مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

لطف الله الصّافي

مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

المؤلف:

لطف الله الصّافي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٩٤

فهذه مكتبات قم ، والنجف وطهران وجبل عامل وغيرها من البلاد والعواصم الشيعية ، والجامعات العلمية مملوة من كتب السنيين القدماء ومن الصحاح ، وجوامع الحديث ، والتفاسير ، والتواريخ يدرسونها فى مدارسهم ، ومن كتب المتأخرين ، والمعاصرين امثال الشيخ محمد عبده ، ومحمد فريد وجدى. والعقّاد ، ورشيد رضا ، وهيكل ، والطنطاوى واحمد امين ، وسيد قطب ، ومحمد قطب ، والندوى ، والمودودى وعفيف طباره ومحمد الغزالى ، وعبدالرزاق نوفل ، والشيخ منصور على ناصيف مؤلف « التاج الجامع للاصول » والشيخ المراغى والشيخ نديم الجسر وغيرهم.

وهذه محاضرات الشيعة فى الفقه يدرسو فيها اقوال جميع ائمة الفقه ، ورؤساء المذاهب ، ويذكرون خلافاتهم ، ويبحثون فى ادلة الاقوال ويأخذون بما هو اوفق بالكتاب والسنّة باجتهادهم من غير تعصب لرأى وكانت هذه سيرتهم من القديم فراجع كتاب الخلاف للشيخ الامام ابى ـ جعفر محمد بن الحسن الطوسى ، والتذكرة للعلامة الحلى وغيرهما ، لم يمنع احد من العلماء تلامذته ، وطلبة العلوم من مراجعة كتب اهل السنة ، ولا ينكر احد على احد شراءه وبيعه كتب اهل السنة فى العقايد والحديث والكلام ولا يرون بذلك كله باسا ، بل يستحسنونه ويستحثون عليه.

٢١

فرية الخطيب على علماء النجف

حكى الخطيب (١) فى ص ٦ نسبة بشعة من بعض كتب الشيعة الى الخليفة عمر بن الخطاب ونسب نشر الكتاب الذى ذكر فيه هذه النسبة الى علماء النجف ونسب اليهم انهم قالوا فيه عنه كذا ...

من اوضح ما يظهر منه سوء نية الخطيب وانه لم يرد الا اثارة الفتن والشقاق والخلاف بين المسلمين بافتراءاته النّابية اسناد نشر الكتاب المذكور الى علماء النجف وحكايته عنهم انهم قالوا فيه عن عمر بن الخطاب انه كان ...

ولو اسند نشره الى ناشر معين وذكر اسمه ، واسم مؤلفه لكان له عذر فى نقلها. ولكنه اسند نشره كذبا وبهتانا الى علماء النجف يعنى به جميعهم ، وهم من احوط الناس على رعاية حرمة الاسلام والمسلمين لا تجرى اقلامهم والسنتهم الطيبة النزيهة الا فى الاصلاح بين المسلمين وتوحيد كلمتهم ، ودعوتهم ، وارشادهم الى الخير. ورفض البغضاء والشحناء فهم فى طليعة المصلحين المجاهدين لتحقيق الوحدة الاسلامية ، ونبذ ما يوجب الخلاف والشقاق.

اذا فلا شك انه لم يرد بما حكاه عنهم الا تجريح العواطف وتهييج الفتنة ، وافتراق كلمة المسلمين او النيل من الخليفة بنشر هذه النسبة

ـــــــــــــــ

(١) على ما هو ثابت فى طبعته الاولى ولكن حذفت من الطبعة السادسة ،

٢٢

اليه ، وتسجيل نقلها عن علماء النجف وفيهم من رجالات الدين والعلم والمعرفة بتواريخ الاسلام ، وتراجم الرجال من آرائه واقواله فى غاية الاعتبار والاعتماد ، فكانه اراد بتسجيل ما حكاه على علماء النجف تسجيل اصل النسبة على الخليفة واشاعتها ، فان الكتاب الذى ذكر يه هذه النسبة « ان كان الخطيب صادقا فيما حكاه » ليس معروفا وفى متناول ايدى الشيعة واهل السنة فنحن لم نقف عليه ولاعلى اسم كاتبه بعد مع الفحص الكثير فى المكتبات ، ولم نطلع على ما فيه الا بحكاية الخطيب فى كتابه الذى نشره فى ارجاء العالم الاسلامى وجعله فى متناول ايدى اعداء الاسلام والمتتبعين لعورات المسلمين وكان الواجب على الحكومات السنيّة مؤاخذة الخطيب ومصادرة كتابه باشاعته هذه النسبة وحكايته فى كتاب يقرءه المسلمون وغيرهم.

