هداية
قد عرفت أنّ الحاكم بوجود الملازمة بين طلب المقدّمة وذيها هو العقل. ولا فرق في نظر العقل بين أقسام الطلب من الوجوبي والتحريمي أو الاستحبابي وطلب ترك الشيء على وجه الكراهة والتنزيه ، لوجود ما هو المناط في الوجوبي في غيره ، فلا بدّ من القول بأنّ التحريم إنّما يترشّح من المحرّم الذاتي إلى ما يوجب وجوده ويوصل إليه ، مثل ترشّح الوجوب إلى ما به يتوصّل إليه ، وأمّا وجوب ما يتوصّل به (١) إلى ترك الحرام فهو ثابت ممّا (٢) تقدّم من وجوب مقدّمة الواجب ، لعدم تعقّل الفرق بين أقسام الواجب من الفعل والترك.
ولا إشكال في ذلك ، وإنّما المهمّ بيان ما هو الموصل إلى ترك الحرام وتوضيح ما هو الموصل إلى فعله.
وتحقيق ذلك في مقامين :
المقام الأوّل : في بيان ما هو الموصل إلى ترك الحرام ، ولعلّه موقوف على تمهيد ، فنقول :
إنّ العلّة التامّة لوجود الشيء قد تكون أمرا واحدا لا تركّب فيه بوجه ، وقد تكون امورا متعدّدة تجمعها وحدة اعتباريّة أو غيرها.
فعلى الأوّل : لا إشكال في أنّ وجودها يوجب الوجود ومع ارتفاعها لا بدّ
__________________
(١) لم ترد « إليه وأمّا وجوب ما يتوصّل به » في ( ع ) و ( م ).
(٢) في ( ط ) : فيما.