خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٢

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

خاتمة مستدرك الوسائل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-86-8
ISBN الدورة:
964-5503-84-1

الصفحات: ٤٧١

بمكة سنة ٢٧٧.

قال في تحفة الأزهار : كان عالما فاضلا ، ورعا زاهدا. إلى أن قال : عارفا بأصول العرب وفروعها وقصصها ، حافظا لأنسابها ووقائع الحرمين وأخبارها ، ولهذا لقّب بالنسّابة (١).

ابن أبي محمّد الحسن بن أبي الحسن جعفر الحجّة.

قال في التحفة : قال جدي حسن ـ المؤلف طاب ثراه (٢) ـ : إنه كان سيّدا شريفا عفيفا ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، جليل القدر ، عالي الهمة ، عالما عاملا. إلى أن قال : قائما ليله ، صائما نهاره ، وكان أبو القاسم طباطبا يعظّمه ويجلّه ويقول : جعفر هو الحجة من آل محمّد عليهم‌السلام ، فلقّب بذلك ، فعظّمه الناس ، ومالوا إليه ، فبلغ خبره إلى وهب بن وهب البختري والي المدينة من قبل هارون الرشيد فحبسه ثمانية عشر شهرا ، ولم يزل بالحبس إلى أن مات (٣) ، وهو صائم نهاره ، قائم ليله لم يفطر غير عيده ، وفي ولده الإمرة بالمدينة إلى عامنا هذا سنة ٩٩٢.

قلت : بل الحق إمارتهم إلى عامنا هذا سنة ١٠٨٨ (٤). انتهى.

ابن أبي علي عبيد الله الأعرج ـ لنقص بأحد رجليه ـ وكان سيدا جليلا ، وصفوه في الكتب بكلّ جميل ، تخلّف عن بيعة النفس الزكيّة محمّد بن عبد الله فأتي به إليه فغمض عينيه عنه فحبسه ، فلم يزل به إلى أن قتل محمّد فوفد على السفاح فأقطعه بالمدائن ضيعة تغل في السنة ثمانين ألف (٥) أو مائة ألف أو مائتي

__________________

(١) تحفة الأزهار : غير متوفر لدينا.

(٢) كذا ، ولا يخفى أن تحفة الأزهار هو للسيد ضامن بن زين الدين علي بن السيد حسن النقيب. ، فالمراد أن القائل هو السيد حسن النقيب جد المؤلف.

(٣) وضع المحدث النوري رحمه‌الله علامة الاستظهار هنا.

(٤) تحفة الأزهار : غير متوفر لدينا.

(٥) المجدي : ١٩٥.

٣٤١

ألف دينار ، ثم رحل إلى خراسان (١). وتوفي في ضيعة ذي أمران ـ أو ذي أمان ـ في حياة أبيه ، وعمره سبع وثلاثون سنة ، وقيل : ست وأربعون (٢).

ابن أبي عبد الله الحسين الأصغر المحدّث ، الزاهد العفيف ، الفاضل الجواد ، الراوي عن أبيه السّجاد عليه‌السلام ، وعن أخيه ـ لأبيه وامّه ـ أبي جعفر الباقر عليه‌السلام (٣) ، وعن عمّته فاطمة وكانت تحدث بفضله ، وكان الصادق عليه‌السلام يقول : عمّي الحسين من ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً ) (٤).

وروى المفيد في الإرشاد وغيره له فضائل جليلة (٥).

توفي بالمدينة سنة ١٥٧ (٦) وله سبع وخمسون سنة ، وقيل : سنة ٦٤ ، وقيل : سنة ٧٦ (٧).

هذا ، والسيد مهنّا هو صاحب المسائل عن العلامة ، ووصفه في الأجوبة عنها بقوله : السيد الكبير ، النقيب الحسيب النسيب المرتضى ، مفخر السادة ، وزين السيادة ، معدن المجد والفخار ، والحكم والآثار ، الجامع للقسط (٨) الأوفى من فضائل الأخلاق ، الفاضل بالسهم المعلّى من طيب الأعراق ، مزيّن ديوان القضاء بإظهار الحق على المحجة البيضاء عند ترافع

__________________

(١) أعيان الشيعة ٨ : ١٣٦.

(٢) عمدة الطالب : ٣١٨.

(٣) رجال الشيخ : ٨٦ / ٥ و ١١٣ / ٨ و ١٦٨ / ٥٤ وفيه روايته عن الإمام الصادق عليه‌السلام أيضا.

(٤) الفرقان ٢٥ : ٦٣.

(٥) إرشاد المفيد : ٢٦٩.

(٦) عمدة الطالب : ٣١١.

(٧) أي : سنة ١٦٤ وسنة ١٧٦.

(٨) في الأعيان : للحظ.

٣٤٢

الخصماء ، نجم الملّة والحق والدين ، مهنّا بن سنان الحسيني القاطن بمدينة جدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الساكن مهبط وحي الله ، سيّد القضاة والحكام بين (١) الخاص والعام ، شرّف أصغر خدمه وأقلّ خدّامه برسائل في ضمنها مسائل. إلى آخره ، وقال في آخر أجوبة جملة من المسائل : لمّا كان امتثال أمر من تجب طاعته وتحرم مخالفته من الأمور الواجبة ، والتكاليف اللازمة ، سارع العبد الضعيف حسن بن يوسف بن مطهّر الحلي إلى إجابة التماس مولانا السيد الكبير ، الحسيب النسيب ، المرتضى الأعظم ، الكامل المعظّم ، مفخر العترة العلوية ، سيّد الأسرة الهاشمية ، أوحد الدهر وأفضل العصر ، الجامع لكمالات النفس ، والمولى بنظره الثاقب إلى حظيرة القدس ، نجم الملّة والحق والدين ، أعاد الله على المستعدين (٢) بركة أنفاسه الشريفة ، وأدام عليهم نتائج مباحثه الدقيقة (٣). إلى آخره.

