مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

لطف الله الصّافي

مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

المؤلف:

لطف الله الصّافي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٩٤

الذى لا يكذب. وما جالس هذا القرآن احد الّاقام عنه بزيارة او نقصان زيادة فى هدى ، ونقصان من عمى ، واعلموا انه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لاحد قبل القرآن من غنى فاستشفوه من ادوائكم واستعينوا به على لأوائكم (١).

ولا ينحصر اعجاز القرآن فى كونه فى الدرجة العليا من الفصاحة والبلاغة ، وسلامة الترتيب ، وسلامة التركيب ، والتأليف العجيب والاسلوب البكر فحسب.

بل هو معجزة ايضاً لانه حوى اصول الدّين والدّنيا ، وسعادة النشأتين.

ومعجزة لانه انبأ باخبار حوادث كثيرة تحققت بعده.

كما انه معجزة من وجهة التاريخ وبما فيه من اخبار القرون السالفة والامم البائدة التى لم يكن لها تاريخ فى عصر الرسول صلى الله عليه واله وسلم مما اثبتت الكشوف الاثرية صحتها.

ومعجزة لان فيه اصول علم الحياة ، والصحة ، والوراثة ، وماوراء الطبيعة. والاقتصاد ، والهندسة. والزراعة.

ومعجزة من وجهة الاحتجاج.

واعجاز من وجهة الاخلاق. ووو.

وقد مرت عليه اربعة عشر قرناً ولم يقدر فى طول هذه القرون احد من البلغاء أن ياتى بمثله ، ولن يقدر على ذلك احد فى القرون الاتية والاعصار المستقبلة ، ويظهر كل يوم صدق ما اخبر الله تعالى به « فان لم ـ تفعلوا ولن تفعلوا ».

ـــــــــــــ

(١) نهج البلاغة ط مصر مطبعة الاستقامة ج ٢ خ ١٧١.

٤١

هذا هو القرآن. وهو روح الامة الاسلامية ، وحياتها ، ووجودها ، وقوامها ، ولو لا القرآن لما كان لناكيان.

هذا القرآن هو كل ما بين الدفتين ليس فيه شىء من كلام البشر كل سورة من سوره ، وكل آية من آياته متواتر مقطوع به لا ريب فيه دل عليه الضرورة والعقل والنقل القطعى المتواتر.

هذا هو القرآن عند الشيعة ليس الى القول فيه بالنقصية فضلا عن الزيادة سبيل ، ولا يرتاب فى ذلك الّا الجاهل او المبتلى بالشذوذ.

واليك بعض تصريحات اعلام الامامية ، ورجالاتهم فى العلم والدين الذين لا يجترىء شيعىّ على رد آرائهم سيما فى اصول الدين ، وفى امثال هذه المسائل لجلالتهم فى العلم والتتبع وكثرة احاطتهم ، وقوة حذاقتهم فى الفنون الاسلامية.

قال الشيخ المحدثين محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمّى الملقب بالصدوق (ت ٣٨١ هـ) ومؤلف كتاب من لا يحضره الفقيه ، وعشرات من الكتب القيمة فى رسالته باعتقادات الصدوق اعتقادنا فى القرآن الذى انزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم هو ما بين الدفتين ، وهو ما فى أيدى الناس ليس باكثر من ذلك ـ الى ان قال ـ ومن نسب الينا انا نقول انه اكثر من ذلك فهو كاذب ، ثم شرع فى اقامة البرهان على ذلك ، فراجع تمام كلامه.

وقال الشيخ المفيد : واما النقصان! وقد قال جماعة من اهل الامامة انه لم ينقص من كلمة. ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان ثبتاً فى مصحف امير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلا ، وان لم يكن من جملة كلام الله تعالى

٤٢

الذى هو القرآن المعجز ، وقد يسمى تأويل القرآن قراناً قال تعالى : ولا تجعل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه وقل رب زدنى علماً فسمى تأويل القرآن قراناً وهذا ما ليس فيه بين اهل التفسير اختلاف. وعندى ان هذا القول اشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التاويل ، واليه اميل والله اسأل توفيقه للصواب.

واما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها (١).

وقال الشيخ الجليل ابو على امين الاسلام الطبرسى احد اعلام الشيعة فى علوم القرآن فى تفسيره القيم المسمى بمجمع البيان (٢)

فاما الزيادة فيه فمجمع على بطلانها ، واما النقصان منه فقد روى جماعة من اصحابنا وقوم من حشوية اهل السنة ان فى القرآن نقصاناً والصحيح من مذهبنا خلافه وهو الذى نصره المرتضى قدس الله روحه ، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء فى جواب مسائل الطرابلسيات وذكر فى مواضع : ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث العظام ، والكتب المشهورة ، واشعار العرب فان العناية اشتدت ، والدواعى توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت الى حد لم تبلغه فيما ذكرناه لان القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والاحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا فى حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شىء اختلف فيه من اعرابه ، وقرائته ، وحروفه ، وآياته. فكيف ز ان يكون مغيرا او منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد.

