خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٢

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-86-8
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٤٧١

الخامس : العالم الفاضل ، رضي الدين علي بن الشيخ سديد الدين يوسف ـ أخو العلامة ـ صاحب كتاب العدد القوية ، الذي قد أكثر في البحار النقل عن المجلد الثاني منه الذي وصل إليه ، ويظهر منه أنه كتاب نافع جامع ، توفي في حياة والده.

عن والده سديد الدين يوسف (١).

وعن المحقق نجم الدين (٢) ، ويأتي ذكر طرقهما (٣).

ثالث عشرهم : العالم الجليل السيد ضياء الدين عبد الله بن أبي الفوارس ، أخو السيد عميد الدين صاحب منية اللبيب في شرح التهذيب.

وفي الرياض : هو الفقيه الجليل ، الأعظم الأكمل الأعلم الأفضل ، الكامل المعروف بالسيد ضياء الدين الأعرج الحسيني (٤).

عن خاله الأعظم والطود الأشم العلامة رحمه‌الله

رابع عشرهم : أجلّ مشايخه (٥) وأعظم أساتيذه ، العالم المحقق ، النقاد الفقيه ، فخر الملّة والدين ، أبو طالب محمّد ابن آية الله العلامة ، المعبّر عنه في الكتب الفقهية : بفخر الدين ، وفخر الإسلام ، وفخر المحققين ،

__________________

(١) يأتي في صفحة : ٤١٧.

(٢) أورد جميع هذه الطرق الخمس في المشجرة.

(٣) يأتي في صفحة : ٤١٦ و ٤٦٦.

(٤) رياض العلماء ٣ : ٢٤٠.

(٥) إلى هنا انتهى تعداد مشايخ الشهيد الأول. وقد أضاف لهم في المشجرة الخامس عشر وهو الشيخ شهاب الدين وهو من علماء العامة. وترك ذكر ثلاثة وهم :

١ ـ السيد أبو طالب أحمد بن محمد بن زهرة الحلبي.

٢ ـ السيد عبد الحميد بن فخار الموسوي.

٣ ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي المعالي العلوي الموسوي.

٤٠١

والفخر. المتولد في ليلة الاثنين العشرين من جمادى الأولى سنة ٦٨٢ المتوفى ليلة الجمعة الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ٧٧١ صاحب التحقيقات الشائعة ، والتصانيف الرائقة ، ومنها المسائل الحيدرية ، وهي مسائل سأله عنها تلميذه الأجل السيد حيدر الآملي ـ صاحب : الكشكول ، ومنبع الاسرار ـ وهي موجودة عندي بخط السيد والأجوبة بخط الفخر ، بين السطور وبعضها في الحاشية.

قال السيد بعد الحمد والصلاة : هذه مسائل سألتها عن جناب الشيخ الأعظم سلطان العلماء في العالم ، مفخر العرب والعجم ، قدوة المحققين ، مقتدى الخلائق أجمعين ، أفضل المتأخرين والمتقدمين ، المخصوص بعناية ربّ العالمين ، الإمام العلامة في الملّة والحق والدين ، ابن المطهّر مدّ الله ظلال إفضاله ، وشيّد أركان الدين ببقائه ، مشافهة في مجالس متفرقة على سبيل الفتوى. وكان ابتداء ذلك في سلخ رجب المرجب سنة تسع وخمسين وسبعمائة هجرية نبويّة هلالية ، ببلدة الحلة السيفية حماها الله عن الحدثان ، وأنا العبد الفقير حيدر بن علي بن حيدر العلوي العلوي الحسيني الآملي ، أصلح الله حاله ، وجعل الجنّة مآله ، ما يقول شيخنا. إلى آخره. وبخطه الشريف في الحاشية متصلا بقوله هذه مسائل : هذا صحيح (١) ، قرأ عليّ أطال الله عمره ، ورزقنا بركته وشفاعته عند أجداده الطاهرين ، وأجزت له رواية الأجوبة عنّي ، وكتب محمّد بن المطهّر.

وتقدم في أول الفائدة ما يناسب المقام (٢).

__________________

(١) في الحاشية كتب المصنف : ظاهرا ، والكلمة مشتبهة جدّا. ( منه قدس‌سره )

(٢) تقدم في صفحة ١٧ ـ ١٩.

٤٠٢

عن عمه (١) الأجل المتقدم ذكره (٢).

وعن والده : الشيخ الأجل الأعظم ، بحر العلوم والفضائل والحكم ، حافظ ناموس الهداية ، كاسر ناقوس الغواية ، حامي بيضة الدين ، ماحي آثار المفسدين ، الذي هو بين علمائنا الأصفياء كالبدر بين النجوم ، وعلى المعاندين الأشقياء أشد من عذاب السموم ، وأحدّ من الصارم المسموم ، صاحب المقامات الفاخرة ، والكرامات الباهرة ، والعبادات الزاهرة ، والسعادات الظاهرة ، لسان الفقهاء والمتكلمين ، والمحدثين والمفسرين ، ترجمان الحكماء والعارفين ، والسالكين المتبحرين ، الناطق عن مشكاة الحق المبين ، الكاشف عن أسرار الدين المتين ، آية الله التامة العامة ، وحجة الخاصة على العامة ، علامة المشارق والمغارب ، وشمس سماء المفاخر والمناقب ، والمكارم والمآرب ، الشيخ جمال الدين أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن زين الدين علي بن مطهّر الحليّ ، أفاض الله تعالى على مرقده شآبيب الرحمة والرضوان ، وأسكنه أعلى غرف الجنان.

