قلت : ذلك مسلّم إذا أوجد البيع قصدا إلى حصول عنوان التجرّي ، وهو لا ينفكّ عن القصد إلى المحرّم الواقعي ، وأمّا بدون القصد إليه فلا نسلّم ذلك.
ثمّ إنّه يظهر من المحقّق الأردبيلي الاستناد إلى قاعدة وجوب دفع المنكر (١) في الموارد التي منع من صدق الإعانة. ويشهد له ما ورد من « أنّ بني اميّة لو لا وجدوا من يجبي لهم الصدقات ويشهد جماعتهم ما سلبونا حقّنا » (٢) دلّ على مذمّة الناس في فعل ما لو تركوه لم يتحقّق المعصية.
وفيه : أنّ الذمّ في الخبر بواسطة أنّ نفس الرجوع إلى الطاغوت من أعظم المعاصي ، لما قد امروا أن يكفروا به (٣).
إلاّ أنّ الإنصاف أنّه خلاف الظاهر ، فإنّ المنساق حرمة أفعالهم من حيث ترتّب المفاسد عليها وهو سلب حقوقهم عليهمالسلام ، ولا ينافيه تحريم نفس الرجوع إلى مخالفيهم أيضا.
إلاّ أنّه مع ذلك لا يمكن التعويل إلى تلك القاعدة في جميع موارد المسألة ، إذ لا يبعد دعوى القطع على عدم وجوب تعجيز من يعلم أنّه سيهمّ بالمعصية ، وإنّما الثابت بالعقل القاضي بوجوب اللطف وجوب ردع من همّ بها وأشرف على الوقوع فيها حدوثا وبقاء ؛ مضافا إلى اختصاص ذلك بصورة العلم بعدم حصول المعصية ، فلو لم يعلم البائع بأنّ منعه منه ينفع في دفع المنكر أو علم أنّه لا ينفع ، لا دليل على وجوب الردع.
فإن قلت : إنّ البيع حرام على كلّ أحد فلا وجه للاعتذار بأنّه لو تركه لم يعلم نفعه في دفع المنكر.
__________________
(١) مجمع الفائدة ٨ : ٥١.
(٢) الوسائل ١٢ : ١٤٤ ، الباب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.
(٣) النساء : ٦٠.