قال : وقال ايضاً : ان العلم بتفصيل القرآن ، وابعاضه فى صحة نقله

ـــــــــــــ

(١) اوائل المقالات للمفيد ص ٥٥.

(٢) تراجع مقدمة تفسير مجمع البيان الفن الخامس منها.

٤٣

كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه ، والمزنى فان اهل العناية بهذا الشان يعلمون من جملتها ما يعلمون من تفصيلها حتى لوان مدخلا ادخل بابا من النحو فى كتاب سيبويه او من غيره فى كتاب المزنى لعرف وميز وعلم انه ملحق ليس من اصل الكتاب ، ومعلوم ان العناية بنقل القرآن ، وضبطه اكثر من العناية بضبط كتاب سيبويه ، ودواوين الشعراء.

قال : وذكر ايضا : ان القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه واله مجموعا مؤلفاً فى ما هو عليه الآن ، واستدل على ذلك بان القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه فى ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة فى حفظهم له ، وانه كان يعرض على النبى صلى الله عليه واله ، ويتلى عليه ، وان جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود ، وابى بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبى صلى الله عليه واله عدة ختمات كل ذلك يدل بادنى تامل على انه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ، ولا مبتوت وذكران من خالف ذلك من الامامية ، والحشوية من اهل السنة لا يعتد بخلافهم فان الخلاف فى ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث ، ونقلوا اخباراً ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته.

وقال شيخ الطائفة ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسى (ت ٤٦٠ هـ) ومؤلف كتاب الخلاف والمبسوط ، والتهذيب ، والاستبصار وغيرها فى تفسيره المسمى بالتبيان (١).

اما الكلام فى زيادته ونقصانه فمما لا يليق به ايضاً لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، والنقصان منه فالظاهر ايضاً من مذهب المسلمين

ـــــــــــــ

(١) ج ١ ص٣ ط النجف.

٤٤

خلافه ، وهو الاليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذى نصره المرتضى ره ، وهو الظاهر فى الروايات « الى ان قال » وروايتنا متناصرة بالحث على قرائته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الاخبار فى الفروع اليه ، وعرضها عليه فما وافقه عمل عليه ، وما خالفه تجنب ، ولم يلتفت اليه وقد روى عن النبى صلى الله عليه واله رواية لا يدفعها احد انه قال : انى مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتى اهل بيتى ، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض) وهذا يدل على انه موجود فى كل عصر لانه لا يجوز ان يامرنا بالتمسك بما لا يقدر على التمسك به كما ان اهل البيت ، ومن يجب اتباع قوله حاصل فى كل وقت ، واذا كان الموجود بيننا مجمعاً على صحته فينبغى ان نتشاغل بتفسيره وبيان معانيه ، وترك ما سواه.

وقال العالم الجليل الشيخ جعفر كاشف الغطاء فى كتابه المسمى بكشف الغطاء.

« والسابع فى زيادته » لا زيادة فيه من سورة ولا آية من بسملة ، وغيرها لا كلمة ، ولا حرف ، وجميع ما بين الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب بل الدين ، واجماع المسلمين واخبار النبى والائمة الطاهرين عليهم السلام. وقال :

« الثامن » فى نقصه لا ريب فى انه محفوظ من النقصان بحفظ ملك الديان كما دل عليه صريح القرآن ، واجماع العلماء فى جميع الازمان ، ولا عبرة بالنادر ، وما ورد من اخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها « الى آخر كلامه المتين ».

وقال الشيخ الاكبر العالم الشهير نابغة الزمان الشيخ محمد بهاء الدين

٤٥

العاملى على ما حكى عنه فى آلاء الرحمن ص ٢٦.

الصحيح ان القرآن العظيم محفوظ عن ذلك زيادة كان او نقصانا ويدل عليه قوله تعالى : وانا له لحافظون ، وقال فى كتاب الزبدة : القرآن متواتر لتوافر الدواعى على نقله.

