نامت قريش عن تململ ليلةٍ |
| نصبت على الحرم المنيع خباءها |
وتغافلت مضرٌ عن الاُفق الذي |
| غطّى بخضرة موجه حمراءها |
لتزِفّ قافلة تطامن خطوها |
| فسرتْ وردّدتِ الجبال صداءها |
الأعين الحيرى يصارع يأسها |
| حلمٌ ألمّ ليستردّ رجاءها |
في جنةٍ غنّاء تمنح ظلها |
| للظامئين على الطريق وماءها |
لله بضعةُ أحمدٍ من نوره |
| لمعت فأهدى أفقه لألاءها |
وافتكَ تخترق القرون كنجمةٍ |
| تنأى فتهدي للعيون ضياءها |
مهما ترامى الاُفق حول وميضها |
| عبرتْه تطرد بالسنا ظلماءها |
مرت بطوبى فاستفزّ حنينها |
| ظلّ يرافق في النعيم بهاءها |
وتوسّمت في موكب عبرت به |
| كفّاً لطاها زهوها وعطاءها |
بالأمس أخلد ركبه في ظلها |
| ومضى يخوض من الجنان قضاءها |
نالت يداه فاثقلته ثمارها |
| ومشت خطاه فزيّنت خضراءها |
ودنت خديجة تستظل بكوثرٍ |
| من رحمةٍ تزجي إليه صفاءها |
في ليلة غرّاء لو مدتْ يداً |
| نحو النجوم تناولت زرقاءها |
يسري ابن عبدالله في ملكوتها |
| فترى بمجرى روحه إسراءها |
ما غاب همسُ محمّدٍ عن سمعها |
| يصغي فتمنح صوته إصغاءها |
وترى الصباح على جبين متوّجٍ |
| بالنور ينضح بالعبير مساءها |
أدَرَتْ خديجة إذ تودّع ليلةً |
| والوجدُ يخضب بالسنا احناءها |
أنّ الجنان قد انحنين كرامةً |
| للسرِّ فاستودعنه أحشاءها |
وبأنّ كفّ محمّد قطفت لها |
| في الخلد من زهراتها عذراءها |
وبأنّ ما ضمّت عليه ضلوعها |
| حوراء غادرت الجنان وراءها |
ما زاغ طرف محمّد عن سدرةٍ |
| في قاب قوسين استشفّ سناءها |
سرّ النبوة فاض في أغصانها |
| عبقاً وخالط نشره أنداءها |
وتنزّلت للأرض منه كتائبٌ |
| عقدت ملائكة السماء لواءها |