وعلى كل حال لا حاجة لنا بتبرئة علماء النجف عما حكى عنهم فان شأنهم الرفيع اكبر وانبل من ذكر الامور الشائكة فى كتبهم فهم معتمدون فى مقالاتهم وآرائهم فى المذهب والفقه والعلوم الاسلامية على اقوى الادلة العلمية

هذا ، ولو فرضنا ذكر شىء من هذا القبيل فى نقل لا يعتمد عليه. أيجوز له ان ينسب ذلك الى الشيعة!؟ والا فيجوز ان ينسب الى السنيين عقايد النواصب الذين سبّوا اميرالمؤمنين على بن ابيطالب عليه السلام واحدثوا فى الاسلام ما احدثوا. وقتلوا سبطى رسول الله وريحانتيه صلى الله عليه واله وسلم ،

والعجب ان الخطيب تارة يقول ان التقية عند الشيعة عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر بغير ما يبطنون ، واخرى يقول بتظاهرهم بامر لو كان التقية من دينهم لكان الواجب عليهم ان يستروه لا ان يذيعوه ويكتبوه ، وينشروه حتى يقرأه كل معاضد ومعاند ، فتامل ما فى كلماته من التهافت والتناقض ومجانبة الحق والانصاف عصمنا الله تعالى منها.

٢٣

الاصول قبل الفروع

قال الخطيب فى ص ٧ : ومن اتفه وسائل التعارف ان يبدأ منها بالفروع قبل الاصول فالفقه عند اهل السنة وعند الشيعة لا يرجع الى اصول مسلّمة عند الفريقين ، والتشريع الفقهى عند الائمة الاربعة من اهل السنة قائم على غير الاسس التى يقوم عليها التشريع الفقهى عند الشيعة وما لم يحصل التفاهم على هذه الاسس ، والاصول قبل الاشتغال بفروعها وما لم يتم التجاوب فى ذلك من الباحثين فى المعاهد العلمية الدينية للظائفتين فلا فائدة من اضاعة الوقت فى الفروع قبل الاصول ، ولا نعنى بذلك اصول الفقه بل اصول الدين من جذورها الاولى الخ.

ان كان مراده من الاصول تلك التى قامت عليها دعوة الاسلام فلا اختلاف فيها بين المسلمين من الشيعيين والسنيين ، لا اختلاف بينهم فى ان الله واحد احد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد وليس كمثله شىء ، ولا فى انه عليم قدير سميع بصير له الاسماء الحسنى.

ولا فى نبوة انبياء السلف ، ولا فى نبوة خاتم الانبياء وسيدهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه واله وسلم ، ولا فى ان القرآن كتاب الله الذى انزل اليه ليخرج

٢٤

الناس من الظلمات الى النور ، لا يأتيه الباطل من بين يديا ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

ولا اختلاف بيهم فى المعاد ، والثواب ، والعقاب. والجنة والنار ، وغير ذلك من الامور الاعتقادية التى يعرفها المسلمون ، ويؤمنون بها كلهم كما لاخلاف بينهم فى وجوب الصلوة ، والصوم ، والحج ، والزكوة وغيرها من التشريعات الماليّة والبدنية ، والاجتماعية والسياسية.

وان كان مراده من الاصول مسائل اخر مما اختلف فيه الصحابة او التابعون او الفقهاء فليست هذه المسائل من تلك ، واذا كان الخطيب يعرف اصلا من الاصول التى قامت عليها دعوة الاسلام مما يعد الايمان فى عصر النبى صلى الله عليه واله وسلم والصحابة عند الجميع من شرايط الاسلام ولا يعرفه المسلمون من اهل السنة او الشيعة فى هذا العصر فنحن نطالبه به.

الاسس التى يقوم عليها التشريع الفقهى

واما ما ذكره من ان الفقه عند اهل السنة وعند الشيعة لا يرجع الى اصول مسلّمة عند الفريقين. وان التشريع الفقهى عند الائمة الاربعة من اهل السنة قائم على غير الاسس التى يقوم عليها التشريع الفقهىّ عند الشيعة.

فجوابه : ان الفقه عند جميع المسلمين من الشيعة واهل السنة يرجع الى الكتاب والسنة ، والشيعة من اشد الناس تمسكا بهما ان لم نقل انهم اشد الفريقين فى ذلك ، ومع ذلك كيف تكون الاسس التى قام عليها التشريع الفقهى عند اهل السنة غير الاسس التى قام عليها عند

٢٥

الشيعة ، وما الفرق بين السنى والشيعى فى هذه الاسس (١) نعم لا يجوز عند الشيعة اعمال القياس والاستحسان والرأى فى الشريعة كما هو المعمول به عند بعض رؤساء المذاهب الاربعة لان القول بجواز العمل بالقياس والاستحسان يفضى عندهم الى القول بنقص الشريعة التى لم تترك شيئا من الامور الدينية والدنيوية الّا وقد بينت حكمها ولعدم مسيس الحاجة الى اعمال القياس لامكان استخراج احكام جميع الوقايع. والاحداث ، والقضايا من الكتاب والسنة ، وعدم وجود واقعة لا يمكن ادراجها تحت الاحكام الكلية وذلك لم يكن من مختصات الشيعة.

