• الفهرس
  • عدد النتائج:

فمات المجتهد ( أو تبدّل رأيه ) وقلّد من يقول بحرمته وكان الحيوان المذبوح موجوداً فلا يجوز بيعه ولا أكله ، وبين غيره من موارد العبادات والمعاملات ممّا قد مضى فيكون مجزياً ، فلو قلّد من يكتفي بالمرّة مثلاً في التسبيحات الأربع ، أو أوقع عقداً أو إيقاعاً بتقليد مجتهد يحكم بالصحّة ثمّ مات ، وقلّد من يقول بعدم كفاية المرّة وبالبطلان ، يجوز له البناء على صحّة العبادة والعقد ، ولا يجب عليه إعادة الأعمال السابقة.

الثاني : أنّ هذه المسألة جزئي من جزئيات مسألة الإجزاء ومصداق من مصاديقها ، لأنّ من أقسامه هو الإجزاء في الأوامر الظاهريّة ، والمقام من هذا القبيل ، لأنّ حجّية فتوى المجتهد للمقلّد حكم ظاهري له.

نعم أنّها أعمّ منها من جهة اخرى ، فإنّ مسألة الإجزاء مختصّة بباب الأوامر والأحكام التكليفيّة فحسب ، ولا تعمّ الأحكام الوضعيّة ، بينما البحث هنا أي مسألة التبدّل والعدول يعمّ الأحكام التكليفيّة والوضعيّة معاً ، فكلّ من المسألتين أعمّ من الاخرى من جهة ، وأخصّ منها من جهة اخرى.

الثالث : في مقتضى الأصل في المسألة ، ولا يخفى لزوم تعيينه حتّى يطالب من يخالفه بالدليل فنقول : لا إشكال في أنّ مقتضى الأصل والقاعدة الأوّليّة في المقام هو الفساد فإنّ الأصل مثلاً هو عدم وقوع التذكية شرعاً أو عدم الإتيان بالصلاة الصحيحة ( مع قطع النظر عن القواعد الخاصّة التي يمكن جريانها كقاعدة الفراغ ونحوها ) فهو يوافق القول بعدم الإجزاء فلابدّ للقائلين بعدم الفساد من إقامة الدليل عليه.

إذا عرفت هذا فاعلم : أنّه إذا كان مدرك الاجتهاد السابق هو القطع ثمّ انكشف خلافه بالقطع أيضاً فلا وجه حينئذٍ للقول بالإجزاء ، لأنّ المفروض أنّه لم يكن في الواقع أمر من جانب المولى ، بل إنّه امتثل أمراً خيالياً منقوشاً في الذهن فقط ، وذلك لأنّ القطع ليس من الأمارات الشرعيّة حتّى يقال : إنّه أمارة كسائر الأمارات يتولّد منها حكم ظاهري شرعي ، بل هو من الأمارات العقليّة التي تكون مجرّد طرق إلى الواقع فحسب ، ومنه يعلم الحال فيما إذا زال القطع السابق وقامت أمارة شرعيّة على خلافه.