موجبا للعقاب الآتي من قبل النهي. هذا.
وإن قلنا بأصالة الاشتغال فالأصل هو الفساد ، كما لا يخفى.
وممّا حقّقنا ظهر ما في كلام المحقّق القمي (١) رحمه الله من أنّ الأصل هو الفساد مطلقا ، فإنّه من القائلين باعتبار أصالة البراءة في مقام الشكّ في الجزئية والشرطيّة ، فيكون المرجع ـ بعد انقطاع اليد عن دلالة النهي ـ هي لا غير ، إن (٢) كان المورد ممّا لم يصل فيه عموم أو إطلاق ـ يقتضيان صحّته ـ وإن (٣) كان المورد مما وصل فيه أحدهما ، فعلى أيّ تقدير يكون الأصل هو الصحّة ، فلا يصحّ دعوى أنّ الأصل هو الفساد بوجه.
ولعلّ مراده من الأصل ما مرّت الإشارة إليه سابقا من أنّه هو الأصل الأوّليّ السابق على أصالة البراءة المقطوع بها ، وهو مع كونه خلاف ظاهر كلامه لا فائدة في التعرّض له بوجه ، إذ على تقدير أن يكون مقتضاه الفساد لا يصار إليه ، ولا يعمل بمقتضاه ، بل المصير إلى أصل البراءة ، وقد عرفت أنّ مقتضاه الصحّة.
وكيف كان ، فإذا عرفت ما قدّمنا لك فاعلم أنّهم اختلفوا في دلالة النهي على فساد المنهيّ عنه على أقوال :
أحدها : القول بالدلالة مطلقا في العبادات والمعاملات لغة وشرعا ، حكي عن الرازي (٤) نسبته إلى بعض أصحابنا وعن النهاية (٥) إلى جمهور فقهاء
__________________
(١) قوانين الأصول : ١ ـ ١٥٥ ـ المقدمة الثانية من مقدّمات مبحث دلالة النهي على الفساد.
(٢) كان في النسخة المستنسخة : وإن كان. والصحيح المتن.
(٣) كان في النسخة المستنسخة : أو أحدهما ان كان المورد مما وصل فيه أحدهما وعلى أي تقدير. والصحيح ما أثبتناه.
(٤) الحاكي هو العلاّمة في المنتهي : ٨٠ والمعتمد ١ : ١٧١ عن بعض أصحاب أبي حنيفة والشافعي.
(٥) النهاية ١ : ٨٠.