ويعبّر عنه في كثير من الأسئلة بقوله : قال سيدنا الإمام العلامة (٤).

هذا ، وقال السيد الجليل في تحفة الأزهار : كان رحمه‌الله سيدا جليل القدر ، عظيم الشأن ، رفيع المنزلة ، حسن الشمائل ، جمّ الفضائل ، كريم الأخلاق ، زكي الأعراق ، عالي الهمّة ، وافر الحرمة ، تقيّا نقيّا ، ميمونا عالما ، عاملا فاضلا ، كاملا فصيحا بليغا ، أديبا جامعا ، حاويا محقّقا مدقّقا ، يعرف بصاحب المسائل المدنيات (٥).

__________________

(١) في الأعيان : زين.

(٢) في الأعيان : المسلمين المستعدين.

(٣) أجوبة المسائل المهنائيّة : غير متوفرة لدينا.

(٤) أعيان الشيعة ١٠ : ١٦٨.

(٥) جاء في هامش المخطوطة :

والرسائل الثلاث كان في مجموعة عند المصنّف كلّها بخط السيد الجليل السيد حيدر الآملي وقرأها على فخر المحققين وأجازها بخط نفسه وقد استنسخته بخط يدي لنفسي وهي حاضرة

٣٤٣

وناهيك بفضله تعريف العلامة قدس‌سره له (١).

قال السيد علي بن داود الحسيني السمهودي في جواهر العقدين ، بسنده المتصل إلى الشيخ شهاب الدين أحمد بن يونس القسطيني المغربي ، عن بعض مشايخه قال : إن رجلا من أعيان المغاربة عزم من بلاده الحج والزيارة ، فدفع إليه رجل من أهل الخير والصلاح مائة دينار ، وقال له : خذ هذا المبلغ وأوصله إلى المدينة المنورة ، ثم أدفعه لأحد السادة الأشراف بني الحسين صحيحي النسب ، فيكون لي به صلة بجدّهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفزع الأكبر ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ. إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (٢).

فأخذ المال ، فلمّا ورد المدينة سأل عن السادة بني حسين وصحّة نسبهم ، فقيل له : لا شبهة في صحة نسبهم ، غير أنّهم من الشيعة الرافضة حمير اليهود يبغضون أهل السنة ، ويتظاهرون بالسب علانية ، والقاضي والخطيب وإمام المسلمين منهم ، وأمر البلاد بيدهم ، ليس لأحد في ذلك مدخل أبدا.

قال : فكرهت دفع المال إليهم ، فمكثت مفكرا في أمري وما أوصاني به صاحب المال ، فاجتمعت بأحدهم وسألته عن مذهبه فقال : نعم صدق القائل ، وكنّا شيعة على مذهب آبائنا وأجدادنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال : فتيقن ذلك عندي ، فبقيت واقفا باهتا متفكّرا ، فقلت له : يا سيدي لو كنت من أهل السنة لدفعت إليك ما معي من المبلغ ، وقدره كذا وكذا. فشكا إليّ شدّة فاقته ، وكثرة اضطراره ، والتمس منّي بعضه ، فقلت : حاشا.

__________________

عندي بحمد الله.

(١) تحفة الأزهار : غير متوفرة لدينا.

(٢) الشعراء ٢٦ : ٨٨ ـ ٨٩.

٣٤٤

قال : كلا لن أبيع مذهبي ـ والحق لي ـ بدنيا دنيّة ، ولي ربّ غني يكفيني.

فمضيت عنه فرأيت في منامي تلك الليلة كأنّ القيامة قد قامت ، والناس يجوزون على الصراط ، فأردت الجواز فأمرت سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها‌السلام بمنعي فمنعت ، واستغثت فلم أجد لي مغيثا ، فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبلا فاستغثت به وقلت : يا رسول الله ، إنّي من أمتك وبنتك منعتني من الجواز.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم منعته؟

قالت : لأنّه منع ابني رزقه.

فالتفت إليّ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم منعت ابنها رزقه.

قلت : لأنه شيعي المذهب ، مبغض لأهل سنتك ، متظاهر بسب أصحابك.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما أدخلك بين ولدي وأصحابي؟

فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا ، فأخذت جميع المبلغ المودوع عندي وأضفت إليه من مالي مائة دينار ، ومضيت بذلك كلّه إلى سيّدي ومولاي مهنّا ابن سنان ، فقبّلت يديه ، فحمد الله عزّ وجلّ وشكره وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال لي : يا هذا ، العجب منك ، إني قد التمست منك بالأمس منه يسيرا فأصررت بالمنع ، والآن أتيتني بالجميع وزيادة عليه ، إن هذا لشيء عجيب ، ناشدتك هل رأيت في منامك جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجدتي فاطمة الزهراء عليها‌السلام؟! فأمراك بدفعه إليّ بعد أن منعاك من الجواز على الصراط؟

فقلت : نعم والله هكذا يا بن رسول الله.

فقال مهنّا : لو لم ترهما لما أتيتني ، ولو لم تأتني لشككت في صحة نسبي

٣٤٥

بهما ، ومذهبي كمذهبهما (١).