وممن صنّف فى نقى النقيصة بعد الاجماع على عدم الزيادة الشيخ العلامة الجليل على بن عبدالعالى الكركى المعروف بالمحقق الثانى

وقال العلامة الكبير المولى محمد ابراهيم الكلباسى فى كتاب الاشارات؟ بعد استقراء كلمات علماء الاسلام باصنافهم فى كتبهم الكلامية والاصولية ، والتفسيرية. وما اشتمل على الخطابات والقصص ، وما يتعلق بعلم القرآن باصنافه ، ومنه علم القرائة والتواريخ وغيرها من كمال اهتمامهم فى ضبط ما يتعلق بكل واحد منها يتبين بكل واحد منها يتبين ان النقصان فى الكتاب مما لا اصل له ، والّا لاشتهر. وتواتر نظرا الى العادة فى الحوادث العظيمة ، وهذا منها بل من اعظهما.

وقال العلامة المغفور له المجاهد المعاصر الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء فى « اصل الشيعة واصولها » : ان الكتاب الموجود بين المسلمين هو الكتاب الذى انزله الله اليه للاعجاز والتحدى ، وانه لا نقص ، ولا تحريف ولازيادة فيه وعلى هذا اجماعهم.

وممن فندالقول بالتحريف زيادة ونقيصة ، ورد كل شبهة فى ذلك باتمّ بيان واوضح برهان العالم الجليل المفسر المتكلم المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغى صاحب الكتب الممتعة ، والتصانيف القيمة فى مقدمة تفسيره المعروف والمسمى بآلاء الرحمن فانه قدادّى حق المقام ، ودافع عن قداسة القرآن ، واظهر الحق وابطل الباطل فراجعه حتى تعرف

٤٦

قيمة خدمات الشيعة للاسلام والقرآن ، وغيرتهم على الدين والكتاب ،

وقال الشريف المصلح السيد عبدالحسين شرف الدين فى الفصول المهمة فى تاليف الامة (١) :

والقرآن الحكيم لا ياتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، انما هو ما بين الدفتين ، وهو ما فى ايدى الناس لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ، ولا لحرف بحرف وكل حرف من حروفه متواتر فى كل جيل تواتراً قطعياً الى عهد الوحى والنبوّة ، وكان مجموعا على ذلك العهد الاقدس مؤلفا على ما هو عليه الان ، وكان جبرئيل عليه السلام يعارض رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مراراً عديدة ، وهذا كله من الامور المعلومة لدى المحققين من علماء الامامية ، ولا عبرة بالحشوية فانهم لا يفقهون.

وقال العالم المتتبع ، والرجالى الكبير السيد محسن الامين الحسينى العاملى فى اعيان الشيعة (٢) :

لا يقول احد من الامامية لا قديماً. ولا حديثاً ان القرآن مزيد فيه قليل او كثير فضلا عن كلهم بل كلهم متفقون على عدم الزيادة ومن يعتد بقوله من حققيهم متفقون على انه لم ينقص منه.

وقال العالم المفسر الشيخ محمد النهاوندى فى مقدمة تفسيره « نفحات الرحمن » : قد ثبت ان القرآن كان مجموعاً فى زمان النبى صلى الله عليه واله وسلم وكان شدة اهتمام المسلمين فى حفظ ذلك المجموع بعد النبى صلى الله عليه واله وفى زمان احتمل بعض وقوع التحريف فيه كاهتمامهم فى حفظ انفسهم واعراضهم (الى آخر كلامه التام).

وممن صنف فى الامامية فى رد شبهة التحريف العالم الرئيس السيد

ــــــــــــــ

(١) ص ١٦٣.

(٢) ج ١ ص ١٠٨.

٤٧

محمد حسين الشهرستانى فانه صنف فى ذلك كتاباً اسماه « رسالة فى حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف » وقال فيه على ما حكى عنه بعد ردّ ما فى فصل الخطاب من الشبهات.

لا شبهة فى ان هذا القرآن الموجود بين الدفتين منزل على رسول الله صلى الله عليه واله للاعجاز للتسالم على نفى زيادة الاية والسورة فيها والشك انما هو فى نزول ما عداه اعجازاً والاصل عدمه.

وممن ادى حق الكلام فى بطلان القول بالتحريف العالم الجليل والمرجع الدينى السيد ابوالقاسم الخوئى فى تفسيره المسمى بالبيان فراجع ما افاده فى ص ١٨١ ـ ١٣٦ فقد اثبت بما لا مزيد عليه ان مسئلة نقصان الكتاب مما لا اصل له ، وقال فى آخر كلامه :

وقد تبين للقارى مما ذكرناه ان حديث تحريف القرآن حديث خيالى لا يقول به الامن ضعف عقله ، اومن لم يتأمل فى اطرافه حق التأمل او من الجأ اليه حب القول به ، والحب يعمى ، ويصم. اما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك فى بطلانه. انتهى كلامه.

