• الفهرس
  • عدد النتائج:

الحديث النهي عن اضرار الناس بعضهم ببعض ، نظير قوله تعالى : ( فلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ ) الذي ينهى عن الرفث والفسوق والجدال في الحجّ ، وقول السامري : ( لَامِسَاسَ ) أي « لا تمسّني » ونتيجة هذا القول أيضاً سقوط القاعدة عن حكومتها على سائر الأحكام وتنزّلها إلى مجرّد نهي تكليفي عن اضرار الناس بعضهم ببعض ، كما أنّ قوله تعالى : ( وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) ينهى عن الغيبة فحسب ، فيخرج حينئذٍ عن نطاق القواعد الفقهيّة إلى حكم فرعي خاصّ.

وأمّا القول الخامس ، ( وهو ما ذهب إليه في تهذيب الاصول ) فهو أن تكون « لا » ناهية أيضاً لكن بأن يكون النهي نهياً سلطانياً صدر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما هو سائس الملّة وسلطانها ، وقال في توضيح مرامه ما حاصله (١) : أنّ للنبي الأكرم مقامات ثلاثة : الأوّل : مقام الإفتاء وبيان الأحكام الشرعيّة ، الثاني : منصب القضاء وفصل الخصومة ، الثالث : مقام السلطنة الإلهيّة ( وما يسمّى اليوم بولاية الفقيه ، وهو مقام إجراء (٢) الأحكام الإلهيّة التي ترتبط بالحكومة ، والأحكام الحكوميّة السلطانيّة ) وقاعدة لا ضرر داخلة في القسم الثالث فهى مجرّد حكم سلطاني صدر من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في قضيّة سمرة تحديداً لقاعدة السلطنة عن الأموال (٣).

__________________

(١) راجع تهذيب الاصول : ج ٣ ، ص ١١٢.

(٢) كما صرّح به في كتاب البيع ( ج ٢ ، ص ٤٦١ ) وإليك نصّ كلامه بالحرف : « فالإسلام أسّس حكومة لا على نهج الاستبداد المحكّم فيه رأي الفرد ... بل حكومة تستوحي وتستمدّ في جميع مجالاتها من القانون الإلهي ، وليس لأحد من الولاة الاستبداد برأيه ، بل جميع ما يجري في الحكومة وشؤونها ولوازمها لابدّ وأن يكون على طبق القانون الإلهي حتّى الإطاعة لولاة الأمر ، نعم للوالي أن يعمل في الموضوعات على طبق الصلاح للمسلمين ... ونفس بقاء تلك الأحكام ( الأحكام المتعلّقة بالماليات أو السياسيات أو الحقوق ) يقضي بضرورة حكومة وولاية تضمن حفظ سيادة القانون الإلهي وتتكفّل لإجرائه ، ولا يمكن إجراء أحكام الله إلاّبها ، لئلاّ يلزم الهرج والمرج ، مع أنّ حفظ النظام من الواجبات الأكيدة واختلال امور المسلمين من الامور المبغوضة ، ولا يقوم ذا ولا يسدّ عن هذا إلاّبوالٍ وحكومة. مضافاً إلى أنّ حفظ ثغور المسلمين عن التهاجم وبلادهم عن غلبة المعتدين واجب عقلاً وشرعاً ، ولا يمكن ذلك إلاّبتشكيل الحكومة ، وكلّ ذلك من أوضح ما يحتاج إليه المسلمون ... » فتلاحظ أنّ وظيفة الفقيه الحاكم إجراء الأحكام الإلهيّة ( التي منها حفظ النظام وحفظ ثغور المسلمين ) وتشخيص موضوعات الأحكام وتعيين حدودها ، فتدبّر جيّداً ، واطلب تفصيل الكلام من محلّه وهو دراساتنا في البيع ( كتاب أنوار الفقاهة ، ج ١ ).

(٣) راجع تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٤٨١ ـ ٤٨٢ ، طبع جماعة المدرّسين.