ولا يخفى عليك ان اكثر الخلافات الواقعة فى الفقه يرجع الى

ــــــــــــــــ

(١) ونعم ما قال فضيلة العلامة الاستاذ الشيخ محمود شلتوت شيخ الازهر فيما كتبه جواباً عن مسائل ابى الوفا الكردستانى واليك بعض نصوصه :

على ان تقسيم المذاهب الى شيعة وسنة انما هو اصطلاح فى التسمية. والا فكل المسلمين اهل السنة لانهم جميعا يوجبون الاخذ بالسنة. والشيعة كذلك من غير شك اذا ان الشيعى لا يقول : قد يثبت حديث ما عن رسول الله (ص) وارفض العمل به من حيث هو حديث ثابت عن رسول الله. ولكنه يقول كما يقول جميع المسلمين اذا صح الحديث عند فريق وعدم ثبوته عند فريق آخر وتوضيحا لذلك نذكر فى العراق فى بعض ما كتب : ان عندنا قضية صغرى وقضية كبرى تؤلفان قياسا واحدا شكله هكذا : « هذا ثبت عن رسول الله وكل ما ثبت عن رسول الله (ص) يجب العمل به شرعا فالخلاف بين المسلمين ليس فى الكبرى بل كلهم مجمعون عليها اجماعا لا يتطرق اليه الشك وانما هو فى الصغرى (انظر رسالة الاسلام العدد الثالث والرابع من السنة الثانية عشرة).

٢٦

اختلاف الاجتهاد فى استخراج الحكم من النصوص ، وثبوت بعض الاحاديث عند مجتهد ، وعدم ثبوته عند مجتهد آخر.

هذا مضافاً الى انه لا ملزم لتبعية المجتهد للاسس التى قام عليها التشريع الفقهى بحسب مذهب خاص ، ولا ان يكون مقيدا بطريقة امام خاص كالشافعى وابى حنيفة وغيرهما بل يجب ان يكون المتبع هو الاسس التى قام عليها الشتريع الاسلامى « الكتاب والسنة » سواء وافق رأى اهل مذهب خاص ام لم يوافق فان وافق اجتهاد مجتهد فى مسألة فتوى الشافعىّ ، وفى مسألة فتوى الحنفىّ وفى مسألة فتوى المالكى ، وفى مسألة فتوى مجتهد شيعى لا بأس به فان المحذور مخالفة الاصول التى قام عليها التشريع الاسلامى لا الاسس التى قام عليها اجتهاد مجتهد خاص.

وقد كان المسلمون قبل حصر المذاهب فى الاربعة يجتهدون فى الكتاب والسنة كما هو سيرة الشيعة الامامية فى الاجتهاد الى اليوم.

واما صحة الاجتهاد فى فتوى مجتهد خاص فلم يدل عليها دليل ، ولم يقم على اعتباره لغيره من المجتهدين حجة من الكتاب والسنة ، مضافاً الى انه يوجب سد باب الاجتهاد وسلب الحرية عن المجتهدين ووقوف الفقه الاسلامى عن مسيره ، وحرمان العلماء عن التفكير والتأمل فى الكتاب والسنة ، واظن ان الائمة الاربعة ايضاً لم يريدوا ان يكون مسلكهم فى الفقه حجة لساير المجتهدين وسبباً لاقفال باب الاجتهاد عليهم لتنحصر المذاهب فى الاربعة (١) كما اظن ان المجتهدين لوجعلوا

ـــــــــــــــ

(١) وقد اعلن بفتح باب الاجتهاد ، وعدم لزوم اتباع امام مذهب خاص وعدم حصر هافى المذاهب الاربعة. وجواز التعبد بمذهب الامامية فضيلة العلامة

٢٧

نصب اعينهم التشريع الاسلامى ، والكتاب والسنة ، ولم يقيدوا انفسهم باتباع مذهب مجتهد معين كما كان عليه المسلمون قبل تأسيس هذه المذاهب لزال كثير من هذه الاختلافات والمنافرات ولسار الفقه الاسلامى نحو عالم ارقى ، واوفق بالكتاب والسنة وبمزاج العصر ، ولمزيد البحث فى ذلك مجال آخر.