وفي أمل الآمل في ترجمته : فاضل ، فقيه ، محقق. قال : وله كتاب المعجزات ، جمعه ، وهو قريب من الخرائج والجرائح للراوندي ، وفيه زيادات كثيرة عليه (٢). انتهى.

وهذا السيد الجليل يروي عن آية الله العلامة الحلّي طاب ثراه.

وعن ولده فخر المحققين.

ثامنهم (٣) : السيد جلال الدين (٤) عبد الحميد بن فخار الموسوي المتقدم ذكره في مشايخ ابن معية (٥).

تاسعهم : السيد الأجل شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد ابن أبي المعالي العلوي الموسوي.

وفي مجموعة الشهيد : توفي السيد الفقيه شمس الدين محمّد بن أحمد بن

__________________

(١) جواهر العقدين : غير متوفر لدينا.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٣٢٩ / ١٠٢٠.

(٣) أي : من مشايخ الشهيد الأوّل.

(٤) ظاهر السياق أنّه ثامن مشايخ الشيخ الشهيد المتوفى في سنة ٧٨٦ ، وجلال الدين عبد الحميد بن فخار المذكور ليس إلاّ والد السيد علم الدين المرتضى علي الذي هو من مشايخ السيد ابن معيّة أستاذ الشهيد ، فكيف روى الشهيد عن والد علم الدين الذي هو شيخ شيخه؟! فلعل في المقام سهو القلم الذي هو لازم الإنسان. ( آقا بزرك الطهراني ).

أقول : ويؤيد ما ذكره شيخنا الطهراني رحمه‌الله ما نص عليه المصنّف ( طاب ثراه ) في مشجرته ( مواقع النجوم ) حيث ذكر للشهيد الأوّل طريقين للسيد عبد الحميد بن فخار الموسوي وهما :

الأوّل : ما ذكره شيخنا صاحب الذريعة.

الثاني : السيد عميد الدين بن أبي الفوارس ، عن جدّه السيد علي ، عنه.

(٥) تقدم ذكره في ٣١٧.

٣٤٦

أبي المعالي الموسوي ، في شهر رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة (١) ، وهو يروي :

١ ـ عن السيد الجليل محمّد بن الحسن بن محمّد بن أبي الرضا العلوي ، قال في إجازته له ـ وهي كبيرة ـ : استخرت الله تعالى وأجزت للسيد الكبير المعظم الفاضل الفقيه ، الحامل لكتاب الله ، شرف العترة الطاهرة مفخر الأسرة النبوية ، شمس الدين محمّد ابن السيد الكريم المعظم الحسيب النسيب جمال الدين أحمد ابن أبي المعالي جعفر (٢) بن علي أبي القاسم بن علي أبي الحسن بن علي أبي القاسم ابن محمّد أبي النجم ابن علي أبي القاسم ابن علي أبي الحسن (٣) الحائري ابن محمّد أبي جعفر الحائري ابن إبراهيم المجاب الصهر العمري ابن محمّد الصالح ابن الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام (٤). إلى آخره.

عن نجيب الدين يحيى بن سعيد ـ ابن عمّ المحقق ـ بطرقه (٥).

٢ ـ وعن الشيخ الإمام العلامة الزاهد الورع الحافظ ، كمال الدين (٦) علي ابن الشيخ شرف الدين الحسين بن حماد الواسطي.

قال الشهيد في أربعينه : الحديث السادس : ما أخبرني به السيد الفقيه المحقق ، الأديب الأريب ، الصالح الحافظ المتقن ، شمس الدين أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام الفقيه الصدوق الزاهد ، كمال الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن حمّاد الليثي

__________________

(١) مجموعة الشهيد : ١٣٧ ، وهذا السيد لم يرد في المشجرة.

(٢) في البحار : ابن جعفر.

(٣) في البحار زيادة : بن الحسن.

(٤) بحار الأنوار ١٠٧ : ١٥٣.

(٥) انظر طرقه في ص ٣٤٨ و ٤١٤ ، هذا وقد ذكر في المشجرة روايته عن السيّد محيي الدين الحسيني صاحب الأربعين فقط.

(٦) لم يرد في المشجرة للشيخ كمال الدين علي الواسطي ذكر ولا لطرقه.

٣٤٧

الواسطي (١). إلى آخره.

وقال السيد غياث الدين عبد الكريم ابن طاوس في إجازته ـ على ما نقله صاحب المعالم ـ : استخرت الله وأجزت للأخ في الله تعالى ، العالم الفاضل ، الصالح الأوحد ، الحافظ المتقن ، الفقيه المحقق ، البارع المرتضى ، كمال الدين فخر الطائفة علي ابن الشيخ الإمام الزاهد بقيّة المشيخة شرف الدين الحسين ابن حماد بن أبي الخير الليثي نسبا الواسطي مولدا (٢). إلى آخره.

وهذا الشيخ يروي عن جماعة :

أ ـ السيد عبد الكريم ابن طاوس ، كما عرفت.

ب ـ الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن أحمد بن صالح ، الذي مرّ ذكره وطرقه (٣).

ج ـ الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ـ ابن عمّ المحقق ـ ويأتي ذكره (٤).

د ـ نجم الدين جعفر بن محمّد بن نما ، صاحب كتاب مثير الأحزان ، وقد مرّ ذكره (٥).