أمه أخت نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد المحقق.

تولّد في التاسع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة ٦٤٨ ، وتوفي في يوم السبت الحادي والعشرين من محرم الحرام سنة ٧٢٦.

وكان آية الله لأهل الأرض ، وله حقوق عظيمة على زمرة الإمامية ، والطائفة الحقة الاثنى عشرية ، لسانا وبيانا ، تدريسا وتأليفا ، وكفاه فخرا على من سبقه ولحقه مقامه المحمود في اليوم المشهود الذي ناظر فيه علماء المخالفين فأفحمهم ، وصار سببا لتشيع السلطان محمّد الملقب بشاة خدابنده الجايتوخان

__________________

(١) من هنا بدأ بتعداد مشايخ فخر المحققين ، وعمه هو : رضي الدين علي بن سديد الدين يوسف أخ العلاّمة.

(٢) تقدم في صفحة : ٤٠١

٤٠٣

ابن ارغون خان بن اباقا خان بن هولاكو خان بن تولى خان بن چنگيزخان ، وصارت السكة والخطب في البلاد بأسامي الأئمة عليهم‌السلام.

فإن السلطان غازان خان في سنة اثنتين وسبعمائة كان في بغداد ، فاتفق أن سيدا علويا صلّى الجمعة في يوم الجمعة في الجامع ببغداد مع أهل السنة ، ثم قام وصلّى الظهر منفردا ، فتفطنوا منه ذلك ، فقتلوه فشكا أقاربه إلى السلطان ، فانكسر خاطره وأظهر الملالة من أنّه لمجرّد إعادة الصلاة يقتل رجلا من أولاد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يكن له علم بالمذاهب الإسلامية ، فقام يتفحص عنها.

وكان في أمرائه جماعة متشيّعون منهم : أمير طرمطار بن مانجوبخشى بخشى ، وكان في خدمة السلطان من صغره ، وكان له وجه عنده ، وكان يستنصر مذهب التشيع ، ولمّا رآه مغضبا على أهل السنة ، انتهز الفرصة ورغّبه في مذهب التشيع ، فمال إليه ، وقام في تربية السادة ، وعمارة مشاهد الأئمة عليهم‌السلام إلى أن توفي.

وقام بالسلطنة أخوه السلطان محمّد ، وصار مائلا إلى الحنفية بإغواء جمع من علمائهم ، فكان يكرمهم ويوقّرهم ، فكانوا يتعصبون لمذهبهم ، وكان وزيره خواجه رشيد الدين الشافعي ملولا من ذلك ، ولكن لم يكن قادرا على التكلم بشيء من جهة السلطان ، إلى أن جاء القاضي نظام الدين عبد الملك من مراغة إلى خدمة السلطان ، وكان ماهرا في المعقول والمنقول ، فجعله قاضي القضاة لتمام ممالكه ، فجعل يناظر مع علماء الحنفية في محضر السلطان في مجالس عديدة فيعجزهم ، فمال السلطان إلى مذهب الشافعية ، والحكاية المشهورة في الصلاة وقعت في محضره ، فسأل العلامة قطب الدين الشيرازي إن أراد الحنفي أن يصير شافعيا فماله أن يفعل؟ فقال : هذا سهل يقول : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله.

٤٠٤

وفي سنة تسع وسبعمائة أتى ابن صدرجهان الحنفي من بخارى إلى خدمة السلطان ، فشكا إليه الحنفية من القاضي نظام الدين ، وأنه أذلّنا عند السلطان وأمرائه ، فألطف بهم ووعدهم إلى أن كان في يوم الجمعة في محضر السلطان ، سأل القاضي مستهزئا عن جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزنا على مذهب الشافعي فقرره القاضي ، وقال : هو معارض بمسألة نكاح الأخت والأم في مذهب الحنفية ، فطال بحثهما وآل إلى الافتضاح ، وأنكر ابن صدر الحنفي ذلك ، فقرأ القاضي من منظومة أبي حنيفة :

وليس في لواطة من حدّ

ولا بوطء الأخت بعد عقد

فأفحموا وسكتوا وملّ السلطان وأمراؤه ، وندموا على أخذهم مذهب الإسلامية (١) ، وقام السلطان مغضبا ، وكانت الأمراء يقول بعضهم لبعض : ما فعلنا بأنفسنا؟! تركنا مذهب آبائنا وأخذنا دين العرب المنشعب إلى مذاهب ، وفيها نكاح الأم والأخت والبنت ، فكان لنا أن نرجع إلى دين أسلافنا. وانتشر الخبر في ممالك السلطان ، وكانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منهم ويستهزئون بهم ، ويسألونهم عن هذه المسائل.

وفي هذه الأيام وصل السلطان في مراجعته إلى كلستاني ، وكان فيه قصر بناه أخوه السلطان غازان خان فنزل السلطان مع خاصته فيه.