ــــــــــــــ

شيخ الازهر الشيخ محمود شلنوت فى فتواه التاريخية. وفى اجوبة مسائل ابى الوفاء المعتمدى الكردستانى. وفى موارد اخر. فراجع رسالة الاسلام العدد الثالث من السنة الحادية عشرة. والعدد الثالث والرابع من السنة الثانية عشرة. وما ادلى فضيلته الى احدى الصحف المصرية الكبرى بحديث خطير الشأن سجل ايضا بعض فقراتها فى رسالة الاسلام ـ العدد الاول من السنة الحادية عشرة فقد صرح فيه بافتائه فى كثير من المسائل بمذهب الشيعة خضوعا لقوة الدليل ذكر منها على سبيل المثال مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد فانه يقع فى المذاهب السنية ثلاثا ولكنه فى مذهب الشيعة يقع واحدة رجعية. ومسألة الطلاق المعلق فانه على مذهب الشيعة لا يقع به الطلاق مطلقا.

وراجع ايضا حديثه مع مندوب جريدة اطلاعات الايرانية المسجل فى رسالة فى العدد الثانى من السنة المذكورة. وراجع مقالة الشيخ محمد محمد المدنى عميد كلية الشريعة بالجامعة الازهرية فى رسالة الاسلام العدد الرابع من السنة المذكورة تحت عنوان « رجة البعث فى كلية الشريعة) وانظر ما كتبه الشيخ محمد ابو زهرة تحت عنوان « الوحدة الاسلامية » فى العدد الثالث والرابع من السنة العاشرة

٢٨

التقية لا تمنع من التجاوب والتفاهم

قال الخطيب فى ص ٧ : واول موانع التجاوب الصادق باخلاص بيننا ، وبينهم ما يسمونه «التقية» فانها عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون الخ.

بعد تصنيف الشيعة فى عقائدهم وفقههم كتباً كثيرة لا يمكن احصاؤها وبعدما اطلع عليه الخاص والعام من معتقدات الامامية وبعد عرضهم مذاهبهم بما كتب علماؤهم فى التفسير والحديث والكلام. والفقه على الملاء الاسلامى وبعد اعلانهم عقائدهم على رؤس المنابر. وفى الجرائد والمجلات. وبعد هذه التجاوبات الحاصلة بين الفريقين. وبعد المشافهات التى وقعت بين عظمائهم من العلماء وغيرهم حيث يزور اخواننا من اهل السنة بلاد الشيعة ، ومعاهد علومهم الدينية. ويشاهدون باعينهم التزام الشيعة بشعائر الاسلام ، ويحضرون مدارسهم ، ومحاضراتهم فى العقائد ، وفى الفقه. هل يمكن للشيعة التظاهر فى عقايدهم بغير ما يبطنون؟ وهل ينتفعون باخفاء عقايدهم.

أيزعم الخطيب ان علماء الازهر ، واقطاب التّقريب لم يطلعوا على ما اطلع عليه من كتب الشيعة ، ولم يدركوا حقيقة مذهب الامامية وآرائهم فى التقية وغيرها.

أليس شيخ الازهر أبصر من الخطيب ، ونظرائه بالمذاهب الاسلامية

٢٩

هذا المصلح الذى ادرك بعلمه الواسع. وغيرته على الاسلام ، والمسلمين ضرورة الاتحاد والاتفاق ، وامكان التقريب بين الطائفتين فقام لله ، وادى ما عليه من نصيحة الامة ، ورفع الجفوة ، فايّد الزعماء المصلحين واسلافه من مشايخ الازهر كالعلامة الكبير الشيخ عبد المجيد سليم باصدار فتواه التاريخية بجواز التعبد بمذهب الامامية وجواز الانتقال من ساير المذاهب الى هذا المذهب.

الايصير اضحوكة الناس من يقول ان الشيعة حيث يقولون بالتقية لا يقبل منهم اقرار واعتراف فى عقائدهم ، وانهم يبطنون خلاف ما يظهرون

أليست التقية جايزة عند السنيين؟

الم يعمل بالتقية الصحابى الجليل عمار بن ياسر ونزل فيه : الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان.