هـ ـ الشيخ كمال الدين ميثم البحراني ، شارح النهج ، ويأتي في مشايخ العلامة (٦).

و ـ الشيخ شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح بن محمّد.

__________________

(١) أربعين الشهيد : ٥ / ٦.

(٢) بحار الأنوار ١٠٩ : ١٣.

(٣) تقدم في : ٣٢٧ ، ٣٣٢.

(٤) يأتي في : ٤١٤.

(٥) مرّ في : ٣٣٠.

(٦) يأتي في : ٤٠٩.

٣٤٨

قال صاحب المعالم في إجازته : وكان هذا الشيخ من أعيان علماء عصره ، ورأيت بخط شيخنا الشهيد الأول ، في بعض مجاميعه ، حكاية أمور تتعلّق بهذا الشيخ ، وفيها تنبيه على ما قلنا ، فمنها : أنّه كتب إلى الشيخ المحقق نجم الدين ابن سعيد أبياتا من جملتها :

أغيب عنك وأشواقي تجاذبني ... الأبيات

فأجابه المحقق بهذه الأبيات :

لقد وافت فضائلك العوالي ... إلى آخره.

وكتب بعدها نثرا من جملته : ولست أدري كيف سوّغ لنفسه الكريمة ـ مع حنوه على إخوانه ، وشفقته على أوليائه وخلاّنه ـ إثقال كاهلي بما لا يطيق الرجال حمله ، بل تضعف الجبال أن تقلّه ، حتى صيرني بالعجز عن مجازاته أسيرا ، ووقفني في ميدان محاوراته حسيرا (١) ... إلى آخره.

وقال شارح القصائد السبع العلويات ـ لابن أبي الحديد ، المسمّى شرحه بغرر الدلائل ـ في أوّل الشرح : وكنت قرأت هذه القصائد على شيخي الإمام العالم الفقيه المحقق ، شمس الدين أبي محمّد محفوظ بن وشاح قدس الله روحه وذلك بداره بالحلّة ، في صفر من سنة ثمانين وستمائة ، ورواها لي عن ناظمها وراقم علمها (٢).

عن المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد.

ز ـ المحدّث الجليل الشيخ محمّد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري ، صاحب المزار الكبير ، بطرقه الآتية (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٩ : ١٤ ـ ١٦.

(٢) غرر الدلائل : مخطوط.

(٣) تأتي طرقه في الجزء الثالث : ١٩.

٣٤٩

هذا ويروي السيد شمس الدين محمّد بن أحمد بن أبي المعالي أيضا :

٣ ـ عن خاله السيد السعيد صفي الدين العلامة أبي عبد الله محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي ، كذا في إجازة صاحب المعالم (١).

وفي الأمل : السيد الجليل صفي الدين محمّد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي البغدادي ، كان من الفضلاء الفقهاء الأدباء الصلحاء الشعراء ، يروي عنه ابن معية والشهيد ، ومن شعره قوله في قصيدة يرثي بها الشيخ محفوظ ابن وشاح :

مصاب أصاب القلب منه وجيب ... الأبيات (٢).

عن السيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي (٣).

عاشرهم (٤) : الشيخ الإمام البليغ جلال الدين محمّد ابن الشيخ الإمام ملك الأدباء شمس الدين محمد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحائري ، كذا ترجمه صاحب المعالم (٥).

وفي الأمل ذكره تارة بعنوان : الشيخ جلال الدين محمّد بن محمّد بن أحمد الكوفي الهاشمي الحارثي ، كان عالما صالحا فاضلا ، من تلامذة المحقق ، يروي عنه ابن معيّة (٦). وتارة بعنوان : الشيخ جلال الدين محمّد بن الشيخ شمس الدين محمّد ابن الكوفي ، عالم جليل ، يروي الشهيد عنه عن المحقق (٧). انتهى.

__________________

(١) انظر بحار الأنوار ١٠٩ : ٩.

(٢) أمل الآمل ٢ : ٢٥٤.

(٣) الطريق التاسع هذا مع كل تفرعاته لم يرد في المشجرة.

(٤) من مشايخ الشهيد الأوّل.

(٥) حكاه في بحار الأنوار ١٠٩ : ١٦.

(٦) أمل الآمل ٢ : ٢٩٨.

(٧) أمل الآمل ٢ : ٣٠٣.

٣٥٠

والظاهر أنّهما واحد ، وذكر أنّه يروي عن المحقق رحمه‌الله.

حادي عشرهم : الشيخ قطب الدين أبو جعفر محمّد بن محمّد الرازي البويهي الحكيم الفقيه ، المتألّه المشهور ، صاحب شرح الشمسية والمطالع ، وغيرهما.

قال الشيخ محمّد بن علي الجباعي في مجموعته المنقولة عن خطّ شيخنا الشهيد رحمه‌الله ما لفظه : وجدت بخط الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي على كتاب قواعد جمال الدين ما صورته : من خطّ مصنف الكتاب إجازة للعلامة قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي ، صاحب شرح المطالع والشمسية ، وشرح الشرح ، على ظهر القواعد بخط قطب الدين وعليها البلاغ إلى حساب الوصايا من الجزء الأول ، والبلاغ ـ على بعض كتاب النكاح (١) من الثاني ـ :

قرأ علي هذا الكتاب الشيخ العالم الكبير ، الفقيه الفاضل ، المحقق المدقق ، ملك العلماء والأفاضل ، قطب الملّة والدين ، محمّد بن محمّد الرازي ـ أدام الله أيامه ـ قراءة بحث وتدقيق ، وتحرير وتحقيق ، وسأل عن مشكلاته ، واستوضح معظم مشتبهاته ، فبينت له ذلك بيانا شافيا ، وقد أجزت له رواية هذا الكتاب بأجمعه ، ورواية جميع مصنفاتي ورواياتي ، وما أجيز لي روايته ، وجميع كتب أصحابنا السالفين ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ـ بالطرق المتصلة منّي إليهم ، فليرو ذلك لمن شاء وأحبّ على الشروط المعتبرة في الإجازة ، فهو أهل لذلك ، أحسن الله عاقبته. وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهّر الحلي مصنف الكتاب ، في ثالث شعبان المبارك من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بناحية ورامين ، والحمد لله وحده وصلّى الله على محمّد النبيّ وآله الطاهرين.