فلمّا كان الليل أخذهم رعد وبرق ومطر عظيم في غير وقته بغتة ، وهلك جماعة من مقرّبي السلطان بالصاعقة ، ففزع السلطان وأمراؤه وخافوا ، فرحلوا منه على سرعة. فقال له بعض أمرائه : إنّ على قاعدة المغول لا بدّ أن يمرّ السلطان على النار ، فأمر بإحضار أساتيذ هذا الفن فقالوا : إنّ هذه الواقعة من

__________________

(١) كذا ، ولعل الصحيح : بالمذاهب الإسلامية.

٤٠٥

شؤم الإسلام ، فلو تركه السلطان تصلح الأمور.

فبقي السلطان وأمراؤه متذبذبين في مدّة ثلاثة أشهر في تركهم دين الإسلام ، وكان السلطان متحيرا متفكرا ويقول : أنا نشأت مدّة في دين الإسلام ، وتكلّفت بالطاعات والعبادات فكيف أترك دين الإسلام؟

فلما رأى أمير طرمطار تحيّره في أمره قال له : إن السلطان غازان خان كان أعقل الناس وأكملهم ، ولمّا وقف على قبائح أهل السنة مال إلى مذهب التشيّع ، ولا بدّ أن يختاره السلطان.

فقال : ما مذهب الشيعة؟

قال أمير طرمطار : المذهب المشهور بالرفض.

فصاح عليه السلطان : يا شقي ، تريد أن تجعلني رافضيا. فأقبل الأمير يزين مذهب الشيعة ويذكر محاسنه له.

وقال : تقول الشيعة : إن الملك يصير بعد السلطان إلى ولده ، وتقول أهل السنة : إنه ينتقل إلى الأمراء. فمال السلطان إلى التشيع.

وفي هذه الأيام ورد على السلطان السيد تاج الدين الآوي الإمامي مع جماعة من الشيعة ، وكانوا يناظرون مع القاضي نظام الدين في محضر السلطان في مباحث كثيرة ، فعزم السلطان الرواح إلى بغداد وزيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فلمّا ورد رأى بعض ما قوى به دين الشيعة ، فعرض السلطان صورة الواقعة على الأمراء ، فحرّضه عليه من كان منهم في مذهب الشيعة ، فصدر الأمر بإحضار أئمة الشيعة. فطلبوا جمال الدين العلامة ، وولده فخر المحققين ، وكان مع العلامة من تأليفاته كتاب نهج الحق وكشف الصدق ، وكتاب منهاج الكرامة ، فأهداهما إلى السلطان ، وصار موردا للإلطاف والمراحم.

فأمر السلطان قاضي القضاة نظام الدين عبد الملك ـ وهو أفضل علماء

٤٠٦

زمانهم ـ أن يناظر مع آية الله العلامة ، وهيّأ مجلسا عظيما مشحونا بالعلماء والفضلاء ، فأثبت العلامة ـ رفع الله تعالى أعلامه ـ بالبراهين القاطعة ، والدلائل الساطعة ، خلافة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا فصل ، وأبطل خلافة الثلاثة ، بحيث لم يبق للقاضي مجال مدافعة وإنكار ، بل شرع في مدح العلامة واستحسن أدلّته.

قال : غير أنّه لمّا سلك السلف سبيلا فاللازم على الخلف أن يسلكوا سبيلهم ، لإلجام العوام ، ودفع تفرّق كلمة الإسلام ، ويستر زلاّتهم ، ويسكت في الظاهر عن الطعن عليهم. ودخل السلطان وأكثر أمرائه في ذلك المجلس في مذهب الإمامية ـ كثرهم الله تعالى ـ وتابوا من البدع التي كانوا عليها ، وأمر السلطان في تمام ممالكه بتغيير الخطبة ، وإسقاط أسامي الثلاثة عنها ، وبذكر أسامي أمير المؤمنين وسائر الأئمة عليهم‌السلام على المنابر ، وبذكر ( حي على خير العمل ) في الأذان ، وبتغيير السكة ونقش الأسامي المباركة عليها.

ولمّا انقضى مجلس المناظرة خطب العلامة خطبة بليغة شافية ، وحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلّى الله عليه وعلى آله.

فقال السيد ركن الدين الموصلي الذي كان ينتظر عثرة منه ـ ولم يعثر عليها ـ : ما الدليل على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهم‌السلام. فقرأ العلامة رحمه‌الله قوله تعالى : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) (١).

فقال الموصلي : ما الذي أصاب عليا وأولاده عليهم‌السلام من المصيبة حتى استوجبوا الصلاة عليهم؟

فعدّ الشيخ بعض مصائبهم ، ثم قال : أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٥٦ ـ ١٥٧.

٤٠٧

يكون مثلك تدّعي أنّك من أولادهم ثم تسلك سبيل مخالفيهم ، وتفضل بعض المنافقين عليهم ، وتزعم الكمال في شرذمة من الجهال؟! فاستحسنه الحاضرون ، وضحكوا على السيد المطعون ، فأنشد بعض من حضر :

إذا العلوي تابع ناصبيا

لمذهبه فما هو من أبيه

وكان الكلب خيرا منه طبعا

لأن الكلب طبع أبيه فيه

وجعل السلطان بعد ذلك السيد تاج الدين محمّد الآوي ـ المتقدم ذكره (١) ـ وهو من أقارب السيد الجليل رضيّ الدين محمّد بن محمد الآوي ، نقيب الممالك ، وله ولأولاده شرح يطول.