قال الواحدى فى اسباب النزول : قال ابن عباس : نزلت (يعنى قوله تعالى : من كفر بالله من بعد ايمانه (١) الاية) فى عمار بن ياسر وذلك ان المشركين اخذوه. واباه ياسراً ، وامه سمية ، وصهيباً وبلالا وخباباً وسالماً ، فاما سمية فانها ربطت بين بعيرين ، ووجىء قلبها بحربة وقيل لها انك اسلمت من اجل الرجال فقتلت. وقتل زوجها ياسر ، وهما اول قتلين قتلا فى الاسلام ، واما عمار فانه اعطاهم ما ارادوا بلسانه مكرهاً فاخبر النبى صلى الله عليه واله بان عمار اكفر فقال : كلا ان عماراً ملىء ايماناً من قرنه الى قدمه ، واخلط الايمان بلحمه ودمه فاتى عمار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه واله يمسح عينيه. وقال ان عادوا لك فعدلهم بما قلت ، فانزل الله هذه الاية.

ــــــــــــــــ

(١) سورة نحل ـ آيه ى ١٠٦.

٣٠

ونحن ننقل كلمات بعض اعلام الفريقين فى التقية حتى يعلم ان القول بها متفق عليه بين فرق المسلمين غير الخوارج فانه ينقل انهم منعوا التقية مطلقاً.

قال الفخر الرازى فى تفسيره المسمى بمفاتيح الغيب (١) فى تفسير قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء الا ان تتقوا منهم تقية (٢).

المسألة الرابعة ـ اعلم ان للتقية احكاما كثيرة ونحن نذكر بعضها :

(الحكم الاول) ان التقية انما تكون اذا كان الرجل فى قوم كفار. ويخاف منهم على نفسه وماله فيداريهم باللسان ، وذلك بان لا يظهر العداوة باللسان بل يجوز ايضاً ان يظهر الكلام الموهم للمعية ، والموالاة لكن بشرط ان يضمر خلافه ، وان يعرض فى كل ما يقول فان التقية تاثيرها فى الظاهر لا فى احوال القلوب.

(الحكم الثانى للتقية) هوانه لوافصح بالايمان ، والحق حيث يجوز له التقية كان ذلك افضل ودليله ما ذكرنا فى قصة مسيلمة.

(الحكم الثالث للتقية) انها انما تجوز فيما يتعلق باظهار الموالاة والمعاداة. وقد تجوز ايضاً فيما يتعلق باظهار الدين فاما ما يرجع ضرره الى الغير كالقتل والزنا. وغصب الاموال والشهادة بالزور ، وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين فذلك غير جائز البتة.

(الحكم الرابع) ظاهر الاية يدل على ان التقية انما تحل مع الكفار الغالبين الّا ان مذهب الشافعى رض ان الحالة بين المسلمين اذا شاكلت

ـــــــــــــــ

(١) ج٢ ص ٤٣٧ ط ١٣٠٨.

(٢) سوره آل عمران ـ آيه ى ٢٨.

٣١

الحالة بين المسلمين ، والمشركين حلت التقية محاماة على النفس.

(الحكم الخامس) التقية جايزة لصون النفس ، وهل هى جايزة لصون المال يحتمل ان يحكم فيها بالجواز لقوله صلى الله عليه واله حرمة مال المسلم كحرمة دمه ، ولقوله صلى الله عليه واله وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد. ولان الحاجة الى المال شديدة ، والماء اذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء ، وجاز الاقتصار على التيمم دفعاً لذلك القدر من نقصان المال فكيف لا يجوز هيهنا والله اعلم.

(الحكم السادس) قال مجاهد هذا الحكم كان ثابتاً فى اول الاسلام لاجل ضعف المؤمنين فأما بعد قوة دولة الاسلام فلا. روى عوف عن الحسن انه قال : التقية جايزة للمؤمنين الى يوم القيمة ، وهذا القول اولى لان دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الامكان (انتهى كلامه).

وقال الشيخ الطوسى فى التفسير المسمى بالتبيان فى تفسير الاية المذكورة : والتقية عندنا واجبة عند الخوف على النفس ، وقد روى رخصة فى جواز الافصاح بالحق عندها (ثم ذكر ما روى الحسن فى قصة مسيلمة وقال فعليهذا التقية رخصة ، والافصاح بالحق فضيلة ، وظاهر اخبارنا يدل على انها واجبة وخلافها خطاء (١).

وقال الطبرسى فى مجمع البيان : وفى هذه الاية دلالة على ان التقية جايزة فى الدين عند الخوف على النفس ، وقال اصحابنا : انها جائزة فى الاحوال كلها عند الضرورة ، وربما وجبت فيها لضرب من اللطف والاستصلاح ، وليس تجوز من الافعال فى قتل المؤمن ، ولا فيما يعلم او يغلب على الظن انه استفساد فى الدين قال المفيد : انها قد تجب احياناً

ـــــــــــــــ

(١) بل ذلك ظاهر بعض اخبار اهل السنة ايضا.

٣٢

وتكون فرضاً ويجوز احيانا من غير وجوب. وتكون فى وقت افضل من تركها. وقد يكون تركها افضل ، وان كان فاعلها معذوراً ومعفوّاً عنه ومتفضلا عليه بترك اللوم عليها.

