مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

لطف الله الصّافي

مع الخطيب ! فى خطوطه العريضة

المؤلف:

لطف الله الصّافي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٩٤

منه المعاصى الموبقة بعد ذلك ورضا الله تعالى عن اهل بيعة الحديبية ليس مستلزماً لرضاه عنهم على الابد والدليل على ذلك قوله تعالى فى هذه السورة فى شأن اهل هذه البيعة ، وتعظيمها :

ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ، ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجراً عظيماً.

فلو لم يجز ان يكون فى المبايعين من ينكث بيعته وكان رضا الله عنهم مستلزماً لرضاه عنهم الى الابد لا فائدة لقوله تعالى : فمن نكث فانما ينكث على نفسه.

وايضاً قد دلت آيات من القرآن واحاديث صحيحة على وقوع غضب الله تعالى وسخطه على من يرتكب بعض المعاصى ، ومع ذلك لم يقل احد بان هذا مانع من حسن ايمانه فى المستقبل ، وذلك مثل قوله تعالى فى سورة الانفال :

ومن يولهم يومئذ دبره الا محترفاً لقتال او متحيزاً الى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.

فاذا لم يكن بوء شخص او قوم الى غضب الله مانعاً من حسن حاله فى المستقبل لم يكن رضاه ايضاً سبباً لعدم صدور فسق او كفر من العبد بعد ذلك

والقول بدلالة الاية على حسن حال المبايعين مطلقاً. وعدم تأثير صدور الفسق عنهم فى ذلك مستلزم للقول بوقوع التعارض بين هذه الاية. وبين آية الانفال المذكورة فيمن ولى دبره عن الجهاد من المبايعين لانها ايضاً تدل باطلاقها على سوء حال من يولى دبره ، وعدم تأثير صدور الحسنات فى رفع ذلك.

١٢١

هذا وقد اخرج مالك فى الموطأ فى باب الشهداء فى سبيل الله من كتاب الجهاد (١) عن ابى النضر مولى عمر بن عبيدالله انه بلغه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال : لشهداء احد هؤلاء اشهد عليهم فقال ابوبكر الصديق : يا رسول الله السنا باخوانهم اسلمنا كما اسلموا. وجاهدنا كما جاهدوا ، فقال رسول الله : بلى ولا ادرى ما يحدثون بعدى قال : فبكى ابوبكر ثم بكى ثم قال : أئنا لكائنون بعدك؟

وهذا الحديث صريح بان حسن خاتمة مثل ابى بكر من الصحابة المبايعين المهاجرين موقوف على ما يحدث بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم.

هذا مختصر الكلام حول مدلول الاية الكريمة ، وعليه ليس المستفاد منا ان ابابكر وعمر لم يمحضا الايمان ، نعم لا يثبت بها ايمان واحد معين من المبايعين على نحو التفصيل ، فلا يصح التمسك بها فى اثبات ايمان صحابى خاص وعدم نفاقه ، او حسن حاله اذا شك فيه. وان كان الخطيب يرى دلالتها على اكثر من هذا فليبين لنا حتى ننظر فيه.

ــــــــــــــ

(١) ص١٧٣ و ١٧٤ ط مطبعة الفاروقى.

١٢٢

حكم من نفى الايمان عن بعض الصحابة

او سب بعضهم عند اهل السنة :

لا حاجة الى الاشارة الى ما ورد فى ذم سب المؤمن فان هذا معلوم بالضرورة من الدين. وانكار اصل حرمته موجب للكفر ، ولا شك فى ان المناقشات الحادثة بين المسلمين مناقشات ضغروية مثل عدالة شخص او ايمانه. او فسقه او نفاقه ، فالنزاع فى هذه الامور واشباهها يرجع الى اثباتها بالادلة الشرعية وعدمه ، ويذهب كل من اختار احد الطرفين الى ما تقتضيه الادلة باجتهاده ، ولو علموا جميعاً ثبوت شىء فى الدين او عدم ثبوته لم يختلفوا فيه ، وقلّما يوجد من حملته العصبية ، واللجاج على انكار الحق فلا ريب فى ان اكثر المسلمين من الطائفة الاولى لا ينكرون ما ثبت عندهم بالادلة الشرعية.

فمن انكر من المسلمين امراً يراه غيره من الدين لعدم اثباته عنده او اثبات خلافه ليس كافرا ، ولا فاسقا ، واذا كان الحال هذا لااعتراض على من قال الخطيب فى ص٢١ ان معنى كلامه ان ابابكر وعمر لم يمحضا الايمان فلا يشملهما رضا الله ، ولا يحكم بكفره وفسقه اذا كان ذلك منه عن اجتهاد وتأول ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى حديث اخرجه البخارى فى صحيحه (١) : اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجران

ــــــــــــــ

(١) فى باب اجر الحاكم اذا اجتهد فأصاب او اخطأ ص١٦٥ ج٤ ط مصر س١٣٢٠.