ولنعم ما افاده العلامة الفقيه ، والمرجع الدينى السيد محمد رضا الگلپايگان بعد التصريح بان ما بين الدفتين هو القرآن المجيد ذلك الكتاب الذى لا ريب فيه ، والمجموع المرتب فى عصر الرسالة بامر الرسول صلى الله عليه واله وسلم بلا تحريف ولا تغيير ، ولا زيادة ، ولا نقصان واقامة البرهان عليه :

ان احتمال التغيير زيادة ونقيصة فى القرآن كاحتمال تغيير المرسل به ، واحتمال كون القبلة غير الكعبة فى غاية السقوط لا يقبله العقل وهو مستقل بامتناعه عادة.

٤٨

ولو رمنا استقصاء كلمات علمائنا الاعاظم فى كل جيل لطال بنا الكلام ، ولا يسع ذلك كتاب كبير ضخم ، ويكفى فى ذلك تريح استاذنا الامام راوية احاديث اهل البيت ، وحامل علومهم نابغة العصر ، ومجدد العلم والمذهب فى القرن الرابع عشر السيد الحاج آقا حسين الطباطبائى البروجردى حشره الله مع جده النبى الكريم صلى الله عليه واله فانه افاد فى بعض ابحاثه فى الاصول كما كتبنا عنه فى تقريرات بحثه بطلان القول بالتحريف وقداسة القرآن عن وقوع الزايدة فيه ، وان الضرورة قائمة على خلافه وضعف اخبار النقيصة غاية التضعيف سنداً ودلالة وقال.

ان بعض هذه الروايات مشتمل على ما يخالف القطع والضرورة ، وما يخالف مصلحة النبوة. وقال فى آخر كلامه الشريف.

ثم العجب كل العجب من قوم يزعمون ان الاخبار محفوظة فى الالسن والكتب فى مدة تزيد على ألف وثلثمأة ، وانه لو حدث فيها نقص لظهر ، ومع ذلك يحتملون تطرق النقيصة فى القرآن المجيد.

الواجب على المسلم

اعلم ان الواجب على كل مسلم غيور على الدين والقرآن ان يدفع عن الكتاب الكريم هذه الشبهة ، وان يحتاط فى نسبة القول بالتحريف او التشكيك فى القرآن الى احد من المسلمين ، ويعلم انه مسئول عندالله تعالى عما يقول يكتب.

وكان الاولى بالخطيب ان يتمسك باقوال العلماء ذوى الاختصاص والمهارة من الشيعيين والسنيين فى صيانة القرآن من النقصان والزيادة لا ان يركض وراء القول بالتحريف ، ويسجّل ذلك على طائفة كبيرة

٤٩

من المسلمين.

وقد اراد الخطيب بذلك تشويه سمعة التشيع ، ولم يعلم انه شوه سمعة الدين. وضرب الكتاب المبين ، وخدم اعداء الدين ، وفتح السبل امام شبهات المبشرين ، وقد نسى هذا الكاتب انه يهدم بهذه الفرية على الشيعة اساس الاسلام ، والشيعة اشد الناس غيرة على كتاب الله تعالى وادفعهم عن جلالة القرآن ، وقداسته ينكرون القول بالزيادة والنقيصة اشد الانكار ، وكتبهم مشحونة بالدلائل العقلية والنقلية على تنزه القرآن عن الريب الشبهات.

فاقرأ ايها الخطيب كتبهم فى التفسير والعقايد والحديث واقرأ فيها الاحاديث المتواترة القطعية الدالة على ان القرآن هو هذا الذى بيد المسلمين ، وانظر الى الاخبار المأثورة على طرقهم فى ثواب قرائة القرآن وقرائة سوره وآياته وكلماته ، وفى وجوب الرجوع اليه ، والتمسك به يقرأون القرآن فى صلاتهم ويتلونه فى ليلهم ونهارهم. يعظمونه كمال التعظيم ليس عندهم كتاب اعظم من القرآن ، فارجع الى كتبهم فى الفقه والقرآن ، والدعاء ان كنت اهلا للانصاف.

ولا يسوؤنا والله نسبة هذه الفرية الى الشيعة كما يسوؤنا ما يمس منها كرامة الدين الحنيف والقرآن المجيد.

ايها الخطيب لو قال لك بعض المبشرين او غيرهم ان من مذهب الشيعة وهم طائفة كبيرة من المسلمين وقوع التحريف فى الكتبا كما تسجّل عليهم ، وفيهم من العلماء والمحققين ، واساتذة فن التاريخ والحديث والعلوم الاسلامية رجال لا يستهان بشأنهم وجلالتهم. وهم يسندون عقايدهم وعلومهم الى اهل بيت النبى صلى الله عليه واله اعدال الكتاب بدلالة حديث الثقلين

٥٠

ما تقول فى جوابه؟.