هذا ، ولآية الله العلامة بعد ذلك من المناقب والفضائل ما لا يحصى.

أمّا درجاته في العلوم ومؤلّفاته فيها فقد ملأت الصحف ، وضاق عنها الدفتر ، وكلّما أتعب نفسي فحالي كناقل التمر إلى هجر ، فالأولى تبعا لجمع من الأعلام الإعراض عن هذا المقام.

وفي الرياض : إنه كان من أزهد الناس وأتقاهم ، ومن زهده ما حكاه السيد حسين المجتهد في رسالة النفحات القدسية عنه ، أنه قدس‌سره أوصى بجميع صلواته وصيامه مدّة عمره وبالحج عنه ـ مع أنه كان قد حجّ ـ كما نقله في شأن الشيخ علي الكركي أيضا (٢).

وذكر القاضي في المجالس وبعض فضلاء عصر شيخنا البهائي (٣) حكاية له رحمه‌الله مع اختلاف يسير بينهما ، ونحن نسوقها بلفظ الثاني ، قال :

__________________

(١) تقدم في صفحة : ٤٠٦.

(٢) رياض العلماء ١ : ٣٦٥.

(٣) في الحجري زيادة : في كشكوله. ولا مورد لها.

٤٠٨

وقيل : إنه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه ، وكان يأبى عليه ، وكان كتابا كبيرا جدّا ، فاتفق أنه أخذه منه مشترطا بأنه لا يبقى عنده غير ليلة واحدة ، وهذا كتاب لا يمكن نسخة إلاّ في سنة أو أكثر ، فأتى به الشيخ رحمه‌الله وشرع في كتابته في تلك الليلة ، فكتب منه صفحات وملّ ، وإذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز ، فسلّم وجلس ثم قال : أيّها الشيخ ، تمسطر لي الأوراق وأنا أكتب ، فكان الشيخ يمسطر له الورق وذلك الرجل يكتب ، وكان لا يلحق المسطر بسرعة كتابته ، فلمّا نقر ديك الصباح وصاح ، وإذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.

وقد قيل : إن الشيخ لمّا ملّ الكتابة نام ، فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا ، وصرّح في المجالس بأنه كان هو الحجة عليه‌السلام (١).

وهذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من النواميس العظام ، وحفّاظ شريعة خير الأنام عليه وآله الصلاة والسلام.

الأول : الشيخ الجليل مفيد الدين محمّد بن علي بن محمد بن جهم الأسدي أحد المشايخ الفقهاء الأجلّة ، وهو الذي لمّا سأل الشيخ الأعظم الخواجه نصير الدين عن المحقق نجم الدين ، لمّا حضر عنده بالحلة ، واجتمع عنده فقهاؤها : من أعلم الجماعة بالأصولين؟ فأشار في الجواب إليه وإلى والد العلامة ، وقال : هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه.

عن السيد المؤيد فخار بن معد.

الثاني : الحكيم المتألّه كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة ، وشارح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قد أفرد في شرح حاله بالتأليف المحقق البحراني الشيخ

__________________

(١) مجالس المؤمنين ١ : ٥٧٣.

٤٠٩

سليمان وسمّاه : السلافة البهية.

وقال ـ أيضا ـ في الفصل الذي ألحقه ببلغته في الرجال في ذكر علماء البحرين : ومنهم العالم الرباني ، والعارف الصمداني ، كمال الدين ميثم بن علي ابن ميثم البحراني ، وهو المشهور في لسان الأصحاب بالعالم الرباني ، والمشار إليه في تحقيق الحقائق ، وتشييد المباني.

ثم ذكر بعض مناقبه وفضائله ومؤلفاته. إلى أن قال : وقبره متردد بين بقعتين كلتاهما مشهورة بأنها مشهده ، إحداهما : في صيانة الدويخ ، والأخرى : في هلتا (١) من الماحوز ، وأنا أزوره فيهما احتياطا ، وإن كان الغالب على الظن أنه في هلتا ، لوفور القرائن على ذلك من ظهور آثار الدعوات ، وتوافر المنامات.

ومن غريب ما اتفق من المنامات في ذلك أن بعض المؤمنين من أهل الماحوز ممّن لا سواد له ، وهو متمسك بظاهر الخبر ، رأى في المنام أن الشيخ كمال الدين مضطجع فوق ساجة قبره الذي في هلتا ، مسجى بثوب ، وقد كشف الثوب عن وجهه قال : فشكوت إليه ما نلقى من الأعراب ، فأجابني بقوله تعالى : ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (٢) ثم سألته عن قوله تعالى : ( انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ) (٣) الآية.

فقال : إن النواصب ومن يشاكلهم في عقائدهم الفاسدة ينطلقون إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد كطمهم العطش والحرّ ، فيطلبون منه السقيا والاستظلال ، فيقول لهم : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذّبون ـ يعني عليا عليه‌السلام ـ فينطلقون إلى علي عليه‌السلام فيقول لهم : انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث

__________________

(١) الدويخ والهلتا : قريتين من قرى البحرين.

(٢) الشعراء ٢٦ : ٢٢٧.

