ومن ذلك يظهر شمول الحدّ المذكور للاصول لها أيضا. ويتّضح ما ذكرنا غاية الاتّضاح عند ملاحظة أنّ علم المقلّد بهذه المسألة ممّا لا يجديه في شيء من أعماله وأفعاله. وذلك ظاهر لا سترة عليه بعد ملاحظة أنّ تشخيص موضوعها موقوف على الاجتهاد الذي ليس للمقلّد فيه حظّ ولا نصيب ؛ مضافا إلى ما يشاهد من درجها في مسائل الاصول في كتب مهرة الفنّ وأساطين الصناعة ؛ وبذلك يكفي شاهدا ودليلا.
ثمّ إنّ من هنا ينقدح لك القول بأنّ الترتيب الطبيعي يقضي بأن تكون ملحقة بالمسائل المذكورة في المبادئ الأحكامية ـ كما صنعه العضدي تبعا للحاجبي (١) ـ فإنّ من المناسب عند تحقيق الحكم الشرعي وتقسيمه إلى الوضعي والتكليفي وتنويعه إلى الأنواع الخمسة المعروفة تحقيق لوازم تلك الأحكام ، من حيث إنّ الوجوب المتعلّق بشيء يستلزم وجوب مقدّماته أو لا. أو مذكورة (٢) في مباحث الأدلّة العقليّة ـ كما صنعه آخرون (٣) ـ من حيث ثبوت حكم العقل (٤) في هذه المسألة ، كما في مسألة ثبوت حكمه في أصالة الإباحة ؛ إذ لا اختصاص لها بما يتفرّع على قاعدة التحسين والتقبيح العقليّين ولا بما يستقلّ العقل باستفادة حكمه ولو من غير توسيط للخطاب الشرعي ، بل قد عدّت (٥) في عدّة مواضع من كلمات المحقّقين الملازمات العقليّة في عداد أدلّتها (٦).
__________________
(١) راجع مختصر الاصول وشرحه للعضدي : ٣ و ٩٠ ، حيث جعل علم الاصول في امور أربعة أوّلها في المبادئ ، وأورد البحث عن مقدّمة الواجب في الأمر الأوّل.
(٢) عطف على قوله : ملحقة.
(٣) كالفاضل التوني في الوافية : ٢٩١ ، وانظر هداية المسترشدين ٢ : ٨٤ ، وضوابط الاصول : ٨٣.
(٤) في ( ع ) و ( م ) : الحكم للعقل.
(٥) في « م » بدل « عدّت » : حقّق.
(٦) راجع الفصول : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، وهداية المسترشدين ٣ : ٤٩٦.