١٢٣

واذا حكم فاجتهد ثم اخطأ فله اجر ، وهذا ابن حزم يقول فى كتابه الفصل (١) وذهبت طائفة الى انه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله فى اعتقاد اوفتيا وان كل من اجتهد فى شىء من ذلك فدان بما رأى انه الحق فانه مأجور على كل حال وان اصاب فأجران وان اخطأ فاجر واحد (قال) وهذا اقول ابن ابى ليلى وابى حنيفة ، والشافعى وسفيان الثورى ، وداود بن على ، وهو قول كل من عرفنا له قولا فى هذه المسألة من الصحابة لا نعلم منهم خلافاً فى ذلك اصلا.

وقال الفاضل النبهانى فى اوائل كتاب « شواهد الحق » على ما حكى عنه : اعلم انى لا اعتقد ولا اقول بتكفير احد من اهل القبلة لا الوهابية ولا غيرهم ، وكلهم مسلمون تجمعهم من سائر المسلمين كلمة التوحيد والايمان بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما جاء من دين الاسلام.

وبالغ فى ذلك الشيخ ابو طاهر القزوينى « على ما حكى عنه » فى كتابه « سراج العقول » فقال باثبات الاسلام لكل فرد من اهل القبلة وجزم بنجاة الجميع من كل فرق الاسلام. وحكى عن شيخ السادة الحنفية ابن عابدين فى باب المرتد من كتاب جهاد ص٣٠٢ انه حكم قاطعاً باسلام من يتأول فى سب الصحابة مصرحاً بان القول بتكفير المتأولين فى ذلك مخالف لاجماع الفقهاء.

وقد اسلفنا فى بعض المباحث السابقة مقالة ابن حزم فيمن سب احداً من الصحابة ، وما قال : فى تكفير عمر بحضرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم حاطباً ، وهو صحابى مهاجرى بدرى. ولا يخفى انه لو كان فى من ينتحل

ـــــــــــــــ

(١) ص ٢٤٧ ج ٣.

١٢٤

دين الاسلام من سب بعض الصحابة او غيرهم من المسلمين عناداً لله ورسوله فلا شك فى كفره ، واما اذا كان الساب جاهلا او اوردته الشبهة ذلك المورد يكون على ما صرح به ابن حزم معذوراً.

وعن الاوزاعى انه قال : لئن نشرت لا اقول بتكفير احد من اهل الشهادتين وعن صاحب الاختيار : اتفق الائمة على تضليل اهل البدع اجمع وتخطئتهم ، وسب احد من الصحابة وبغضه لا يكون كفراً لكن يضلل ، وعن صاحب فتح القدير ، انه قطع بعدم كفر من يكفر الصحابة ويسبهم ، وذكر ان ما وقع فى كلام اهل المذهب فى تكفيرهم ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون انما هو من كلام غيرهم.

وصرح ابن حجر فى الصواعق (١) بان مذهبه فيمن لعن انه لا يكفر بذلك.

ولو سردنا الكلام فى نقل فتاوى اعلام اهل السنة فى ذلك خرجنا عن طريق الايجاز ، ومقتضى كلام غير واحد من هؤلاء ان الساب لا يكفر وان كان معتمداً فى ذلك عالما بحرمته مثل ان يسبه لمناقشة وقعت بينهما.

واضف الى جميع ذلك كله النصوص الكثيرة المخرجة فى الصحاح الستة الحاكمة على اهل الاركان الخمسة بالاسلام ودخول الجنة ، واذا كان الخوارج الذين استحلوا دماء المسلمين ، وكفروا الصحابة ، وحاربوا اميرالمؤمنين على بن ابيطالب عليه السلام ، ونص النبى صلى الله عليه واله وسلم على انهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ، وانهم شر الخلق والخليقة ، وطوبى لمن قتلهم وقتلوه عند اهل السنة من المسلمين والمعذورين فى مذهبهم فغيرهم ممن تمسكوا بالثقلين ،

ـــــــــــــ

(١) ص ٢٥١.

١٢٥

وتمذهبوا بمذاهب اهل البيت اعدال الكتاب. واقتفوا اثرهم واهتدوا بهديهم اولى بذلك ، ومن شاء ان يطلع على الكلام الفصل فى ذلك فعليه بكتاب « الفصول المهمة فى تأليف الامة » للعلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين فانه رضوان الله عليه قد ادى حق التحقيق والافادة فى ذلك ، وسعى فى جمع الشمل ، ولمّ الشعث فراجع كتابه هذا ومراجعاته ، وكتابه « الى المجمع العلمى العربى » وكتاب ابى هريرة وغيرها من تصانيفه القيمة.