__________________

(١) ورد في الحجريّة هنا رمز الاستظهار : ظ.

٣٥١

وبخط قطب الدين في آخر الجزء الأول :

انتظم الجزء الأول من هذا الكتاب في سلك التحرير ، بعون الملك المعين القدير ، وبيوم الجمعة كاد أن ينطوي نشره ، وشهر شوال ضوّع نشره ، وتمام سبعمائة انظمّ إليه عشرة انتظاما أحدب أطرافه ، ونوع أصنافه ، العبد المحتاج إلى الصمد محمّد بن محمّد الرازي ، سهل الله مآربه ، وحصّل مطالبه بمحمّد وآله الطاهرين الأخيار (١).

قال الشيخ ابن مكي : اتفق اجتماعي به بدمشق أخريات شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة (٢) ، فإذا [ هو ] (٣) بحر لا ينزف ، وأجازني جميع ما تجوز عنه روايته ، ثم توفي في ثاني عشر ذي القعدة من السنة المذكورة بدمشق ، ودفن بالصالحية ، ثم نقل إلى موضع آخر ، وصلّي عليه برحبة القلعة ، وحضر الأكثر من معتبري دمشق للصلاة عليه رحمه‌الله وقدس روحه.

وكان إمامي المذهب بغير شكّ وريبة ، صرّح بذلك وسمعته منه ، وانقطاعه إلى بقيّة أهل البيت عليهم‌السلام معلوم.

قال ابن مكّي : وقد نقلت عن هذا الكتاب شيئا من خطه من حواشي الكتاب الذي قرأه على المصنف ، وفيه حزاز (٤) بخطه أيام اشتغاله عليه علامتها : قط (٥).

__________________

(١) مجموعة الشهيد : ٣٩٩.

(٢) التاريخ هذا هنا وفيما سيأتي بعد أسطر لا يتفق مع ما اتفقت المصادر التالية عليه وما سيأتي أيضا من أنّ وفاته كانت سنة ٧٦٦.

انظر : لؤلؤة البحرين : ١٩٨ ، مجالس المؤمنين ٢ : ٢١٢ ، بغية الوعاة ٢ : ٢٨١ / ١٩٨١ ، ومجموعة الشهيد : ٣٩٩ ، والحقائق الراهنة ( في أعيان المائة الثامنة ) : ٢٠٠ وغيرها.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٤) ورد في الحجرية هنا : كذا ، والحزة : القطعة ، يعني فيه أماكن مقطعة متفرّقة بخطه ، انظر ( الصحاح ـ حزاز ـ ٣ : ٨٧٣ )

(٥) أي : إنّه قرأ عليه كتاب فيه حواشي ، وذلك الكتاب بخط مصنفه ، وقد حشاه أيام اشتغاله

٣٥٢

وبخط ابن مكّي ، وحكاية خطّه في آخره : فرغ من تحرير هذا الكتاب بعون الملك الوهاب ، العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة الله تعالى ، محمّد بن محمّد بن أبي جعفر بابويه ، في خامس ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة ، قال الشيخ محمّد بن مكي : وهذا يشعر انّه من ذرية الصدوق ابن بابويه رحمهم‌الله تعالى (١). انتهى ما في المجموعة.

وقال الشهيد أيضا في إجازته لابن الخازن : ومنهم الإمام العلامة سلطان العلماء ، وملك الفضلاء ، الحبر البحر ، قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي ، فإنّي حضرت في خدمته ـ قدس الله لطيفته ـ بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة ، واستفدت من أنفاسه ، وأجاز لي جميع مصنّفاته في المعقول والمنقول ، أن أرويها عنه وجميع مرويّاته ، وكان تلميذا خاصّا للشيخ الإمام جمال الدين المشار إليه (٢). انتهى.

وقال المحقق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين : ويرويها شيخنا السعيد الشهيد ، عن الإمام المحقق المتبحر ، جامع المعقول والمنقول ، قطب الملّة والحق والدين ، أبي جعفر البويهي الرازي ، شارح الشمسية والمطالع في المنطق ، عن الإمام جمال الدين بلا واسطة ، فإنّه من أجلّ تلامذته ، ومن أعيان أصحابنا الإماميّة ، قدس الله أرواحهم ورضي عنهم أجمعين (٣).

وفي إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين والد البهائي ، عند تعداد تلامذة العلامة الذين روى عنهم الشهيد : والشيخ الإمام العلامة ملك العلماء ، سلطان المحققين ، وأكمل المدققين ، قطب الملّة والدين ، محمّد بن محمّد

__________________

ورمز عليه برمز قط.

(١) مجموعة الشهيد : ٣٩٩.

