قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مناظرات المستبصرين

مناظرات المستبصرين

مناظرات المستبصرين

تحمیل

مناظرات المستبصرين

427/569
*

عَلَى الْكَافِرِينَ ) (١) ، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بتعظيم الوالدين والتذُّلل لهم : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) (٢) ، وأكثر من ذلك أنّ الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، والسجود ـ كما تعلمون ـ أكمل مرتبة في الخضوع والتذلّل.

فإذا كان كما تدّعي الوهابيَّة فتكون كل الملائكة مشركة ، وإبليس هو الموحِّد الوحيد لأنه رفض السجود ..

إلى أن يقول : فإذن لا يمكن أن يكون أيُّ خضوع أو تذلّل عبادة ، ولابد أن يكون هناك ملاكٌ آخر أكثر دقّة ، وهو مسألة الاعتقاد ، فإنّ الخضوع إذا كان مقترناً بالاعتقاد بألوهيَّة المخضوع له ، فيكون هذا الخضوع عبادة ، بل إن أيَّ تصرُّف يكون بدافع الاعتقاد لغير الله فهو مصداقٌ للشرك ، فالخضوع والتذلّل بمعزله ليس شركاً ، والاعتقاد في غير الله شرك ، وإن كان من غير خضوع أو تذلّل.

فيتّضح من ذلك أنّ العبادة هي خضوع مقترن بالاعتقاد في غير الله تعالى ، أمَّا الخضوع والتذلّل من غير اعتقاد يمكن أن يناقش من جهة الحسن والقبح ، وهذا دائر مدار العناوين التي تطرأ على التذلُّل ، فمثلا يكون تذلُّل المؤمن لغير المؤمن قبيحاً ، ونفس هذا التذلُّل عندما يكون من المؤمن للمؤمنين يكون حسناً ، بل هو مستحب ، فإذن هو خارج تخصّصاً عن مبحث التوحيد والشرك ، وسحبه على هذا البحث يكون مقدِّمة فاسدة تؤدِّي إلى نتائج حتماً فاسدة.

__________________

١ ـ سورة المائدة ، الآية : ٥٤.

٢ ـ سورة الإسراء ، الآية : ٢٤.