(٣) المرسلات ٧٧ : ٢٩ ـ ٣٠.

٤١٠

شعب ، يعني به الثلاثة المتلصصة خذلهم الله. وكان ذلك في سنة ١١٠٢.

ثم إن الرجل سألني عن هذه الآية ، ولم يكن يحضرني ما ورد من أهل البيت عليهم‌السلام فيها ، فأخبرته بتفاسير ، فقال : ألها تفسير غير هذا؟ ففتشنا تفسير الشيخ الثقة الجليل أبي الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم ، فوجدت التفسير الذي حكاه عن منامه مرويّا فيه عنهم عليهم‌السلام ، وهو من أغرب المنامات (١).

قلت : الظاهر أن قوله : أبي الحسن إلى آخره من سهو قلمه الشريف ، إذ ليس في تفسير القمي ما نسبه إليه ، ولا نقله أحد عنه ، والذي فيه ما رواه في ذلك تفسير الثقة محمّد بن العباس بن الماهيار ، رواه فيه مسندا عن الصادق عليه‌السلام ، على ما نقله عنه الشيخ شرف الدين في كتاب تأويل الآيات (٢).

توفي رحمه‌الله تعالى سنة ٦٧٩.

وقد ذكرنا في الفائدة السابقة (٣) شرح حال كتاب الاستغاثة ، وأن نسبته إليه من الأغلاط الظاهرة ، فلاحظ.

وهذا الشيخ يروي عن جماعة عثرنا على اثنين منهم.

الأول : الفيلسوف الأعظم الخواجه نصير الدين ، الآتي ذكره (٤).

وقال الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين ، في ترجمته في مادة مثم : إنه شيخ نصير الدين في الفقه (٥).

وفي اللؤلؤة ، عن الرسالة المسمّاة بالسلافة البهيّة ، للشيخ سليمان

__________________

(١) بلغة الرجال. غير متوفر لدينا.

(٢) تأويل الايات ٢ : ٧٥٥.

(٣) تقدم في الجزء الأول : ١٦٩ ـ ١٧١.

(٤) يأتي في صفحة : ٤٢٢.

(٥) مجمع البحرين ٦ : ١٧٢.

٤١١

البحراني : وجدت بخط بعض الأفاضل المعتمدين أن الخواجه تلمذ على الشيخ كمال الدين ميثم في الفقه ، والشيخ كمال الدين تلمّذ على الخواجه في الحكمة (١).

الثاني : الشيخ الجليل جمال الدين ـ أو كمال الدين ـ علي بن سليمان البحراني (٢) ، الفاضل الجليل الصمداني ، الحكيم العالم الرباني.

في الخلاصة : كان عالما بالعلوم العقلية والنقلية ، عارفا بقواعد الحكماء ، له مصنفات حسنة (٣).

وقال صاحب المعالم : رأيت منها كتاب مفتاح الخير في شرح رسالة الطير للشيخ أبي علي ابن سينا ، وشرح قصيدة ابن سينا في النفس ، وفيها دلالة واضحة على ما وصفه به العلامة وزيادة (٤). انتهى.

وهو الذي أرسل إلى الخواجه نصير الدين رسالة العلم وتوابعها لأستاذه الشيخ كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة البحراني ، والتمس منه شرح تلك الرسالة ، فقال الخواجه في أوّل شرحه عليها :

أتاني كتاب في البلاغة منته

إلى غاية ليست تقارب بالوصف

وذكر أبياتا ثم قال : وردت رسالة شريفة ، ومقالة لطيفة ، مشحونة بفرائد الفوائد ، مشتملة على صحائف اللطائف ، مستجمعة لعرائس النفائس ، مملوّة

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٢٤٧.

(٢) اقتصر في المشجرة على ذكر هذا الطريق ولم يورد الأول.

(٣) لم يرد له ذكر في المطبوعة من الخلاصة ولا المخطوطة التي عليها تعليقات الشهيد.

ولكن صاحب الرياض ٤ : ١٠١ نسب ذلك للخلاصة وتابعه الشيخ المصنّف قدس‌سرهم. ولدى التتبّع عثر على هذا النص في إجازة العلاّمة لبني زهرة المطبوعة ضمن البحار ١٠٧ : ٦٥.

(٤) بحار الأنوار ١٠٩ : ٢٦ ، كذلك انظر أمل الآمل ٢ : ١٨٩ / ٥٦٠.

٤١٢

من زواهر الجواهر ، من الجناب الكريم السيد السندي ، العالمي العاملي ، الفاضلي المفضلي ، المحققي المدققي ، الجمالي الكمالي ، أدام الله جماله ، وحرس كماله ، إلى الداعي الضعيف ، المحروم اللهيف ، محمّد الطوسي. إلى آخره.

وهو موجود عندي بخط العالم المتألّه السيد حيدر الآملي.

وفي اللؤلؤة : وقبره الآن في قرية سترة من قرايا بلادنا البحرين ، إلى جنب قبر شيخه ابن سعادة (١).

عن الشيخ المحقق المتكلم النحرير ، كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي ابن سعيد بن سعادة.

قال المحقق الشيخ سليمان : له رسالة العلم التي شرحها سلطان المحققين خواجة نصير الملة والدين الطوسي ، وهي رسالة جيدة تشعر بفضل غزير ، وقد أثنى عليه الخواجه في ديباجة شرحه ثناء عظيما.