(٢) انظر بحار الأنوار ١٠٧ : ١٨٨.

(٣) بحار الأنوار ١٠٨ : ٧١.

٣٥٣

الرازي (١). إلى آخره.

وقال شيخنا البهائي في حاشية الأربعين ـ عند ذكر اسمه في سنده إلى العلامة ـ : هو صاحب المحاكمات ، وشرح المطالع ، وهو من تلامذة شيخنا العلامة ، وقرأ عنده كتاب قواعد الأحكام ، وله عليه قيود وحواش نقلها والدي طاب ثراه في قواعده من قواعد شيخنا الشهيد قدس الله روحه (٢). انتهى.

وقال الآميرزا عبد الله في الرياض في باب الألقاب : الشيخ قطب الدين يطلق على جماعة كثيرة ، ومن هذه الحيثيّة قد يشتبه في كثير من الأوقات بعضهم ببعض :

الأول : على الشيخ المتقدم قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي ، صاحب كتاب الخرائج والجرائح وغيره.

الثاني : على الشيخ أبي الحسن قطب الدين محمّد بن الحسن بن الحسين الكيدري السبزواري ، صاحب مناهج النهج بالفارسية وغيره.

الثالث : على المولى قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي ، صاحب شرح المطالع والمحاكمات وغيرهما ، الفاضل المعروف الذي هو من أولاد ابن بابويه القمي.

الرابع : على قطب الدين محمود بن مسعود الكازروني ، المعروف بالعلاّمة الشيرازي ، تلميذ الخواجه نصير الدين الطوسي ، وشارح القسم الثالث من المفتاح ، وشارح المختصر الحاجبي وغيرهما.

الخامس : على قطب الدين ـ المشهور بقطب المحيي ـ أستاذ مولانا جلال الدواني ، وهو أحد مشايخ الصوفية ، وصاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات

__________________

(١) بحار الأنوار ١٠٨ : ١٤ و ١٥٢.

(٢) الأربعين حديث : لم ترد هذه الحاشية فيه.

٣٥٤

القطب المحيي بالفارسية ـ المشهورة ـ وهو قطب الدين محمّد بن الكوشكناري.

والثلاثة الأول من علماء الخاصة ، والاثنان الأخيران من علماء أهل السنة والجماعة (١). انتهى.

إلى غير ذلك من العبارات الصريحة في كونه من أصحابنا الإمامية.

وقد ذكره القاضي في المجالس (٢) ، والشيخ الحرّ في الأمل (٣) ، ولم نقف على من احتمل فيه غير ذلك ، وكفى بشيخنا الشهيد الناص على إماميته بالمعاشرة والمصاحبة والسماع منه صريحا شاهدا.

ولم يكن لإظهاره الإمامية بالقول والفعل داع غير الصدق وكشف الحقّ ، فإن بلدة الشام قاعدة بلاد المخالفين ، وسلطانها وواليها وقضاتها ومفتيها منهم ، والأرزاق والمناصب والحكم والحدود بيدهم ، فكيف يظهر للشهيد المقهور في تحت سلطانهم إماميته وهو منهم ، مع ما هو عليه من العزّة والرفعة والأبهة والجلالة ، مع حرمة التقيّة عندهم.

وبالجملة لم نجد لاحتمال غير الإمامية فيه سبيلا ، ولم نقف على من أشار إليه إلى أن وصلت النوبة إلى السيد الفاضل المعاصر طاب ثراه فأدرجه في كتاب الروضات ـ أوّلا ـ في سلك علماء المخالفين ، وأصرّ ـ ثانيا ـ بكونه منهم ، متشبّثا بقرائن أوهن من بيت العنكبوت ، ونحن نتقرّب إلى الله تعالى في نصرة هذا المظلوم ، وكشف فساد ما أوقعه في هذا المكان السحيق ، فنقول وبالله التوفيق :

قال في الروضات ـ في باب القاف ـ : الشيخ العالم الأمين ، والحبر الفاضل المتين ، أبو جعفر قطب الدين الرازي البويهي ، الحكيم الإلهي ،

__________________

(١) رياض العلماء ( القسم الثاني ) : ٤٤٢ مخطوط.

(٢) مجالس المؤمنين ٢ : ٢١٣.

(٣) أمل الآمل ٢ : ٣٠٠.

٣٥٥

الفهيم المنطقي ، المتقدم المشهور بين علماء الدهور ، وفضلاء الجمهور ، اسمه محمّد بن محمّد ، ونسبته إلى ورامين الري من جهة المولد والبلد.