والحاصل ان نفى الايمان عن بعض الصحابة ، وسبهم اذا كان النافى والساب مجتهداً لا يضر بالاسلام عند اكابر اهل السنة وليس مانعاً من التقريب ورفض الشحناء ، والبغضاء ، واعتصام الجميع بحبل الله تعالى ، والعجب ممن لا يكفر ولا يفسق معاوية واتباعه فى سب اميرالمؤمنين علىّ عليه السلام على منابر المسلمين ، ويفسق من سب الشيخين تأولا واجتهاداً اعاذنا الله تعالى من العصبية واللجاج.

نصيحة وتذكرة

ينبغى لمن يرى جواز سب احد من المسلمين ان لا يعلن بذلك ولا يجهر به بمشهد منه او بمشهد اقاربه ، ومن لا يرى رأيه بل يحرم ذلك فى بعض الموارد اذا كان السب ايذاء لمسلم حاضر ، او سبباً لتجريح العواطف. وحدوث الفتن ، وضعف المسلمين ، وظهور التخاصم ، والتنازع بينهم.

١٢٦

منزلة النبى والامام عند الشيعة

ذكر الخطيب فى ص٢٢ ان الشيعة يرفع ائمتهم من منزلة البشر ، ونقل عناوين ابواب من الجامع المعروف بالكافى فى علوم الائمة ، وان كل شىء لم يخرج من عندهم فهو باطل ، وانهم يعلمون علم القرآن كله ، وغير ذلك وافترى على الشيعة بانهم يثبتون لائمتهم علم الغيب وينكرون على النبى صلى الله عليه وآله وسلم ما اوحى الله به من امر الغيب الخ.

الشيعة لا يعتقدون فضيلة ومنقبة لائمتهم الّا ويعتقدون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك الفضيلة على النحو الاتم الاكمل ، ولا يفضلون احداً من السابقين واللاحقين من الانبياء والائمة ، والملئكة ، وغيرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل يفضلونه على جميع المخلوقات ويعدون الامام من اتباع الرسول ، ومن امته ، لايعدل النبى عند الشيعة احد من امته والامام مأمور باطاعة الرسول لا يسعه غير اتباعه ، ولا يرفعون النبى ولا احداً من الائمة من منزلة البشر ، والنبى والائمة هم المثل العليا لكمال الانسان اختصهم الله بعناياته الخاصة. والامامة عندهم منصب يختار الله له من كان مستأهلا لتقلده. ويأمر نبيه بالنص عليه وصنفوا فى هذه النصوص كتباً مفردة خرجوا فيها طائفة من تلك النصوص عن الكتب المعتمدة عند

١٢٧

اهل السنة وصحاحهم.

ومن النصوص المعروفة المتواترة على كون الائمة اثنى عشر الاحاديث التى خرجها مسلم ، واحمد ، والبخارى والترمذى والطيالسى وابو نعيم الاصبهانى والسجستانى ، والحاكم ، والمتقى وابن الديبع ، والخطيب والسيوطى وغيرهم فى عدد الائمة عن غير واحد من الصحابة كجابر بن سمرة وعبدالله بن مسعود ، وانس بن مالك ، ومن المعلوم ان هذا العدد لا ينطبق الاعلى الائمة الاثنى عشر.

وافرد فى هذه الاحاديث العلامة محمد معين السندى كتاباً اسماه « مواهب سيد البشر فى حديث الائمة الاثنى عشر ».

ويدل على وجوب التمسك بائمة اهل البيت ، واخذ العلم عنهم ، وعصمتهم ، وبقائهم الى يوم القيامة ، وعدم خلو الزمان من امام منهم وكونهم اعلم الناس بعد النبى صلى الله عليه واله وسلم. وان التمسك بهم امن من الضلال ، وانحصار سبيل النجاة فى التمسك بهم ، وبالكتاب الكريم احاديث الثقلين المتواترة واحاديث الامان ، واحاديث السفينة. وغيرها من النصوص الكثيرة ، وقد صرح بجميع ذلك جمع من اعلام اهل السنة ذكرنا اسمائهم ومقالاتهم فى كتاب افردناه فى وجوب الرجوع الى ائمة اهل البيت عليهم السلام فى الفقه والمعارف الاسلامية. وفى وجوب العمل بالاحاديث المخرجة فى جوامع الشيعة.

