الثاني : ترتّب الفسق على تركها على القول بوجوبها ، وعدمه على عدمه ، كذا ذكره بعضهم (١).
فإن أراد بذلك أنّ ترك واجب واحد ولو لم يكن من الكبائر من حيث إنّه يوجب ترك مقدّمات عديدة له فيتحقّق بواسطة ذلك الإصرار في الصغيرة فيؤول إلى الفسق ، فهو باطل.
أمّا أوّلا : فلعدم الملازمة بين ترك الواجب وبين ترك مقدّماته على وجه يتحقّق موضوع الإصرار ، فإنّه ربّما يستند الترك إلى انتفاء مقدّمة واحدة مع وجود غيرها ، اللهمّ إلاّ بالقول بكفاية صورة واحدة في المقام.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الحكم بأنّ تارك المقدّمة فاسق بواسطة الإصرار يوجب ارتفاع الفرق بين الصغيرة والكبيرة في الأغلب ؛ لأنّ ترك الصغائر في الأغلب يوجب ترك المقدّمات على وجه يستلزم الإصرار فيها وإن قلنا بعدم الملازمة ، إلاّ أنّه الأغلب كما لا يخفى. ومع الغضّ عن ذلك فلا نسلّم أنّ الإصرار الحاصل بواسطة ترك المقدّمات يوجب الفسق ، إذ المنساق ممّا دلّ على ذلك إنّما هو فيما إذا كان الواجب واجبا نفسيّا لا غيريّا ، لعدم صدق الإصرار بالمعصية في غيره عرفا. وهو ظاهر بعد ما عرفت من أنّ وجوب المقدّمة لا يورث ثوابا ولا عقابا.
وإن أراد بذلك (٢) أنّ ترك الواجب إذا كان من المعاصي الكبيرة حيث إنّه يستند إلى ترك مقدّمة من مقدّماته الاختياريّة ، وإلاّ لم يكن معصية ، فعلى القول بالوجوب يحكم بفسقه حين الترك وإن تقدّم على زمان الفعل ـ كما أنّه يحكم بفسق التارك للحجّ حين عدم خروجه مع الرفقة وتخلّفه عن القافلة ـ بخلافه على القول
__________________
(١) وهو القزويني في ضوابط الاصول : ٨٤.
(٢) عطف على قوله : فإن أراد بذلك أنّ ترك واجب واحد ...