فهذه جملة من كلمات علماء الفريقين مفصحة بجواز التقية فى الجملة معلنة بتقارب آرائهم فيها ، وان الكل معتمدون فى القول بها على الكتاب والسنة.

اذاً فما ذنب الشيعة فى القول بها؟ وما وجه مؤاخذتهم عليها الّا التعصب والجهل. نعم رأى الشيعة جواز التقية ، وقد عملوا بها فى الاجيال التى تغلب فيها على البلاد الاسلامية امراء الجور ، وحكام جبابرة مثل معاوية ، ويزيد ، والوليد ، والمنصور ، والهادى ، وهرون ، وزياد ، والحجاج ، والمتوكل ، وغيرهم ممن عذبوا ائمة اهل البيت ائمة الخير ومثل العلم والزهد ، والدين ، وعذبوا اشياعهم شر تعذيب ، وقتلوهم ابشع قتلة (١).

وفى العصور التى كان فيها اخذ الحديث من ائمة اهل البيت وعترة النبى صلى الله عليه واله وسلم ، وممن يحبهم او يفضلهم على غيرهم من اعظم الجرائم السياسية ، فى العصور التى سلبت عن المسلمين الحرية التى هتف بها الاسلام ، وكان سبّ اميرالمؤمنين على عليه السلام سنة جارية لا يجترىء احدان ينكره.

نعم عملوا بالتقية فى الازمنة التى كان فيها من بنى فاطمة الزهراء بضعة الرسول صلى الله عليه واله وسلم من يخفى انتسابه اليها والى بعلها عليهما السلام

ـــــــــــــــ

(١) راجع مقاتل الطالبيين لابى الفرج الاصبهانى المروانى حتى تعرف فظاعة ما جرى على اهل البيت من المصائب. والمحن من عبدة الرياسة ، وارباب السياسة.

٣٣

ليسلم من القتل والسجن والسوط ، وانواع التعذيب الجارية على المتشرفين بهذه النسبة الشريفة الطاهرة الزكية ، وفى الاجيال التى لا يعد الرجل فيها من اهل السنة الا اذا كان فى نفسه عن اميرالمؤمنين ، وفاطمةى وسائر اهل البيت شىء من البغض او يتظاهر بذلك ، ويترك احاديث فضائلهم

هذا الخطيب البغدادى يذكر فى تاريخه (١) ان نصر بن على الجهضمى المحدث الكبير لمّا حدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله : « من احبنى واحب هذين (واشار الى الحسن والحسين عليهما السلام) واباهما وامهما كان معى فى درجتى يوم القيمة » (٢) امر المتوكل بضربة الف سوط ، وكلمه جعفر بن عبد الواحد ، وجعل يقول هذا الرجل من اهل السنة ، ولم يزل به حتى تركه.

فهل تجد فى مثل هذا العصر بداً من التقية فتأمل فى مغزى هذه القصة ، وامثالها ، وقد عمل بالتقية فى هذه العصور كثير من المحدثين والعلماء من اهل السنة امثال ابى حنيفة ، والنسائى ، ولم يكن للمحدثين ، ارباب الصحاح والمسانيد كاحمد وغيره حرية فى تخريج ما يخالف سياسة الحكومة ، واهواء الامراء ولم يكن للمصنفين فى تأليف الكتب ونقل الروايات بدّ من التقية لكونهم تحت اضطهاد شديد ومراقبة عيون الحكومة التى بثّت جواسيسها فى البلاد للفحص عمّن يرى او يروى لاهل البيت منقبة وفضيلة. ولقد اجاد امام الحنفية فى الاشعار المنسوبة اليه :

حب اليهود لال موسى ظاهر

وولاهم لبنى اخيه بادى

ـــــــــــــــ

(١) ج١٣ ـ ص ٢٨٨ ـ رقم ٧٢٥٥.

(٢) واخرجه القاضى فى الشفاط س ١٣٢٤ ص ٤٢ ج ٢ وابن حجر فى تهذيب التهذيب بترجمة نصر بن على.

