حديث
الرفع ، فهو حديث رفع لا حديث وضع ، وعلى ذلك فغاية ما تثبته القاعدة هو نفي اللزوم لا إثبات الخيار بين الفسخ والإمضاء .
قلت :
يكفي في إثبات الخيار نفي اللزوم ، فانّ نفيه عبارة أُخرى عن كون المعاملة جائزة ، وجواز المعاملة يساوق كون الخيار بيد المشتري فله الإمضاء كما له
الفسخ .
٣
. النهي عن أكل المال بالباطل
استدلّ على ثبوت
الخيار في العقود الغبنيّة بقوله سبحانه : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ
تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ) .
استدلّ الشيخ بهذه
الآية على الخيار وقال : إنّ أكل المال على وجه الخدع ببيع ما يسوي درهماً بعشرة ، مع عدم تسلّط المخدوع بعد تبيّن خدعه على ردّ المعاملة وعدم نفوذ ردّه ، أكل المال بالباطل .
نعم ، مع رضاه بعد
التبيّن بذلك لا يعدّ أكلاً بالباطل .
أقول :
قد استدلّ الشيخ بهذه الآية في غير موضع من كتاب البيع والخيارات ، ولكن الدلالة في المقام غير تامة .
وذلك لأنّ فساد
المعاملة وحرمتها تارة يرجع إلى المسبّب ـ أي نفس المعاملة ـ مع كون السبب ( كالبيع ) جائزاً عارياً من الإشكال ، كما في بيع
الملاهي والخمور والتماثيل والدماء وغير ذلك ، وأُخرى يرجع إلى نفس السبب مع كون المسبّب عارياً عن الإشكال ؛ وهذا كما في أكل المال بالرشاء والقمار واليمين الكاذبة وغيره ، فالآية ناظرة إلى القسم الثاني بشهادة لفظ « الباء » في ( بِالْبَاطِلِ )
__________________