بما هو ، ويعبّر عنه بالمنهيّ عنه لنفسه ، ولا مساس لهذا الوجه فيه بوجه ، كما لا يخفى.
وأمّا ثانيا : فلأنّ بعض العناوين المتّحدة مع المنهيّ عنه في سائر أقسام محلّ النزاع ممّا لا يعقل إرجاع النهي إليه وجعله موضوعا ، لعدم كونه من قبل المكلّف ، كما يظهر للمتأمّل في أمثلتها ، وأيضا من أمثلة المنهيّ عنه لجزئه ـ الّذي هو أحد أقسام محلّ النزاع ـ الصلاة مع قراءة العزائم فيها ، ومن المعلوم عدم تعلّق النهي بقراءة العزائم ، فلا يمكن إرجاع النهي إليها.
هذا ، ثمّ إنّه قد علم في المسألة المتقدّمة الفرق بينها وبين هذه المسألة.
وربما يتوهّم الفرق بينهما ، بأنّ النزاع في تلك المسألة صغرويّ بالنسبة إلى هذه ، إذ على القول بامتناع الاجتماع يخرج المورد عن كونه من مصاديق هذه ، وعلى القول بجوازه يدخل فيها.
ويتّجه عليه : أنّه على القول بجواز الاجتماع لا يكون الموضوع للحرمة حقيقة هو الّذي كان موضوعا للأمر ، بل عنوان آخر متّحد معه ، ومن المعلوم أنّه واسطة في العروض ، وهي لا تصلح ليسري (١) الحكم المعلّق عليها إلى غيره ممّا اتّحد معها ـ كما عرفت سابقا ـ فلا يتحقّق بمجرّده موضوع هذه المسألة.
وأيضا لو سلّمنا صلاحيتها لذلك ، فموضوع هذه المسألة متحقّق معها على القولين في تلك المسألة ، إذ المفروض على كلّ منهما كون العنوان المتّحد مع المأمور به منهيّا عنه ، فلا يدور تحقّقه مدار القول بجواز الاجتماع.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه على القول بامتناع الاجتماع لا يلزم القائل به رفع الأمر عن مورد الاجتماع ، بل يدور رفع أحد من الأمر والنهي مدار ما
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : ( لتسرّي ) ، لكن لا يوجد في اللغة هذا المصدر بمعنى السراية ، فالصحيح ما أثبتناه.