قلت : قال بعد قوله المتقدم وشطر من وصف الرسالة : وهي أوراق مشتملة على رسائل في ضمنها مسائل ، أرسلها وسأل عنها من كان أفضل زمانه ، وأوحد أقرانه ، الذي نطق الحق على لسانه ، ولوح الحقيقة في بيانه ، ورأيت المولى أدام الله فضائله قد سألني الكلام فيها ، وكشف القناع عن مطاويها ، وأين أنا من المبارزة مع فرسان الكلام ، والمعارضة مع البدر التمام؟ وكيف يصل الأعرج إلى قلة الجبل المنيع ، وأنى يدرك الظالع شأو الضليع (٢). إلى آخره.

عن الشيخ نجيب الدين محمّد السوراوي الآتي ذكره في مشايخ ابني طاوس (٣).

__________________

(١) لؤلؤة البحرين : ٢٦٥.

(٢) فهرست آل بابويه وعلماء البحرين : ٦٨ و ٩٢.

(٣) يأتي في صفحة : ٤٦٥.

٤١٣

الثالث ـ من مشايخ آية الله العلاّمة ـ : العالم الفاضل الحسن (١) بن الشيخ كمال الدين علي بن سليمان ، المتقدم ذكره (٢).

عن والده ، صرّح بذلك في إجازته الكبيرة (٣).

الرابع : الشيخ نجيب الدين أبو أحمد ـ أو أبو زكريا ـ يحيى بن أحمد ابن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي الهذلي الفاضل العالم الفقيه ، الأديب النحوي ، المعروف : بالشيخ نجيب الدين ، ابن عم المحقق ، وصاحب كتاب الجامع ، وكتاب نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر.

المتولّد سنة ٦٠١ ، وامه بنت الفقيه محمّد بن إدريس صاحب السرائر.

قال ابن داود في ترجمته : شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة ، كان جامعا لفنون العلوم الأدبية والفقهية والأصولية ، كان أورع الفضلاء وأزهدهم. إلى أن قال : مات في ذي الحجة سنة ٦٩٠ (٤).

وفي الرياض ، عن الكفعمي في حواشي فرج الكرب ، بعد ذكره ، وذكر بعض مؤلفاته. ومدحه بعض الفضلاء :

ليس في الناس فقيه

مثل يحيى بن سعيد.

صنّف الجامع فقها

قد حوى كلّ شريد.

ومدحه بعض الفضلاء بقوله :

يا سعيد الجدود يا بن سعيد

أنت يحيى والعلم باسمك يحيى

__________________

(١) هذا وفي أمل الآمل ٢ : ٩٩ / ٢٦٨ و ١٨٩ / ٥٦٠ ، وبحار الأنوار ١٠٧ : ٦٥ ، ولؤلؤة البحرين : ٢٦٤ / ٩١ : الحسين.

(٢) أي ذكر الشيخ كمال الدين الذي تقدم في صفحة : ٤١٢.

(٣) انظر بحار الأنوار ١٠٧ : ٦٥.

(٤) رجال ابن داود : ٢٠٢ ، وقد ذكر وفاته في المشجرة سنة ٦٨٩.

٤١٤

ما رأينا كمثل بحثك بحثا

ظنّه العالم المحقق وحيا

وذكر في الرياض : أنه رأى خطّ غياث الدين عبد الكريم بن طاوس ، على هامش معالم العلماء ، هكذا : بلغ قراءة على شيخنا العلامة بقيّة المشيخة نجيب الدين يحيى بن سعيد أدام الله تعالى بركته (١) إلى آخره.

وبالجملة فهو من الفقهاء المعروفين المنقول فتاويه في كتب الأصحاب ، صاحب التصانيف الكثيرة التي أهمل ذكرها المترجمون سوى خرّيت هذه الصناعة صاحب الرياض ، فرأيت ذكرها أداء لبعض حقوقه ، وإن بنينا على عدم ذكر المؤلفات في التراجم ، لوجودها في أغلب الفهارس ، وهذه صورتها :

كتاب الجامع للشرائع في الفقه.

كتاب نزهة الناظر في الفقه.

كتاب المدخل في أصول الفقه.

كتاب الفحص والبيان عن أسرار القرآن ، نسبه إليه الشيخ زين الدين البياضي في كتابه الصراط المستقيم ، وقال : إنه قد قابل ذلك الكتاب الآيات الدالة على اختيار العبد بالآيات الدالّة على الجبر ، فوجد آيات العدل تزيد على آيات الجبر بسبعين آية (٢).

كتاب معالم الدين في الفقه ، نسبه إليه سبط الشيخ على الكركي في رسالة اللمعة في مسألة صلاة الجمعة.

وكتاب كشف الالتباس عن نجاسة الأرجاس (٣) ، نسبه إليه الكفعمي في بعض مجاميعه.

__________________

(١) رياض العلماء ٥ : ٣٣٧.

(٢) الصراط المستقيم ١ : ٢٣.

(٣) في الحجريّة : كشف الالتباس عن مجانبة الأرجاس.

٤١٥

مسألة في نجاسة المشركين.

كتاب في السفر ، نسبه إليه الشهيد في الذكرى (١).