وينتهي نسبه إلى آل بويه الذين هم سلاطين الديالمة المشهورون ، كما عن تصريح الشيخ علي بن عبد العالي. أو إلى بابويه القمي الذي هو جدّ شيخنا الصدوق المحدّث ، كما عن بعض إجازات شيخنا الشهيد الثاني. ( أ ) (١) وكأنه من جهة ظهور هذه النسبة في الشيعيّة زعمه جماعة من القاصرين الناظرين إلى ظواهر كلمات الأشخاص من جملة علمائنا الخواص ، مع أنه كان أرضى فضلاء زمانه في أرض المخالفين. ( ب ) وأكثرهم حرمة عند المصاحبين له منهم والمؤالفين. ( ج ) وانتهت إليه رئاستهم في دمشق الشام. ( د ) والحال أنه كان من علماء الأعجام. ( ه‍ ) ولم تنقل رئاسته على أحد من خواص هذه الطائفة ولا العوام ، مثل سائر علمائنا الأعلام. (و) بل ولم يعهد منه كلام تام ولا غير التام في الثناء على أهل بيت العصمة. ( ز ) ولا عرفت منه مقالة في أصول هذا المذهب ولا فروعه سواء كان من مقولة مقولة أو مسموعة. ( ح ) ولم يشك أحد من المتعرضين لأحوال علمائهم في كونه من كبرائهم ، مع أنهم كثيرا ما يظهرون الشبهة بالنسبة إلى كثير من علمائهم (٢) وشعرائهم. ( ط ) مضافا إلى أن كتب إجازات أولئك مشحونة بذكر محامد صفاته ، وبيان طرق رواياته عنهم ، والطرق منهم إلى رواياته. ( ي ) بخلاف كتب هذه الطائفة فإنّها خالية عن ذكره. ( يا ) فضلا عن ذكر جلالة قدره. ( يب ) ويمكن أن يكون مرجع هذا التوهم المنتهى إلى مرتبة التحكم ،

__________________

(١) الرموز الابجديّة وضعت من قبل المؤلف للدلالة على مواقع النظر والردّ عليها فيها بعد صفحة : ٣٦٣.

(٢) في المخطوط والحجريّة : علمائنا ، وما أثبتناه من المصدر.

٣٥٦

تصريح شيخنا الشهيد (١) به فيما وجد بخطه الشريف على ظهر كتاب قواعد العلامة أعلى الله مقامه ، رعاية بذلك لغاية مصلحة التقية ، أو ( يج ) استصلاحا لحال علمائنا الإمامية ، وإظهارا لبراءتهم عن شيمة النفاق ، والسلوك بعصبيات الجاهلية. ( يد ) وذلك لغاية مطبوعيته ومتبوعيته عند سائر الطوائف الإسلامية. ( يه ) وكذلك تصريح شيخنا المحقق الثاني علي بن عبد العالي الكركي العاملي في بعض إجازاته حيث (٢) يقول ـ وساق ما نقلناه عنه ـ ثم قال : والظاهر أن ما ذكره منوط بتصريح الشهيد المرحوم. ( يو ) وإلاّ فهو غير متمهر في أمثال هذه الرسوم ، وقد عرفت الوجه في تصريح الشهيد ـ أيضا ـ ولو فرضنا كون ذلك من جهة إجازة العلامة له ، وأنّه لو كان من غير الثقات المرضيين لما أجازه لرواية أحاديث الطاهرين؟ فكيف به إن كان من علماء المخالفين؟ ففيه منع الملازمة أولا ، ومنع بطلان التالي ثانيا. ( يز ) لعدم ثبوت نقل هذه الإجازة إلاّ من كلام صاحب مجالس المؤمنين ، وهو في أمثال هذه المراحل من المتهمين. ( يح ) ولو سلّم ، فإنه قد كان ذلك في مبدأ أمر الرجل ، وزمانه كونه في ديار العجم ، وانعكاس أمر التقية هناك ، وغاية ارتفاع أمر الشيعة الإمامية باعتبار شيوع تشيّع سلطانهم السلطان محمّد شاه خدابنده ، وأخذه بأنفاس جماعة العامة كما يشعر بهذه الدقيقة.

أولا : عدم إشعار كلمات العلامة في تلك الإجازة بشيء من التمجيد لغير فهمه وفضيلته ، فضلا عن التصريح بعدله ووثاقته. ( يط ) وثانيا : دعاؤه له في آخر الإجازة بأن يحسن الله عاقبته ، مع أنه يجوز لنا مثل هذا الدعاء في حق

__________________

(١) انظر بحار الأنوار ١٠٧ : ١٤٠.

(٢) راجع بحار الأنوار ١٠٨ : ٧١.

٣٥٧

جميع الأشقياء والأقسياء ، بل لو سلّم كون الرجل يومئذ من الشيعة حقيقة ـ أيضا ـ. ( ك‍ ) لا ينافي أخذ حبّ رئاسته العامة بعد ذلك بنور بصيرته. ( كا ) وتأثير معاشرة نصاب دمشق الشام في تقلب قلبه وفطرته ، وتبدّل نيته وسريرته ، كما أنّ ذلك غير عزيز بالنسبة إلى كثير ( كب ) من أمثال ذلك. أمثال : الكاتبي القزويني ، والميرزا مخدوم الشريفي ، والمولى رفيع الدين الجيلاني ـ فيما يقال ـ وغيرهم [ من ] المذكورين في تضاعيف كتابنا هذا ، فليلاحظ.

مع أنه ( كج ) لو سلّم شهادة الرجلين الجليلين ببقاء شيعية الرجل إلى زمان رحلته ، فلا يخفى أن مرجع هذه الشهادة بالأمور الباطنية ـ التي لا يعلمها إلاّ علاّم الغيوب ـ إلى نفي عروض سبب من أسباب الانحراف عن مذهب الحق طول هذه المدة عليه ، فهو غير مسموع جدّا.

( كد ) ولو سلّم فهي معارضة بتصريحات من هو أضبط لهذه الأمور ، وأنظم وأبصر بهذه الشؤون وأعلم ، ولا أقل ( كه ) من عدم حصول ظن حينئذ بمؤداها ، بل حصول الظن بخلافها ، كما لا يخفى ، فلا تبقى لها بعد ذلك حجّية أصلا ( كو ) وتبقى أصالة عدم استبصار الرجل بحالته الأولى ، كما بقيت بالنسبة إلى غير هذا من الذين اشتبه أمرهم على صاحب المجالس ، بطريق أولى. فليست هذه الماجرا بأول قارورة كسرت في الإسلام ، بل اتفق مثل هذا الاشتباه من كثير من علمائنا الأعلام بالنسبة إلى من هو أرجس من الأنصاب والأزلام ، ومن الناصبين للعداوة ـ بلا كلام ـ مع أهل بيت العصمة عليهم‌السلام.