ولو قرأ الخطيب كتب الامامية ، ودرس العلوم المأثورة عن ائمتهم لاقرّ بان الابواب المعنونة فى الكافى ليس الاع عناوين لبعض ماورثوا عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعرف ان من اشد ما ابتلى به المسلمون ، واضره عليهم انصرافهم عن اهل بيت نبيهم ، واعراضهم

١٢٨

عمن اوجب الله تعالى ورسوله عليهم الرجوع اليه فى الامور الدينية ، والاحكام الشرعية.

ومن تتبع قليلا فى الكتب الاسلامية يعرف اختصاص ائمة اهل البيت سيما اميرالمؤمنين على عليه السلام بعلوم كثيرة من التفسير ، والفقه ، والحديث ، والتوحيد ، وغيرها مما ليس عند غيرهم.

هذه عقيدة الشيعة فى اهل البيت ، وعلومهم ، واليك بعض ماقال سيدنا اميرالمؤمنين علىّ عليه السلام فى ذلك.

قال : لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه واله من هذه الامة احد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه ابداً ، هم اساس الدين ، وعماد اليقين اليهم يفىء الغالى ، وبهم يلحق التالى ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية الوراثة (١).

وقال : موضع سره ، ولجأ امره ، عيبة علمه. وموئل حكمه ، وكهوف كتبه ، وجبال دينه ، بهم اقام انحناء ظهره ، واذهب ارتعاد فرائصه (٢).

وقال : فيهم كرائم القرآن ، وهم كنوز الرحمن ، ان نطقوا اصدقوا وان صمتوا لم يسبقوا (٣).

وقال : هم عيش العلم ، وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، وسمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ، ولا يختلفوان فهي ، هم دعائم الاسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحق فى نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن مقامه ،

ـــــــــــــ

(١) نهج البلاغة ط مصر مطبعة الاستقامة ج ١ خ ٢ ص ٢٤ و ٢٥.

(٢) نهج البلاغة ج ١ خ ٢ ص ٢٤.

(٣) نهج البلاغة ج ٢ خ ١٥٠ ص ٥٨.

١٢٩

عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فان رواة العلم كثير ، ورعاته قليل (١).

وقال : وانما الائمة قوام الله على خلقه ، وعرفائه على عباده ، لا يدخل الجنة الا من عرفهم ، وعرفوه ، ولا يدخل النار الا من انكرهم ، وانكروه (٢).

هذا ما يقول الشيعة فى ائمة اهل البيت عليهم السلام لم يقولوا ما قالوا فيهم اختراعاً واقتراحاً من عند انفسهم بل اخذوه من الاحاديث النبوية ، والنصوص العلوية ، والاخبار المروية عن اهل بيت النبوة. وائمة العترة عليهم الصلاة والسلام.

ـــــــــــــــ

(١) نهج البلاغة ج ٢ خ ١٣٤ ص ٢٥٩ و ٢٦٠.

(٢) نهج البلاغة ج ٢ خ ١٤٨ ص ٥٤.

١٣٠

غلط الخطيب فى فهم كلام العلامة الاشتيانى

قال فى ص٢٢ و ٢٣ وبينما يدعون لائمتهم الاثنى عشر مالا يدعيه هؤلاء لانفسهم من علم الغيب ، وانهم فوق البشرية فانهم اى الشيعة ـ ينكرون على النبى صلى الله عليه وسلم ما اوحى الله به اليه من امر الغيب كخلق السماوات والارض ، وصفة الجنة والنار ، وقد سجلت ذلك مجلة « رسالة الاسلام » التى تصدرها دارالتقريب فى القاهرة اذ نشرت فى عددها الرابع من السنة الرابعة صفحة ٣٦٨ بقلم رئيس المحكمة العليا الشرعية الشيعية فى لبنان ، ويعدونه من المع علماءهم العصريين مقالا عنوانه « من اجتهادات الشيعة الامامية » نقل فيه عن مجتهدهم الشيخ محمد حسن الآشتيانى انه قال فى كتابه (بحر الفوائد) ج١ ص٢٦٧ : ان الرسول اذا اخبر عن الاحكام الشرعية اى مثل نواقض الوضوء واحكام الحيض والنفاس ـ يجب تصديقه ، والعمل بما اخبر به ، واذا اخبر عن الامور الغيبية مثل خلق السموات والارض ، والحور والقصور

١٣١

فلا يجب التدين به بعد العلم به (اى بعد العلم بصحة صدوره عن الرسول) فضلا عن الظن به (الخ).