أتقول انهم كفار؟.

او تقول انهم يسبّون الصحابة؟.

او تقول انهم يقرؤن دعاء صنمى قريش؟.

قل ما تقول فى جوابه ايها الكاتب الاسلامى؟.

لو تعلم انك وامثالك كم توقعون بالاسلام والمسلمين من الضرر والضعف والفشل بهذيانكم وافتراءاتكم على الشيعة لتركتم هذه المخاصمات الباردة ، والمناقشات التى لا طائل تحتها ولغسلتم عن كتبكم هذه المهازل والمخاريق.

وكم من فرق بين الخطيب وبين العلامة الشيخ رحمة الله الهندى! فالخطيب يسند الى الشيعة فرية يتبرأ منها كل شيعى ولا يلتفت الى ان تلك النسبة انما تجعل القرآن معرضا للشك ، والعلامة الشيخ رحمة الله الذى يعد من اكبر علماء اهل السنة ، ومن احوطهم على الاسلام ادرك ان هذه النسبة هى منتهى امل المبشرين وغاية مناهم ، وان الواجب على السنى كالشيعى ان يدفعها عن الشيعة فأثبت فى كتابه « اظهار الحق » الذى هو من نفايس كتب المسلمين فى الرد على المسيحيين بل قيل لم يكتب مثله فى رد المبشرين بطلان هذه النسبة ، وادى ما عليه من اظهار الحق والزهاق الباطل واماتة الشبهة وقد دفع عن حريم القرآن هذه التهمة حيث قال فى الفصل الرابع من الجزء الثانى ص ٨٩.

القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة الامامية الاثنى عشرية محفوظ عن التغيير والتبديل ، ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه فقوله مردود غير مقبول عندهم (ثم نقل كلمات جماعة من اعلام الشيعة كالصدوق

٥١

والسيد المرتضى والطبرسى والقاضى نور الله والمولى صالح القزوينى شارح الكافى ، والشيخ محمد الحر العاملى) وقال :

فظهران المذهب المحقق عند علماء الفرقة الامامية الاثنى عشرية ان القرآن الذى انزله الله على نبيه هو ما بين الدفتين وهو ما فى ايدى الناس ليس باكثر من ذلك ، وانه كا مجموعا مؤلفاً فى عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وحفظه ، ونقله الوف من الصحابة كعبدالله بن مسعود ، وابى بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبى عدة ختمات ، ويظهر القرآن ، ويشهر بهذا الترتيب عند ظهور الامام الثانى عشر رضى الله عنه (الى ان قال) وقد قال الله تعالى : انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون (قال) فى تفسير الصراط المستقيم الذى هو تفسير معتبر عند علماء الشيعة اى انا لحافظون من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان (انتهى كلامه).

٥٢

فصل الخطاب فى فصل الخطاب

قبل ابداء الرأى حول كتاب فصل الخطاب نلفت من يحتج على الشيعة بهذا الكتاب. ويزعم تفردهم بهذا التاليف الى كتاب اسمه « الفرقان » جمع فيه مؤلفه وهو من اخواننا اهل السنة من امثال ما فى فصل الخطاب من الاحاديث الضعيفة المروية عن طرف اهل السنة ، واليك نص الاستاذ الشيخ محمد محمد المدنى عميد كلية الشريعة بالجامعة الازهرية قال :

واما ان الامامية يعتقدن نقص القرآن فمعاذ الله ، وانما هى روايات رويت فى كتبهم كما روى مثلها فى كتبنا ، واهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها وبيّنوا بطلانها ، وليس فى الشيعة الامامية والزيدية من يعتقد ذلك كما انه ليس فى السنّة من يعتقده.

ويستطع من شاء ان يرجع الى مثل كتاب الاتقان للسيوطى (١) ليرى فيه امثال هذه الروايات التى نضرب عنها صفحاً. وقد الف احد المصريين فى سنة ١٩٤٨ كتاباً اسمه « الفرقان » حشاه بكثير من امثال هذه الروايات السقيمة المدخولة المرفوضة ناقلا لها عن الكتب المصادر عند اهل السنة ، وقد طلب الازهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد ان بيّن بالدليل والبحث العلمى اوجه البطلان والفساد فيه فاستجابت الحكومة لهذا الطلب ، وصادرت الكتاب فرفع

ــــــــــــــ

(١) انظر ص ٣٠ من الجزء الثانى من كتاب الاتقان.