مسألة في البحث عن قضاء الصلوات الفائتة ، نسبها إليه الشهيد في شرح الإرشاد (٢).

فمن الغريب ـ بعد ذلك ـ ما في الروضات ، في ترجمة المحقق ، بعد ذكر اسم الشيخ المذكور في سلك تلامذة المحقق ، ما لفظه : وظني أن معظم تسلّط الشيخ نجيب الدين المذكور كان في فنون العربية والأخبار ، لما نقله صاحب البغية ـ يعني السيوطي ـ بعد الترجمة له بعنوان : يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد ، الفاضل نجيب الدين الهذلي الشيعي ، عن الفاضل الذهبي إنه لغوي أديب ، حافظ للأحاديث ، بصير باللغة والأدب ، من كبار الرافضة (٣). إلى آخره.

وهذا الذهبي من النصاب المعروفين عند أصحابنا ، فكيف ظن بقوله ولم يظن بقول تلميذه الأجل ابن داود ، وغيره من مترجمي أصحابنا ، أنه من كبار فقهائنا؟!

ويروي هذا الشيخ عن جماعة :

( أ ) ـ أبو حامد السيد محيي الدين الحسيني ، الآتي ذكره في مشايخ المحقق (٤).

( ب ) ـ نجم الدين ابن عمه المحقق ، صرّح بذلك الشيخ حسين بن علي ابن حماد الليثي في إجازته للشيخ نجم الدين خضر بن محمّد.

__________________

(١) ذكري الشيعة : ٢٥٦.

(٢) غاية المراد ونكت الإرشاد : مخطوط.

(٣) بغية الوعاة ٢ : ٣٣١ / ٢١٠٨ ، روضات الجنات ٢ : ١٨٧.

(٤) يأتي في الجزء الثالث : ٧ ، أورده في المشجرة وترك الباقي.

٤١٦

( ج ) ـ نجيب الدين أبو إبراهيم محمّد بن نما ، ويأتي في مشايخ المحقق أيضا (١).

( د ) ـ شمس الدين أبو علي فخار بن معد ، شيخ المحقق.

( ه‍ ) ـ الشيخ محمّد بن أبي البركات ، وقد تقدم ذكره (٢).

الخامس ـ من مشايخه ـ : والده الأجل الأكمل سديد الدين أبو يعقوب ـ ويقال أبو المظفر ـ يوسف بن زين الدين علي بن المطهّر الحلي ، الفقيه المتكلم الأصولي.

قال الشهيد في إجازته لابن الخازن ، في أثناء ذكر العلامة : ومنهم : الحسن ابن الإمام الأعظم الحجة أفضل المجتهدين ، السعيد الفقيه سديد الدين أبو المظفر ابن الإمام المرحوم زين الدين علي بن المطهّر ، أفاض الله على ضرائحهم المراحم الربانية ، وحباهم بالنعم الهنيئة (٣) ، انتهى.

ومنه يظهر أن زين الدين علي ـ جدّ العلامة ـ كان أيضا من العلماء المبرزين.

وقال العلامة رحمه‌الله في كشف اليقين ، في باب أخبار مغيبات أمير المؤمنين عليه‌السلام : ومن ذلك إخباره عليه‌السلام بعمارة بغداد ، وملك بني العباس وأحوالهم ، وأخذ المغول الملك منهم ، رواه والدي رحمه‌الله وكان ذلك سبب سلامة أهل الكوفة والحلة والمشهدين الشريفين من القتل. لانه لمّا وصل السلطان هولاكو إلى بغداد قبل أن يفتحها هرب أكثر الحلة إلى البطائح إلا القليل ، فكان من جملة القليل والدي رحمه‌الله والسيد مجد الدين بن

__________________

(١) يأتي في الجزء الثالث : ١٨.

(٢) تقدم في صفحة : ٣٣٨.

(٣) انظر بحار الأنوار ١٠٧ : ١٨٨ ، ورياض العلماء ٥ : ٣٩٥.

٤١٧

طاوس (١) ، والفقيه بن أبي الغزّ ، فأجمع رأيهم على مكاتبة السلطان بأنّهم مطيعون داخلون تحت الإيليّة ، وأنفذوا به شخصا أعجميا.

فأنفذ السلطان إليهم فرمانا مع شخصين أحدهما يقال له : نكله ، والآخر يقال له : علاء الدين ، وقال لهما : قولا لهم : إن كانت قلوبكم كما وردت به كتبكم تحضرون إلينا.

فجاء الأميران ، فخافوا لعدم معرفتهم بما ينتهي الحال إليه ، فقال والدي رحمه‌الله : إن جئت وحدي كفى؟ فقالا : نعم ، فأصعد معهما.