ذكرنا عقيدة الشيعة فى النبوة والامامة ، وان النبى ينص على الامام بامر من الله ، وانه تبع للنبى ، والنبى مفضل عليه فى جميع الكمالات فالنبى كالاصل ، والامام فرعه ، وليس فى الشيعة من يستبيح لنفسه الشك فيما اخبر به النبى صلى الله عليه وآله وسلم فضلا عن انكاره سواء كان المخبر به من الامور العادية كقيام زيد. وقعود عمرو ، ام من الامور الدينية ، فالنبى هو الصادق المصدق فى جميع ما اخبر به لانه ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى ومن انكرا واظهر الشك فيما اخبر به النبى صلى الله عليه واله من امر الغيب كخلق السموات والارض ، وصفة الجنة والنار بعد حصول اليقين باخباره عنه كافر ، لا شك عند الشيعة فى كفره.

ولكن الخطيب حيث عجز عن فهم كلام العلامة الآشتيانى ، وكلام رئيس المحكمة العليا الشرعية فى لبنان الذى هو من المع العلماء المجاهدين المعاصرين حمله على ما يوافق هواه ، وخاض فى الافتراء والهذيان ، فادعى ان الشيعة ينكرون على النبى صلى الله عليه واله ما اوحى الله به من امر الغيب.

وحيث ان المسألة المبحوث عنها فى كلام المحقق الآشتيانى فى نفسها من المسائل العلمية النظرية لا بأس بالاشارة اليها هنا حتى يعلم ان الاولى للخطيب ونظرائه عدم الخوض فى هذه المسائل ، وايكال البحث عنها الى اهلها.

١٣٢

فنقول فى توضيح ما افاده الآشتيانى.

ان ما اخبر به النبى صلى الله عليه واله على قسمين احدهما ما يكون من الامور العادية كقيام زيد ومجىء عمرو ، ولا يكون مرتبطاً بالدين لا باموره الاعتقادية ، ولا باحكامه الشرعية ، والا باحكامه العملية ، كالصلوة ، والصوم ، والحج ، وغيرها.

وثانيهما ما يكون من الدين ، وهذا ايضاً على قسمين احدهما ما يكون فى الامور الاعتقادية : وما يجب ان يعتقده المسلم كالتوحيد والنبوة والمعاد ، وغيرها وثانيهما : ما يكون فى الاحكام الدينية العملية كالصلاة ، والزكاة ، والصوم ، وغيرها.

فالقسم الاول اعنى ما ليس مرتبطاً بالدين كالاخبار عن الامور العادية والاخبار ببعض كيفيات خلق السموات والارض ، والكواكب وبدأ الخلق ، وبعض تفاصيل الجنة ، والجحيم ، وخصوصيات الحور والقصور ، واشجار الجنة. وانهارها ، ومياهها (١) ليس من الامور الاعتقادية التى بنى عليها الاسلام. ولا يحكم باسلام من لم يكن عارفاً بها فمن لم يؤمن بالله او لم يعتقد النبوة او المعاد ، او انكر الثواب ، والعقاب ، والجنة والنار كافر خارج عن الاسلام امّا من لم يعرف بعض خصوصيات الجنة وبعض انواع الملئكة. واسمائهم. وكيفية مبدء خلق السماء. وعدد قصور الجنة او عدد ولدانها. ولم يقرع سمعه ما ورد فى ذلك من الاحاديث لا يضر ذلك باسلامه ، ولا يكلف بتحصيل هذه المعارف وهذا كالاطلاع على عدد

ــــــــــــ

(١) تفاصيل بعض هذه الامور ، وان كان لا يعلم الامن جهة بيان النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وبهذا الاعتبار تعد من الامور الدينية ، ولكن ليست مما يجب التدين به.

١٣٣

غزوات النبى صلى الله عليه واله وعدد اولاده. وزوجاته فان المعرفة بهذه الامور والاحوال ، وان كانت فى حد نفسها راجحة مرغوباً فيها لكن ليست من الامور الاعتقادية التى يدور مدار معرفتها ترتيب آثار الاسلام ويحكم بكفر منكرها.

نعم من ثبت عنده اخبار الرسول عن هذه الخصوصيات والتفاصيل يحصل له الاعتقاد بها لاعتقاده صدق الرسول صلى الله عليه واله فى كل ما اخبر به ، واظهار الشك فيها او انكارها بعد العلم باخبار النبى عنها موجب للكفر قطعاً لرجوع ذلك الى تكذيب النبى صلى الله عليه واله.

واما القسم الثانى فيجب الاعتقاد ، وتحصيل الايمان والمعرفة به لم يختلف فى ذلك اثنان من الشيعة.