٣٤

وامامهم من نسل هرون الاولى

بهم اقتدوا ولكل قوم هادى

وكذا النصارى يكرمون محبة

لمسيحهم نجرا من الاعواد

فمتى يوال آل احمد مسلم

قتلوه او سموه بالالحاد

هذا هو الداء العياء لمثله

ضلت حلوم حواضر وبوادى

لم يحفظوا احق النبى محمد

فى آله والله بالمرصاد (١)

هكذا كان حال المسلمين ، علمائهم فى تلك القرون المظلمة واما فى هذا العصر فالعلماء والباحثون احرار فى اظهار آرائهم حول المباحث الاسلامية. وليس بين الشيعى والسنى ذلك التنافر الذى اوجدته السياسة فى تلك العصور فلا خوف ولا قتل ولا سجن لبيان الرأى ولا يقاس هذا الزمان بعصر الامويين والعباسيين وعصر الحجاج والمتوكل ، ذلك زمان وهذا زمان (٢) ولكن الخطيب لما رأى ان تصريحات علماء

ــــــــــــــ

(١) راجع الفاتحة السابعة ص ١١٥ من شرح الديوان للعلامة الشيخ حسين ابن معين الدين الميبدى من اعلام اهل السنة فى القرن التاسع والعاشر.

(٢) نعم يوجد فى بعض الاحيان بعض العصبيات فى بعض الممالك الاسلامية الذى لا يملك قطانه من الحرية ما ملك غيرهم من المسلمين فياخذون الاقرار من المتهمين بانواع التعذيب فراجع كتاب « جزيرة العرب تتهم حكامها » ففى ظروف واحوال يؤخذ الاقرار عن المتهم بالسياط. وتعليق اظافره بالكلبتين فى السجن. وكيه بالسفافيد المحماة بالنار لا عجب ان حكم القاضى بقتل مسلم شيعى يحترم مسجد الحرام اكثر من احترام القاضى بتهمة ارادته تلويث المسجد « العياذ بالله». ولا يستغرب فتوى القاضى بقتل شاب مسلم مخلص بما ابدى من اجتهاده فى الاسلام ابى طالب عم النبى (ص) والذاب عنه وعن الاسلام فى كتابه شيخ الابطح.

٣٥

الشيعة فى رسالة الاسلام. وفى كتبهم فى العقايد وغيرها بدءت يدفع عنهم ما افترت عليهم السياسة والتعصب والجهل ويذهب بالتنافر الذى بقى بين المسلمين اكثر من ١٣ قرناً لم يتمكن ان يقول شيئاً غير مقاله ان الشيعة يتظاهرون بغيرما يبطنون.

وسواء أراد الخطيب وناشر كتابه ام لم يرد فقد حسن التجاوب بين الفريقين والتفاهم فى ما بينهم الى حدّ ان صدرت عن شيخ الازهر فتواه التاريخية بجواز التعبد بمذهب الامامية كما صدرت عن علماء الشيعة مثل السيد شرف الدين والسيد محسن الامين. والشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء. وغيرهم مقالات ، وكتب قضت على الافترائات قضاء حاسماً (١).

ـــــــــــــ

(١) فراجع كتاب « نقض الوشيعة » و « اصل الشيعة واصولها » و « الدعوة الاسلامية » و « الفصول المهمة فى تاليف الامة » و « اجوية مسائل موسى جار الله » وكتاب « المراجعات » التى جرت بين العلامة الامام شرف الدين الموسوى. وبين الاستاذ الكبير الشيخ سليم البشرى شيخ الازهر ـ يوم ذاك ـ وهذا الكتاب كما قال الاستاذ محمود ابو ريه فى كتابه (اضواء على السنة المحمدية) ص ٣٤٦ نفيس جدا يجب على كل مسلم ان يقرءه لانه حمل من البحوث الدينية والفوايد العلمية ما لم يحمله كتاب آخر.

٣٦

تأويل آيات الكتاب ، وتفسيرها عند الشيعة

قال الخطيب فى ص ٨ : وحتى القرآن الذى كان يبغى ان يكون المرجع الجامع لنا ولهم على التقارب نحو الوحدة فان اصول الدين عندهم قائمة من جذورها على تأويل آياته وصرف معانيها الى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبى صلى الله عليه واله ، والى غير ما فهمه منها ائمة الاسلام عن الجيل الذى نزل عليه القرآن.

عقائد الشيعة مأخوذة من الكتاب والسنة القطعية ، ومن الادلة العقلية القاطعة ، وتمام الملاك ، والمناط الفذ والمرجع الوحيد فى تمييز العقيدة الصحيحة عن السقيمة عندهم هو العقل وظواهر القرآن والسنة فالشيعى لا يعتقد بما خالف ظواهر الكتاب او السنة نعم اذا صادم الظاهر ما قام عليه البرهان القطعى العقلى او صادم مادل عليه نص او صريح من الكتاب او السنة لا يعتمدون عليه كما برهنوا عليه فى الاصول ويأولون هذا الظاهر بتأويل صحيح مقبول لدى العقل والشرع ومع ذلك لا يستندون الى هذا التأويل. ولا يؤسّسون الامور الاعتقادية بل والمسائل العملية الفرعية على تلك التأويلات.

