والحاصل : انّ وزان النهي عن شرط ما خالف الكتاب والسنّة وزان قول القائل : « أطع أباك إلّا فيما خالف الشرع » ، أو قول الرجل لصديقه : « إنّي أُطيعك وأسمع قولك إلّا فيما خالف أمر الله » فإنّ معناه أنّ أمر الوالد ، والمولى أو الصديق من الملزِمات إمّا بأمر من الشارع كما في مورد المولى والأب ، أو بالتزام من المكلّف بنفسه كما في مورد الصديق ، ولكن لو كان للشرع أمر ونهي أو وضع فهو المتّبع لا أمر الوالد والمولى والصديق ، وإن لم يكن للشارع فيه أمر ولا نهي ولا جعل غاية الأمر امّا رخصة أو سكوت فالمتّبع أمرهم .
ونظير هذه الأُمور اشتراط شيء في العقد محكوم في الشرع بحكم وضعي أو تكليفي فلا يصحّ اشتراط ما يخالف أحد التكليفين .
إنّ التشريع السماوي نزل لإسعاد البشر فلو عمل به لساقه إلى أعلى درجات الكمال ، وبما أنّ النبيّ الأكرم خاتم الأنبياء ، وكتابه خاتم الكتب ، ورسالته خاتمة الرسالات أضفى سبحانه على شريعته ، وصف الثبات والبقاء إلى يوم القيامة ، فحلاله وحرامه باقيان إلى يوم البعث .
ولكن البشر الجاهل ربّما يتلاعب بأحكامه سبحانه بطرق وحيل ، فيخالف ما سنّه وشرّعه ، لكن بصورة قانونية ، فيجمع ـ بزعمه ـ بين الهوى والشرع ، فأراد سبحانه أن يسدّ هذا الباب في وجهه ليصون بذلك أحكامه عن التلاعب فحكم أنّه :
١ . ليس لأحد المتعاملين اشتراط ما خالف كتاب الله وسنّة رسوله بحجّة قوله سبحانه : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) . (١)
__________________
١ . المائدة : ١ .