واما القسم الثالث اى اخباره عن الاحكام العلمية فيجب العمل به ولا يجوز انكاره بعد ثبوته عنده ، وانكاره بعد العلم باخباره موجب للكفر والخروج عن الاسلام (١) ولايتفاوت فى ذلك اى عدم وجوب التدين

ــــــــــــــ

(١) ولاجل ايضاح بطلان افتراء الخطيب ننقل كلام العلامة الاشتيانى فى بحر الفوائد ص٢٧٦ ـ قال : المعارف بالمعنى الاعم على قسمين احدهما ما لا يكون من الدين. ولا دخل له بشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم مثل كيفية خلق السماء والارض ، والحور والقصور ، وغير ذلك مما عرفت الاشارة اليه عن قريب ، ثانيهما ما يكون من الدين لا يقال؟ لا معنى للتقسيم المذكور لان كل ما بينه النبى صلى الله عليه وآله وسلم يكون من الدين لا محالة ، والالم يبينه لا نا نقول : هذا غلط واضح ، وخلط ظاهر فان الرسول قد يخبر عن الشىء من حيث كونه شارعاً ، ومبلغاً عن الله تعالى ،

١٣٤

بالامور العادية ، وخصوصيات الامور المذكورة بين اخبار النبى ، واخبار

ـــــــــــــــ

ومأمورا بتبليغه على العباد ، وقد يخبر عن الشىء لامن الحيثية المذكورة بل من حيث كونه عالما بالغيب بافاضة الله سبحانه. ومن المعلوم ان هذا لا يرجع الى الاخبار عن الامر الدينى ، ثم الثانى اى ما يكون من الدين ، وشريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم ينقسم على قسمين احدهما ما يتعلق بالعمل بالمعنى الاعم من التعلق الاولى الذى يسمى بالحكم الفرعى ، والتعلق الثانوى وبالواسطة الذى يسمى بالحكم الاصولى العملى ، ثانيهما ما يكون المقصود منه والغرض الاصلى الاولى المطلوب منه الاعتقاد وان ترتب عليه عمل احيانا

اما الاول اى ما لا دخل له بالدين اصلا فلا اشكال فى انه لا يجب التدين به بعد حصول العلم به فضلا عن الظن به نعم لا يجوز انكاره بعد ثبوته من حيث ايجابه لتكذيب النبى (ص) فيكون كفرا ، واما الثانى فما يتعلق منه بالعمل ولو بالواسطة فلا اشكال فى امكان التعبد فيه بغير العلم بل وقوعه فى الجملة على ما عرفت مفصلا ، وان كان مقتضى الاصل الاولى البناء فيه على عدم وقوع التعبد ، وما يتعلق منه بالاعتقاد قد عرفت سابقا انه على قسمين احدهما ما يجب به الاعتقاد مطلقا فيجب تحصيل المعرفة به. وثانيهما ما لا يجب فيه ذلك بل ان حصلت المعرفة به حصلت الاعتقاد قهرا ، ويجب التدين بمقتضاه ، والمعتقد فى المقامين قد يكون امرا اجماليا بمعنى انه قد يجب الاعتقاد بشىء والتدين به اجمالا سواء كان وجوبا مطلقا او مشروطاً بالمعنى الذى عرفته فلا يجب تحصيل تفصيله ، نعم لو حصل العلم به وجب التدين به من حيث كونه عين ما وجب الاعتقاد والتدين به اجمالا ضرورة كون المفصل عين المجمل وان افترقا من حيث الاجمال والتفصيل. وقد يكون امرا تفصيليا ...

وقال فى هذه الصفحة تكذيبه (يعنى تكذيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) ولو فى اخباره العادية موجب للكفر قطعا ، وهو ما يرجع الى بيان

١٣٥

الامام عليهما السلام ووجوب تصديق النبى فى اخباره عن المغيبات اولى من وجوب تصديق الامام ومقدم عليه بحسب المرتبة فان وجوب تصديق الامام فرع وجوب تصديق النبى صلى الله عليه واله وسلم هذا حاصل كلام الاشتيانى فى المقام ، وقد صرح فى موضعين من عباراته فى ص٢٧٦ ، بكفر من انكر اخبار الرسول فى الامور العادية ، ولكن الخطيب يفترى على الشيعة ، ويقول انهم يرفعون مرتبة ائمتهم فى اخبارهم عن الامور الغيبية « والعياذ بالله » فوق مرتبة النبىّ صلى الله عليه واله وسلم ونسى ان فى اهل السنة من يقول ان النبى كان فيما قال ، وعمل فى الامور الدينية مما لا نص فيه مجتهداً كسائر المجتهدين (١).

