ـ تعالى ـ في النّواة أمثلة ثلاثة : «الفتيل» وقد ذكرنا تفسيره. و «النّقير» وهو (٥) النّقرة في ظهرها. و «القطمير» وهي الفرقة (٦)
__________________
(١) من ج ، د.
(٢) ليس في ج.
(٣) سقط من هنا قوله تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤٨)
(٤) ليس في ج.
(٥) ج ، د : وهي.
(٦) القرفة : القشرة. لسان العرب ٩ / ٢٧٩ مادّة «قرف».
الخفيفة الّتي تشمل النّواة (١).
قوله ـ تعالى ـ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) :
اختلف المفسّرون في ذلك :
فقال الكلبيّ : هم اليهود ، حسدوا محمّدا ـ عليه السلام ـ على النّبوّة (٢).
وقال مقاتل : هم رؤساء قريش ، حسدوا محمّدا ـ عليه السلام ـ على النّبوّة (٣).
وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السلام ـ أنّهما قالا : هم رؤساء قريش ومتقدّموهم ، حسدوا محمّدا ـ عليه السلام ـ على النّبوّة ، وحسدوا عليّا ـ عليه السلام ـ وأهل بيته الطّاهرين على الإمامة والتّقدّم عليهم ، وقالوا : لا تجتمع النّبوّة والإمامة فيهم. حسدا منهم وبغضة (٤). فردّ الله عليهم فقال : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ؛ يعني : النّبوّة والإمامة ، وعلم الدّين والشّرع.
(وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٥٤) ؛ يعني : الإمامة إلى انقضاء التّكليف.
وفي رواية عن الكلبيّ ، أنّه قال : هو ملك داود وسليمان ـ عليهما السلام ـ (٥).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً. كُلَّما
__________________
(١) أنظر : التبيان ٣ / ٢٢١ نقلا عن حسن.+ سقط من هنا قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً) (٥٠) وتقدّم آنفا الآية (٥١) وو سقط أيضا الآيتان (٥٢) و (٥٣)
(٢) تفسير الطبري ٥ / ٨٧ نقلا عن مجاهد وقتادة.
(٣) تفسير الطبري ٥ / ٨٧ نقلا عن مجاهد ، قتادة.
(٤) ورد مؤدّاه في كثير من الروايات أنظر : كنز الدقائق ٣ / ٤٢٦ ـ ٤٣١ ، البرهان ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٩. نور الثقلين ١ / ٤٩٠ ـ ٤٩٣.
(٥) تفسير الطبري ٥ / ٨٩ نقلا عن ابن عبّاس.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) (٥٥)
نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ ، بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها ، لِيَذُوقُوا الْعَذابَ. إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً) (٥٦) :
يقول ـ سبحانه ـ : كلّما احترقت (١) جلودهم «[بدّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب]» (٢) : أعدناها إلى حالتها الأولى ، وكان الأصل باقيا.
قال الإمامان ؛ محمّد بن يزيد المبرّد ، وأحمد بن يحيى تغلب ، يقال : بدّلت الخاتم حلقه ، وقميصي جبّة. بخلاف أبدلت ، لأنّ معناه : نحّيت الأصل وأتيت بغيره ، وبدّلت بغيره. وبدّلت ، معناه : غيّرت صفته ، والأصل باق (٣).
قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ، خالِدِينَ فِيها أَبَداً. لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) ؛ يعني : من الحيض والحبل وأقذار ، وما تلقى النّساء في الدّنيا من ذلك.
(وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٥٧) ؛ يعني : كنّا كنينا. بخلاف ظلّ الدّنيا ، المنسوخ بالشّمس والحرّ والبرد.
وعن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ قال : [ظلّا ظليلا] باردا في الصّيف ، حارّا في الشتاء (٤).
قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ ، أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) :
__________________
(١) ج ، د : أحرقت.
(٢) ليس في ج ، د.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٩٧ نقلا عن الزجّاج والبلخي وأبي علي الجبائي.
(٤) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
قال ابن جريج (١) : نزلت هذه الآية في ردّ مفتاح البيت (٢) الحرام إلى عثمان بن طلحة بن شيبة ، وكان قد قتل أبوه يوم بدر. وفي ردّ السّقاية إلى العبّاس بن عبد المطّلب ، وكان قد أخذ ذلك منهما (٣).
وروي عن الصّادق ؛ جعفر بن محمّد ـ عليهما السلام ـ أنّه قال : ذلك ما أوجب الله على الإمام [من النّصّ على الإمام] (٤) الّذي بعده ، والوصيّة إليه في كلّ ما تحتاج الأمّة إليه ممّا ألقاه النّبيّ ـ عليه السلام ـ إليهم (٥) وهذا من باطن القرآن [وسرّه الّذى] (٦) ، لا يعلمه إلّا الله ورسوله والرّاسخون في العلم من آله ـ عليهم السلام ـ (٧).
وفي رواية عن عبد الله بن عبّاس وأبيّ بن كعب ، قالا : الآية عامّة في ذلك وفي غيره ، ممّا افترض الله ـ تعالى ـ عليهم [وأمرهم] (٨) بتبليغه (٩) إلى عباده (١٠).
قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ،
__________________
(١) الظاهر أنّ ما أثبتناه في المتن هو الصواب وفي النسخ : ابن دريح.
(٢) ليس في ج : البيت.
(٣) أنظر : أسباب النزول / ١١٧ وتفسير الطبري ٥ / ٩٢ والتبيان ٣ / ٢٣٤ ومجمع البيان ٣ / ٩٩.
(٤) ليس في ج.
(٥) ليس في أ.
(٦) ج ، د : وسرّه الّذي.+ أ : وشرع الدّين.
(٧) ورد مؤدّاه في كثير من الروايات أنظر : كنز الدقائق ٣ / ٤٣٥ ـ ٤٣٧ ، البرهان ١ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، نور الثقلين ١ / ٤٩٥ ـ ٤٩٦.
(٨) ليس في ج.
(٩) ج ، د : تبليغه.
(١٠) أنظر : مجمع البيان ٣ / ٩٨.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (٥٨)