٥٣

صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضاً حكم القضاء الادارى فى مجلس الدولة برفضها

أفيقال ان اهل السنّة ينكرون قداسة القرآن؟ او يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ او لكتاب الّفه فلان؟ فكذلك الشيعة الامامية انما هى روايات فى بعض كتبهم كالروايات التى فى بعض كتبنا ، وفى ذلك يقول الامام العلامة السعيد ابوالفضل بن الحسن الطبرسى من كبار علماء الامامية فى القرن السادس الهجرى فى كتابه « مجمع البيان لعلوم القرآن » (١) ثم نقل كلام صاحب المجمع الذى سبق ذكره.

وبعد هذا كله نقول : لم نر فى علماء الامامية ومشايخهم من يعتنى بكتاب فصل الخطاب ، ويستند اليه ، وليس بينهم من يعظم المحدث النورى لهذا التأليف ، ولو لم يصنف هذا الكتاب لكان تقدير العلماء عن جهوده فى تأليفه غيره من المآثر الرائعة كالمستدرك وكشف الاستار وغيرهما ازيد من ذلك بكثير. ولنال من التقدير والاكبار اكثر ما حازه من العماء واهل الفضل ودفنه فى المكان المشرف ليس لاجل تأليفه هذا الكتاب انما المقام مقدس يدفن فيه من ناله التوفيق وقد دفن فيه من العلماء وغيرهم من ذوى الثروة والسلطة والعوام جمع كثير.

وليست جلالة قدر الرجل فى العلم والتتبع والاحاطة بالحديث مما يقبل الانكار ، وان خطاؤه بسبب تأليف هذا الكتاب وصيّر هدفاً لسهام التوبيخ والاعتراض فنبذ كتابه هذا وقوبل بالطعن والانكار الشديد (٢)

ــــــــــــــ

(١) انظر رسالة الاسلام العدد الرابع من السنة الحادية عشرة ص ٣٨٢ و ٣٨٣.

(٢) قال الشيخ الجليل والعلامة الخبير الشيخ محمد جواد البلاغى النجفى فى مقدمة تفسيره آلاء الرحمن ص ٢٥ : وان صاحب فصل الخطاب من المحدثين المكثرين المجدين فى التتبع للشواذ.

٥٤

بل صنف بعضهم فى رده ، وفى اثبات عدم التحريف كتباً مفردة كالعلامة الشهير السيد محمد حسين الشهرستانى مؤلف « رسالة حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف » ، والعالم المحقق الشيخ محمود التهرانى حيث رده بكتاب « كشف الارتياب ».

ومع ذلك كله نقول : من امعن النظر فى كتاب « فصل الخطاب » يرى ان المحدث النورى لم ينكر ما قام عليه الاجماع ، واتفاق المسلمين من عدم الزيادة. ولم يقل ان القرآن قد زيد فيه بل قد صرح فى ص٢٣ بامتناع زيادة السورة او تبديلها فقال : هما منتفيان بالاجماع ، وليس فى الاخبار ما يدل على وقوعها بل فيها ما ينفيها كما يأتى وقد اعترف المحدث المذكور بخطائه فى تسمية هذا الكتاب كما حكى عنه تلميذة الشهير وخريج مدرسته العالم الثقة الثبت الشيخ آقا برزگ الطهرانى مؤلف الذريعة واعلام الشيعة وغيرهما من الكتب القيمة فقال فى « ذيل ص ٥٥٠ من الجزء الاول من القسم الثانى من كتابه اعلام الشيعة ».

ذكرنا فى حرفا الفاء من « الذريعة » عند ذكرنا لهذا الكتاب مرام شيخنا النورى فى تأليفه فصل الخطاب ، وذلك حسبنا شا فهنا به ، وسمعناه من لسانه فى اواخر أيامه فانه كان يقول : اخطات فى تسمية الكتاب ، وكان الاجدر ان يسمى بفصل الخطاب فى عدم تحريف الكتاب لانى اثبت فيه ان كتاب الاسلام « القرآن الشريف » الموجود بين الدفتين المنتشر فى اقطار العالم وحى الهى بجميع سوره وآياته وجمله ، ولم يطرأ عليه تغيير او تبديل ، ولازيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتى اليوم ، وقد وصل الينا المجموع الاولى بالتواتر القطعى ، ولاشك لاحد من الامامية فيه فبعد ذا أمن الانصاف ان يقاس الموصوف بهذه الاوصاف بالعهدين او الاناجيل