ثم انه لم يقنع بذلك فقال : ان جميع رواة الغيبيات عن الائمة الاثنى عشر معروفون عند علماء الجرح والتعديل من اهل السنة بانهم كانوا كذبة ، وهذا من ابشع افتراءاته على علماء الجرح والتعديل فان كرامات الائمة الاثنى عشر عليهم السلام ، واخبارهم عن الامور الغيبية بما هو مخزون عندهم من علوم جدهم رسول الله صلى الله عليه واله وورثوا عنه ثابتة بالتواتر قد خرج طائفة منها جمع من اعلام اهل السنة لا سيما ما صدر منها عن اميرالمؤمنين على عليه السلام ، ولا عجب فى ذلك لان النبى صلى الله عليه واله اختصهم بعلوم ليست عندهم ، ولذلك امر امته بالرجوع اليهم ،

ـــــــــــــ

امور واقعية لا تعلق لها بالدين مثل بيان مبدء خلق السموات والارض ، وحور العين والفصل بين كل سماءِ. الى غير ذلك مما يرجع الى بيان خلقة المخلوقات فانه ليس امرا دينيا اعتقاديا بحيث يجب التدين به ، والاقرار به ، وان لم يجز انكاره بعد العلم بثبوته من صاحب الشرع هذا وتوهم كون جميع مابينه النبى (ص) من الدين فاسد كما عليه انتهى.

(١) راجع تفصيل هذه المسئلة فى كتاب (المستصفى من علم الاصول ج٢ ص ١٠٤ و ١٠٥) و (عدة الاصول ص ٢٩٤ و ٢٩٥).

١٣٦

وجعل الامان والنجاة والامن من الضلال فى التمسك بهم.

وقد احتج بروايات رجال الشيعة جمع من علماء اهل السنة (١) ورواة احاديث الشيعة الاثبات الثقات معروفون فى كتب الرجال ومن راجع كتب الجرح ، والتعديل للشيعة يقف على اهتمامهم بتعرف احوال الرجال ، وعدم احتجاجهم باحاديث الضعاف سواء كان الراوى شيعيّا ام سنياً. ولو كان للخطيب ادنى خبرة بكتب الشيعة لعلم مبلغ اعتنائهم بتحقيق حال والرواة. ولو قرء كتاب « تأسيس الشيعة » لعرف تقدمهم فى علم الحديث. والفحص عن احوال الروات ، وسائر الفنون الاسلامية

والاصول التى يعتمد عليها الشيعة فى استخراج الاحاديث الصحاح والحسان فى غاية المتانة. والانضباط والحاصل ان كثيراً من الروايات المأثورة فى اخبارهم عن الحوادث المستقبلة. والامور الغيبية من صحاح الاحاديث ، رواها الثقات باسناد عالية. ولا يرتاب المتتبع فى تواترها اجمالا بل بعضها متواتر تفصيلا ، وانكار جميع هذه الروايات زلة كبيرة فمن اين علم الخطيب ان جميع رواة هذه الاحاديث معروفون بالكذب ومن اين اطلع على جميع تلك الاحاديث ورواتها مع انه لم يسمع من

ـــــــــــــــ

(١) قال العلامة المحدث ابو الفيض احمد بن محمد بن الصديق الحسنى المغربى : قد جمع الحافظ اسماء من روى لهم البخارى منهم (يعنى من الشيعة فسمى نحو السبعين : وما اراه استوعب واما صحيح مسلم ففيه اكثر من ذلك بكثير حتى قال الحاكم : ان كتابه ملان من الشيعة ، راجع كتاب (فتح الملك العلى بصحة حديث باب مدينة العلم على ص١٠٦ من طبعته الثانية) وهذا الكتاب نفيس جداً يجب على الباحث ان يقرأه لان فيه من البحوث العلمية والفوائد الرجالية ما ربما لا يوجد فى غيره.

