• الفهرس
  • عدد النتائج:

هذا عين المتنازع فيه. ولا يمكن جعله مقدمة فى اثبات المتنازع. وان أردتم بضد الصفة معنى وجوديا ، منافيا لتلك الصفة على وزان المنافيات الحاصلة من السواد والبياض. فلم قلتم : ان السمع والبصر ضدان بهذا المعنى؟ ولم لا يجوز أن يقال : ان العمى عبارة عن عدم البصر عما من شأنه أن يبصر ، والصمم عبارة عن عدم السمع عما من شأنه أن يسمع؟ فأنتم فى هذا المقام محتاجون الى اثبات أن الصمم والعمى معنيان موجودان ، مضادان للسمع والبصر.

والفلاسفة ينازعون فيه أشد المنازعة. فانهم يقولون : تقابل البصر والعمى ، وتقابل السمع والصمم ، تقابل العدم والملكة ، لا تقابل الضدين. وقول من قال : ليس جعل العمى عد ما للبصر ، أولى من العكس : ظاهر البطلان. لأنه ان أريد بعدم هذه الأولوية : عدمها فى أذهاننا وعقولنا. فهذا مسلم ، الا أن هذا لا ينتج الا أن نتوقف فيه ، ولا نقطع على أحد الجانبين. وان أريد بعدم هذه الأولوية عدمها فى نفس الأمر وفى الحقيقة. فهذا ممنوع ولعل هذه الأولوية حاصلة فى نفس الأمر ، وان كنا لا نعرف كيفية (٨) تلك الأولوية.

أما المقدمة الثالثة ـ وهى ان بتقدير أن يكون العمى والصمم متقابلين تقابل التضاد ـ لم قلتم : ان كل ذات تكون قابلة للضدين بهذا التفسير ، فانه لا بد أن تكون موصوفة بأحدهما؟ ولم لا يجوز أن يقال : انه قد تكون خالية عنهما؟ فهم مطالبون باقامة الدلالة على اثبات هذه المقدمة.

ثم انا ننقض هذه المقدمة : بأن الهواء خال عن جميع الألوان وعن جميع الطعوم ، والواحد قد لا يكون مريدا لأفعال أهل الفسوق (٩) ولا كارها لها ، فبطلت هذه المقدمة.

__________________

(٨) كيف : ا : ب

(٩) السوق : ب