٥٥

المعلومة احوالها لدى كل خبير كما انى اهملت التصريح بمرامى فى مواضع متعددة من الكتاب حتى لا تسدد نحوى سهام العتاب والملامة ، بل صرحت غفلة بخلافه ، وانما اكتفيت بالتلميح الى مرامى فى ص ٢٢ اذا لمهم حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع لين الدفتين كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد فى ص ٢٦ (الى ان قال) هذا ما سمعناه من قول شيخنا نفسه ، واما عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد فى مضامين الاخبار وزناً ، بل يراها اخبار آحاد لا تثبت بها القرآنية بل يضرب بخصوصياتها عرض الجدار سيرة السلف الصالح من اكابر الامامية كالسيد المرتضى والشيخ الطوسى وامين الاسلام الطبرسى وغيرهم ، ولم يكن ـ العياذ بالله ـ يلصق شيئاً منها بكرامة القرآن وان الصق ذلك بكرامة شيخنا قدس سره من لم يطلع على مرامه وقد كان باعتراف جميع معاصريه رجالىّ عصره ، والوحيد فى فنه ، ولم يكن جاهلا باحوال تلك الاحاديث. ولمزيد التوضيح ننقل كلاماً آخر من الشيخ المذكور فى ذيل ص ٣١١ من الجزء الثالث من الذريعة قال :

ان من الضروريات الاولية عند الامم كافة ان الكتاب المقدس فى الاسلام هو المسمى بالقرآن الشريف ، وانه ليس للمسلمين كتاب مقدس الهى سواه. وهو هذا الموجود بين الدفتين المنتشر مطبوعه فى الافاق كما ان من الضروريات الدينية عند المعتنقين للاسلام ان جميع ما يوجد فيما بين هاتين الدفتين من السور والآيات واجزائها كلها وحى الهى نزل به الروح الامين من عند رب العالمين على قلب سيد المرسلين صلى الله عليه واله وقد بلغ بالتواتر عنه الى افراد المسلمين ، وانه ليس بين هاتين الدفتين شىء غير الوحى الالهى لاسورة ولا آية ، ولا جملة ذات اعجاز ، وبذلك صار مقدسا محترماً بجميع اجزائه : وموضوعاً كذلك للاحكام من تحريم

٥٦

مس كتابته بغير طهارة ، وتحريم تنجيسه ، ووجوب ازالة النجاسة عنه ، وعيرها من الاحكام الثابتة : (الى ان قال)

وقد كتبنا فى اثبات القرآن عما الصقة الحشوية بكرامته. واعتقدت فيه من التحريف مؤلفا سميناه بالنقد اللطيف فى نفى التحريف عن القرآن الشريف ، واثبتنا فيه ان هذا القرآن المجيد الذى هو بأيدينا ليس موضوعاً لاىّ خلاف يذكر ولا سيما البحث المشهور المعنون مسامحة بالتحريف الخ.

وقال نحواً من هذا الكلام ايضاً فى الجزء العاشر من الذريعة ص ٧٩ ـ ٧٨ وقال فى جملته :

ان كتاب الاسلام المشهور فى الآفاق هو الموسوم بالقرآن الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وليس هو الّا هذا الموجود بين الدفتين الواصل الينا بالتواتر عن النبى صلى الله عليه واله ، واثبتنا انه بجميع سوره وآياته وجملاته وحى الهى (الى ان قال) فهو منزه عن كل ما يشينه من التغيير والتبديل ، والتصحيف والتحريف وغيرها باتفاق جميع المسلمين وليس لاحد منهم خلاف او شبهة او اعتراض فيه ، واختلاف القراءات انما هو اختلاف فى لهجات الطوائف (الى آخر ما افاده).

هذا كتاب فصل الخطاب ، وهذا قدره عند علماء الشيعة ، وهذا كلام مؤلفه فيه ، وهذا ما يقول عنه اكبر تلامذة مؤ هذه عقيدة مؤلفه ، وتلامذته فيه.

٥٧

سورة الولاية ، وكتاب دبستان المذاهب

قال الخطيب : ومما استشهد به هذا العالم النجفى على وقوع النقص من القرآن ايراده فى الصفحة ١٨٠ من كتابه سورة تسميها الشيعة سورة الولاية مذكور فيها ولاية علىّ « يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالنبى والولّى الذين بعثناهما يهديانكم الى الصراط المستقيم » الخ ، وقد اطلع الثقة المأمون الاستاذ محمد على سعودى الذى كان كبير خبراء وزارة العدل بمصر ، ومن خواص تلاميذ الشيخ محمد عبده على مصحف ايرانى مخطوط عند المستشرق براين فنقل منه هذه السورة بالفطغراف ، وفوق سطورها العربية ترجمتها باللغة الايرانية ، وكما اثبتها الطبرسى فى كتابه فصل الخطاب فى اثبات تحريف كتاب رب الارباب فانها ثابتة ايضاً فى كتابهم « دبستان مذاهب » باللغة الايرانية لمؤلفه محسن فانى الكشميرى. وهو مطبوع فى ايران طبعات متعددة ونقل عنه هذه السورة المكذوبة على الله العلامة المستشرق فولدكن فى كتابه تاريخ المصاحف ج ٢ ص ١٠٢ ، ونشرتها الجريدة

٥٨

الآسيوية الفرنسية سنة ١٨٤٢ ص ٤٣١ ـ ٤٣٩ الخ.