١٣٧

اسماء كتب الشيعة واحداً من الالوف ، وفى اى كتاب ذكر علماء الجرح والتعديل من اهل السنة ان جميع رواة تلك الاحاديث كانوا كذبة ولم لم يأت باسماء هولاء المعروفين؟ وهذه اخبار اميرالمؤمنين على عليه السلام عن المغيبات مخرجة فى كتب اهل السنة فى التاريخ والحديث ، وبعضها ثابت بالتواتر التفصيلى وبعضها بالتواتر الاجمالى. والعجب من جماعة يثبتون لرؤساء الصوفية والدراويش اخباراً عن الامور الغيبية ، وكرامات يأبى العقل قبولها ثم يستبعدون ما صدر عن ائمة اهل البيت مثل اميرالمؤمنين وسبطى رسول الله ، والسجاد ، والباقر ، وغيرهم اعدال الكتاب. وعدول اهل البيت الذين بشر النبى صلى الله عليه واله بانهم ينفون عن الكتاب تحريف الغالين ، وابطال المبطلين ، ويقدحون فى رجال هذه الاخبار بانهم كانوا كذبة مع انه لا ذنب لهم الا روايتهم بعض فضائل اهل البيت ، والنصوص المأثورة فى امامتهم ، وعلومهم من الاحاديث التى كانت روايتها فى عصر الامويين والعباسيين من اكبر الجرائم السياسية ، وقد اشبعنا الكلام فى ذلك فى كتاب افردناه لاثبات حجية روايات اصول الشيعة ، ووجوب الرجوع اليها ، والتمسك بها فى الفقه كما قد افردنا لتخريج مناقب كل واحد من الائمة الاثنى عشر وتاريخ حياته عن كتب اهل السنة كتاباً (لكل واحد من الائمة كتابا). نسأل الله تعالى ان يوفقنا لا تمامها ونشرها.

١٣٨

افتراء الخطيب على الشيعة بالتملق للحكومات

وتدخل الخواجة وابن العلقمى فى فاجعة بغداد

نسب الخطيب فى ص ٢٤ الى الشيعة انهم يتملقون اى حكومة من الحكومات الاسلامية بالسنتهم اذا كانت قوية فاذا ضعفت او هوجمت من عدو انحازوا الى صفوفه. واستشهد اخيراً على خروج المغول. وما صدر منهم فى بغداد من سفك الدماء وهتك الاعراض ، وغيرها من الجرائم العظيمة. واتهم حكيم الشيعة ، وفيلسوف الاسلام الخواجة نصير الدين الطوسى الشهير ، وابن ابى الحديد المعتزلى من السنية ، وابن العلقمى مؤيد الدين الوزير بالتدخل فى هذه الفاجعة الخ.

كان الاولى ان يترك الكلام عن افعال الشيعة ، وما صدر بزعمه عنهم فان عقيدة طائفة ورأيها شىء ، وعملها شىء آخر ، وربما لا يوافق اعمال بعض الناس عقيدتهم ، ولا يجوز الاعتماد فى استنباط آراء الفرق ، وعقايدهم على مجرد اعمال بعضهم فانه ما من قوم الا ويوجد فيهم من يخون قومه ، ويقدم على ضرر امته ، ولو جعلنا تاريخ الاسلام نصب اعيننا لعثرنا على خيانات كثيرة من عصر الرسالة الى هذا الزمان صدرت من المنافقين وفساق المسلمين ، واولئك الّذين اوهن قلوبهم حبّ الدنيا ،

١٣٩

وكراهية الموت.

وهل تأخر المسلمون عن غيرهم الا لخيانات صدرت من عمال السياسة ، وعبدة الرياسة ، واتباع الشيطان. انظر بعينك ايها المنصف الى الملاء الاسلامى ، وانظر الى القواد العملاء والامراء العبيد للاستعمار الذين لم تقع الامة فيما وقعت فيه الا بخياناتهم افترى سبباً لبقاء الحكومة الغاصبة الاسرائيلية التى انشأها المستعمرون فى بلاد المسلمين غير خيانة بعض الحكومات والامراء؟ أنسيت ما فعلت يد الخيانة بالجيش المصرى فى حكومة فاروق؟ الم تقرأ فى الصحف والمجلات خيانات تصدر من بعض رؤساء الحكومات المسميات بالاسلامية على الاسلام وابنائه؟ ألم يقرع اذنك ما وقعت فيه الامة فى الحرب العالمية الاولى بسبب خيانة بعض القواد ، وطلا الرياسة ، والحكومة فتمزقت الوحدة الاسلامية ، وتأسست فى كل قطر حكومة ضعيفة مستعمرة ، واصاب المجتمع الاسلامى ما اصاب حتاى الغى بعض تلك الحكومات سنن ديننا والحنيف فى جميع الشؤن الحكومية ، فانا لله وانا اليه راجعون ، ولا حول ولا قوة الا بالله.

ولو نظرت الى التاريخ وقايست بين الشيعة واهل السنة فى ذلك لطمست ما كتبت ايها الخطيب ، ولعلمت ان اى الفريقين احق باللوم والتوبيخ.

ومما هو جدير هنا بالذكر نموذجاً لهذه المخاصمات التى اذهبت مجد المسلمين ، وسلطانهم ما اصاب الناس من القتل ، والسبى ، والنهب عند افتتاح جيوش التتار بلدة اصبهان ، وذلك بعد ان عجزوا عن افتتاحها ونزلوا عليها مراراً فى سنة سبع وعشرين وستمأة ، ووقع الحرب بينهم

١٤٠