ثم إن الوحيد
البهبهاني قد اختار في فوائده الجديدة تفصيلا لا بأس بذكره.
وحاصله : الفرق
بين ما إذا كان دليل صحّة المعاملة منحصرا فيما يدلّ على الحكم التكليفي فيدلّ ،
وبين ما لا يكون فلا يدلّ. ومثّل للأوّل بقوله تعالى : ( أَحَلَّ
اللهُ الْبَيْعَ ) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) و ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ
).
واحتجّ على ذلك :
بأنّ الصحّة متى استفيدت من الحكم التكليفي ـ كالوجوب والإباحة ـ كانت تابعة له ،
فلا يجامع النهي الذي يدلّ على ارتفاع ذلك الحكم. وأمّا إذا لم تكن مستفادة من ذلك
، كقوله : « متى التقى الختانان وجب المهر » لا دلالة للنهي على الفساد ، فإنّ
حرمة الالتقاء حال الحيض ، لا ينافي ترتّب الأثر على الالتقاء ، فلا بدّ من الجمع
بين ما دلّ على الترتّب وبين ما دلّ على الحرمة .
ولعلّ ذلك قريب
ممّا قدّمنا بحسب المفهوم ، فإنّ الموارد التي
قلنا فيها بعدم الدلالة ، كالنهي عن البيع في الجمعة بواسطة تفويت الصلاة ، وتلقّي
الركبان بواسطة إيراثه الغلاء ـ كما يستظهر من الروايات ـ ففي الأوّل لا بدّ من
التخصيص ، وفي الثاني لا بدّ من الجمع.
إلاّ أنّه يرد
عليه أمران :
أحدهما : أنّ هذا
التفصيل قلّما يوجد لو لم يؤخذ بما هو المناط فيه كما قرّرنا ، فإنّ الأغلب أنّ
دليل الصحّة في المعاملات ليس منحصرا فيما يفيد الحكم التكليفي ،
__________________