وعند الشيعة روايات بطرقهم عن ائمة اهل البيت عليهم السلام اسناد بعضها صحيحة ، وبعضها سقيمة فى تفسير الايات ، وبيان مصاديقها ، وشأن نزولها

٣٧

وتقييد بعض مطلقاتها ، وتخصيص بعض عموماتها ، وبيان خاصها وعامها ، وغير ذلك. وافرد بعضهم فى هذا القسم من التفسير ، وجمع فيه هذه الروايات وليس كلها مقبولة عند الشيعة ، وهو بينهم كتفسير السيوطى المسمى « بالدر المنثور فى التفسير بالمأثور » عند الجمهور.

والعجب من الخطيب انه يرمى الشيعة بتأويل الايات ، ويغمض النظر عن تأويلات اكابر أهل السنة ، واقطابهم من المتصوفة وغيرهم مما لا يقبله الطبع السليم والذهن المستقيم. ومما تضحك به الثكلى ، فاقرأ يا اخى قليلا من هذه التأويلات الخيالية الباطلة فى تفسير النيشابورى « غرائب القرآن ». وراجع التفاسير المشهورة المعتمدة عند الشيعة كالتبيان للشيخ الطوسى. ومجمع البيان لامين الاسلام الطبرسى حتى تعرف نزاهة الشيعة عن هذه التأويلات الوهميّة الشعرية وعد اعتدادهم بها.

٣٨

صيانة الكتاب من التحريف

قال الخطيب فى ص ٨ : بل ان احد كبار علماء النجف وهو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقى النورى الطبرسى الذى بلغ من اجلالهم له عند وفاته سنة ١٣٢٠ هـ انهم دفنوه فى بناء المشهد المرتضوى بالنجف فى ايوان حجرة بانو العظمى بنت السلطان الناصر لدين الله وهو ايوان الحجرة القبليّة عن يمين الداخل الى الصحن المرتضوى من باب القبلة فى النجف الاشرف باقدس البقاع عندهم. هذا العالم النجفى الّف فى سنة ١٢٩٢ وهو فى النجف عند القبر المنسوب (١) الى الامام عليّ كتاباً سماه « فصل الخطاب فى اثبات تحريف كتاب رب الارباب » جمع فيه مآت النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم فى مختلف العصور بان القرآن قدزيد فيه ، ونقص منه ، وقد طبع كتاب الطبرسىّ هذا فى ايران سنة ١٢٩٨ ، وعند طبعه قامت حوله ضجة لانّهم كانوا يريدون ان يبقى

ـــــــــــــــ

(١) راجع ما كتبنا فى دفع هذا التشكيك الخبيث من الحقايق التاريخية تحت عنوان « المشهد العلوى المقدس »

٣٩

التشكيك فى صحة القرآن محصوراً بين خاصتهم ومتفرقاً فى مآت الكتب المعتبرة عندهم. وان لا يجمع ذلك فى كتاب واحد تطبع منه ألوف من النسخ ، ويطلع عليه خصومهم فيكون حجة عليهم مائلة امام انظار الجميع ولما ابدى عقلاؤهم هذه الملاحظات خالفهم فيها مولفة ، والّف كتاباً آخر سماه « ردّ بعض الشبهات عن فصل الخطاب فى اثبات تحريف كتاب رب الارباب » ، وقد كتب هذا الدفاع فى آخر حياته قبل موته بنحو سنتين وقد كافئوه على هذا المجهود فى اثبات ان القرآن محرف بان دفنوه فى ذلك المكان الممتاز من بناء المشهد العلوى فى النجف الخ.

القرآن معجزة نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم الخالدة ، وهو الكتاب الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، قد عجز الفصحاء عن الاتيان بمثله ، وبمثل سورة وآية منه وحيّر عقول البلغاء ، وفطاحل الادباء قد بين الله تعالى فيه أرقى المبانى ، واسمى المبادى ، وأنزله على نبيّه دليلا على رسالته ، ونوراً للناس ، وشفاء لما فى الصدور ، وهدى رحمة للمؤمنين.

قال سيدنا امير المؤمنين على بن ابيطالب عليه السلام : واعلموا ان هذا القرآن (١) هو الناصح الذى لا يفش ، والهادى الذى لا يضل ، والمحدث

ــــــــــــــ

(١) هذا القرآن الذى يشير اليه اميرالمؤمنين والائمة من ولده (ع) ويحثون شيعتهم بالرجوع اليه. والاستشفاء به فى الوف من الاحاديث ليس الا هذا الذى هو ما بين الدفتين. والكتاب المجيد الذى يعرفه المسلمون جميعا يقرؤنه فى الليل والنهار.

٤٠