السور القرآنية كانت مؤلفة مشهورة فى عصر الرسالة بامر النبى صلى الله عليه واله وكان المسلمون يعرفونها بحدودها ، وآياتها وتدل على ذلك الروايات الكثيرة المتواترة الواردة فى فضل السور وثواب قرائتها ، وان من قرء سورة يس او سورة البقرة فله كذا وكذا من الاجر والثواب وما ورد فى ان الرسول صلى الله عليه واله قرء سورة البقرة وسورة آل عمران فى صلوة الآيات وما ورد فى نزول بعض السور جملة ، وغيرها من الروايات الدالة على كون سور القرآن مؤلفة معينة بآياتها فى عهد الرسول صلى الله عليه واله وسلم ولا خلاف بين الشيعة فى ان سور القرآن ليس اكثر من هذه السور المعروفة مأة واربع عشرة سورة ، واتفق فقهائهم بعد الاتفاق على وجوب قراءة سورة كاملة بعد الحمد فى الاوليين على كفاية قرائة اى سورة من سور القرآن فى الصلوة عدا سورتى الضحى والم نشرح فانهما سورة واحدة ، وسورة الفيل ولايلاف قريش فهما ايضاً واحدة ، ولا تجد فى اصل من اصولهم وفى احاديثهم ورواياتهم سورة اخرى غير هذه السور الموجودة بين الدفتين.

وخلا خلاف معتد به بين اهل السنة ايضاً فى ذلك اى كون القرآن مأة واربع عشرة سورة ، نعم قال بعضهم : بانها مأة وثلث عشرة فعد الانفال والبرائة سورة واحدة كما قد حكى عن بعضهم موافقتهم مع الشيعة فى كون الضحى والم نشرح سورة واحدة والفيل ولايلاف ايضا سورة واحدة (١) ولكن اخرج اهل السنة فى كتبهم روايات دلت على زيادة سور القرآن

ـــــــــــــــ

(١) يراجع الاتقان ص ٦٧ ج ١.

٥٩

على ما بين الدفتين كسورتى القنوت « الحفد والخلع » وان مصحف ابىّ كان عدد سورها مأة وست عشرة لانه كتب فى آخره سورتى الحفد والخلع (١) وقد قال ابن حجر فى شرح البخارى وقد صح عن ابن مسعود انكار ذلك (يعنى انكار كون المعوذتين من القرآن) فاخرج احمد وابن حبان عنه انه لا يكتب المعوذتين (٢) وقال هبة الله بن سلامة (ت ٤١٠ هـ) فى الناسخ والمنسوخ (٣) فيما نسخ خطه وحكمه واماما نسخ حكمه وخطه فمثل ماروى عن انس بن مالك رض انه قال : كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سورة تعد لها سورة التوبة ما احفظ منها غير آية واحدة : ولو ان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى اليهما ثالثاً ولو ان له ثالثاً لابتغى اليها رابعاً ولا يملاء جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب ،

وهذه الاخبار وان كانت مطروحة لا يجوز الاتكال عليها وقامت الضرورة والا جماع من الفريقين على خلافها ، ولا يشك من له معرفة بكلام العرب وفنون الادب ان هذه الجمل لا تشبه بلاغة القرآن مضافاً الى ما فى بعضها من الاغلاط اللفظية او المعنوية التى اشار اليها المفسر الشيعى الشهير البلاغى فى مقدمة تفسيره الّا ان المنصف يعرف منها انه لو جاز نسبة القول بوقوع نقص السورة فى القرآن الى الشيعة او اهل السنة (ولا يجوز ذلك البتة) لكان اهل السنة الولى بها فانهم نقلوا فى كتبهم المعتبرة وتفاسيرهم ذلك وان سمى بعضهم بعض هذه بمنسوخ التلاوة والحكم ، او منسوخ التلاوة فقط فان لك لا يدفع الاشكال لان

ــــــــــــــ

(١) يراجع الاتقان ص ٦٧ ج١.

(٢) الاتقان ص٨١ ج١.

(٣) طبع مصر بهامش اسباب النزول للواحدى.

٦٠