ثمّ قد يتفرّع على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ اقتضاء الأمر الندبي كراهة ضدّه العامّ أو الخاصّ ، وعلى اقتضاء النهي عن الشيء الأمر بضدّه استحباب ضدّ المكروه.
والتحقيق أنّ الأمر الندبي لا يقتضي كراهة ضدّه العامّ فضلا عن الخاصّ ، إذ ليس في ترك المندوب إلاّ فوت بعض المصالح ، وليس هذا بمبغوض للشارع حتّى يكون مكروها. نعم لو قلنا بأنّ المكروه طلب تركه مع الإذن في الفعل كان ترك ترك المستحب مطلوبا وفعل تركه مأذونا ، ولكنّه مع ذلك لا يعدّ من المكروه ، لأنّه عبارة عن شيء وجودي مطلوب تركه ، فلا يصدق على أمر عدميّ مطلوب نقيضه.
وأمّا اقتضاء النهي على وجه الكراهة استحباب ضدّه العام ، فالظاهر أنّه لا ضير فيه ؛ لأنّ الفرار عن المنقصة مطلوب عند الشارع ، ولا نعني بالمستحبّ إلاّ ما كان مطلوبا. وأمّا استحباب الضدّ الخاصّ فهو مبنيّ على تماميّة قول الكعبي ، ولا نقول به ، كما مرّ غير مرّة.
والحمد لله ربّ العالمين وصلّى على خير خلقه محمّد وآله أجمعين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.