وإذا فليست شهادة الشهيد ، والمحقق الشيخ عليّ ، بسعادة مولانا المحقق القطبي ، بأعجب من شهادة مولانا المجلسي بسعادة عبد الرحمن

٣٥٨

الجامي ، بل العلامة الشيرازي (١) ، ( كز ) وشهادة شيخنا الحرّ بشيعيّة أبي الفرج الأموي الأصفهاني ، وشهادة كثير من الإمامية بإمامية أمثال السعدي والنظامي والشيخ العطار والشبستري والمولوي الرومي ، وشهادة صاحب المجالس بحقيّة كثير من العامة وأساطين مذهبهم ، ورؤساء بلادهم ، والمصنفين في أصولهم وفروعهم ، بمحض أن كان يرون في كتبهم أو يسمعون من قبلهم شيئا من مدائح أهل البيت عليهم‌السلام ، أو إطراء في الثناء على الأئمة المعصومين عليهم‌السلام ، مع أن هذه الشيمة كانت قديمة فيهم ، ومنقولة عن أئمتهم الأربعة ، ولم تكن فضائل ساداتنا الأبرار الأطهار إلاّ مثل الشمس في رابعة النهار غير قابلة للإغماض والإنكار.

وأنى هو من الدلالة على حقيّة الرجل في باب الاعتقاد ، وموافقته للإمامية الحقة في أمور المبدأ والمعاد؟ وهل هو إلاّ قصور في النظر ، أو تقصير في تحصيل علوم الأخبار والسّير؟ مع عدم الأمن فيه من الضرر ، والكون فيه على موضع الخطر. ( كح ) فإيّاك والركون إلى الظالمين ، والسكون إلى تقليد السالفين ، وان تحسن الظن بالموافقين مع المخالفين ، والمداهنين مع المنافقين ، ولا تتبع غير الحق حتى يأتيك اليقين.

ثم ليعلم أن هذا ( كط ) الرجل مذكور في تراجم كثير من علماء الجمهور ، ( ل ) من الذين لا يذكرون أبدا أحدا من علمائنا الصدور ، ( لا ) ومنهم السيوطي في كتابه الموسوم في طبقات النحاة الموسوم (٢) : ببغية الوعاة ، إلاّ ( لب ) انه ذكره في باب المحمودين دون المحمّدين ، وهو أبصر بالمشاركين له في الدين.

قال ( لج ) : وإن شئت عين عبارة البغية فهي هكذا : قطب الدين محمود

__________________

(١) في الروضات : الزمخشري.

(٢) نسخة بدل : المرسوم. ( منه قدس‌سره )

٣٥٩

بن محمّد الرازي ، المعروف بالقطب التحتاني ، تمييزا له عن قطب آخر كان ساكنا معه بأعلى مدرسة الظاهرية ، كان أحد أئمة المعقول ، أخذ عن العضد (١) ، وقدم دمشق ، وشرح الحاوي والمطالع والإشارات ، وكتب على الكشّاف حاشية ، وشرح الشمسية في المنطق ، وكان لطيف العبارة.

سأل السبكي عن حديث « كلّ مولود يولد على الفطرة » فأجابه السبكي ، فنقض هو ذلك الجواب وبالغ في التحقيق ، فأجابه السبكي ، وأطلق لسانه فيه ، ونسبه إلى عدم فهم مقاصد الشرع والوقوف مع ظواهر قواعد المنطق.

وسبق في ترجمة السيد عن شيخنا الكافيجي أنه قال : السيد والقطب التحتاني لم يذوقا علم العربية ، بل كانا حكيمين ، ومات القطب الرازي في ذي القعدة سنة ٧٦٦ (٢) ، انتهى (٣).

وذكره أيضا جماعة من علمائنا الرجاليين في ذيل تراجمهم للإماميين ، باعتبار ذكر الرجلين المتقدمين إياه في ذلك العداد ، وشهادتيهما الصريحتين على كونه من علمائنا الأمجاد ، مثل شيخنا الحرّ العاملي عليه الرضوان ، حيث ذكره في أمل الآمل بهذا العنوان : قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي البويهي ، فاضل جليل محقق ، من تلامذة العلامة ، روى عنه الشهيد ، وهو من أولاد أبي جعفر بن بابويه ، كما ذكره الشهيد الثاني في بعض إجازاته (٤) وغيره. وقد نقل القاضي نور الله في مجالس المؤمنين صورة إجازة العلامة له ، وذكر أنّها كانت على ظهر كتاب القواعد ، فقال (٥) فيها. إلى آخر ما نقلناه سابقا.

__________________

(١) يعني به : القاضي عضد الإيجي.

(٢) ذكرنا في صفحة ٣٥٢ أنّ في سنة وفاته اضطراب ، وإن كان الأرجح ما ذكر وكذا فيما سيأتي.

(٣) بغية الوعاة ٢ : ٢٨١ / ٩٨١.

(٤) انظر بحار الأنوار ١٠٨ : ١٤٨.

(٥) مجالس المؤمنين ٢ : ٢١٣.

٣٦٠