فلمّا حضر بين يديه ، وكان ذلك قبل فتح بغداد ، وقبل قتل الخليفة ، قال له : كيف قدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا بما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم؟! وكيف تأمنون أن يصالحني ورحلت عنه؟! فقال والدي رحمه‌الله : إنّما أقدمنا على ذلك لأنّا روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه قال في خطبة :

الزوراء وما أدراك ما الزوراء! أرض ذات أثل ، يشيّد فيها البنيان ، وتكثر فيها السكان ، ويكون فيها محارم وخزّان ، يتخذها ولد العباس موطنا ، ولزخرفهم مسكنا ، تكون لهم دار لهو ولعب ، يكون بها الجور الجائر ، والخوف المخيف ، والأئمة الفجرة ، والأمراء الفسقة ، والوزراء الخونة ، تخدمهم أبناء فارس والروم ، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه ، ولا يتناهون عن منكر إذا نكروه ،

__________________

(١) قال صاحب عمدة الطالب : [١٩٠] إن السيد الزاهد موسى بن جعفر من آل طاوس كان له أربع بنين : شرف الدين محمد ، وعز الدين الحسن ، وجمال الدين أبو الفضائل أحمد العالم الزاهد ، ورضي الدين أبو القاسم علي السيد الزاهد صاحب الكرامات نقيب النقباء بالعراق.

أمّا شرف الدين محمد فدرج ، وأمّا عزّ الدين الحسن فاعقب مجد الدين محمد السيد الجليل ، خرج إلى السلطان هولاكو خان ، وصنف له كتاب البشارة ، وسلم الحلة والنيل والمشهدين الشريفين من القتل والنهب ، ورد إليه النقابة بالبلاد والفراتية. إلى آخره ( منه قدس‌سره ) ، هامش الحجري.

٤١٨

تكتفي الرجال منهم بالرجال ، والنساء بالنساء. فعند ذلك الغمّ العميم ، والبكاء الطويل ، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك ، وهم قوم صغار الحدق ، وجوههم كالمجان المطرقة ، لباسهم الحديد ، جرد مرد ، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدأ ملكهم ، جهوري الصوت ، قوي الصولة ، عالي الهمة ، لا يمر بمدينة إلاّ فتحها ، ولا ترفع عليه رأيه إلاّ نكسها ، الويل الويل لمن ناواه ، فلا يزال كذلك حتى يظفر (١).

فلما وصف لنا ذلك ، ووجدنا الصفات فيكم ، رجوناك فقصدناك.

فطيّب قلوبهم ، وكتب لهم فرمانا باسم والدي رحمه‌الله يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها (٢). انتهى.

وهذا الشيخ يروي عن جماعة :

أ ـ المحقق خواجة نصير الدين الطوسي ، كما يظهر من إجازة الشيخ محمّد بن احمد الصهيوني للشيخ علي بن عبد العالي الميسي (٣).

ب ـ السيد العلامة النسابة فخار بن معد الموسوي ، صرح بذلك الشهيد الثاني في أخر كشف الريبة ، والمحقق الثاني في إجازته لسميّه (٤).

ج ـ نجيب الدين أبي إبراهيم محمّد بن نما ، كما يظهر من الإجازة المذكورة. (٥) د ـ الشيخ الإمام مهذب الدين الحسين (٦) بن أبي الفرج ابن ردة النيلي ،

__________________

(١) نهج السعادة ٣ : ٤٣٣ / ١١٥.

(٢) كشف اليقين : ١٠.

(٣) بحار الأنوار ١٠٨ : ٣٨.

(٤) كشف الريبة : ١١٩ / ٧ ، وبحار الأنوار ١٠٨ : ٤٤.

(٥) انظر بحار الأنوار ١٠٨ : ٤٤.

(٦) عبّر عنه في المشجرة : بالشيخ حسن بن ردة وهو اشتباه ، انظر رياض العلماء ٢ : ٨ ، وأمل الآمل ٢ : ٩٢ / ٢٥٠ ، وكذلك أعيان الشيعة ٥ : ٤١٧ و ٦ : ١٤.

٤١٩

العالم المحقق الجليل.

١ ـ عن رضى الدين أبي نصر الحسن ابن أمين الدين أبي علي الفضل ابن الحسن الطبرسي ، الفاضل الكامل ، الفقيه النبيه ، المحدث الجليل ، صاحب كتاب مكارم الأخلاق ، الجامع لمحاسن الأفعال والآداب ، الشائع بين الأصحاب.

عن والده (١) الجليل صاحب مجمع البيان ، الاتي (٢) ذكره إن شاء الله تعالى.

ويروي مهذب الدين الحسين بن ردة أيضا :

٢ ـ عن الشيخ الجليل أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي القاضي. في الأمل : كان عالما فاضلا فقيها (٣).

عن الإمام قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي ، الآتي ذكره في مشايخ ابن شهرآشوب (٤).

هـ ـ الفاضل الفقيه الصالح السيد أحمد بن يوسف بن أحمد العريضي العلوي الحسيني.

عن برهان الدين محمّد بن محمّد بن علي الحمداني القزويني ، الآتي في مشايخ الخواجه نصير الدين (٥).

و ـ الشيخ راشد بن إبراهيم البحراني ، المتقدم ذكره في مشايخ شمس الدين محمّد بن أحمد بن صالح السيبي (٦).

__________________

(١) لم يرد في المشجرة طريق لرواية الابن عن والده.

(٢) يأتي في الجزء الثالث : ٣٢ ، ٦٩.

(٣) أمل الآمل ٢ : ١٩ / ٤٣.

(٤) يأتي في الجزء الثالث : ٧٩.

(٥) يأتي في صفحة : ٤٢٨.

(٦) تقدم في صفحة : ٣٣٧.

٤٢٠