لكنّه مدفوع : بأنّ النزاع ـ في المقام إنّما هو صغرويّ راجع إلى أنّه إذا تعلّق النهي بشيء هل يدلّ على فساد متعلّقه ـ حتّى يكون منافيا لذلك الدليل المقتضي بإطلاقه لصحّة ذلك الفرد المنهيّ عنه ، حتّى يدخل المورد في تلك المسألة ، ويكون من مصاديقهما ، فيقيّد ذلك الدليل بغير مورد النهي ـ أو لا يدلّ عليه فلا ينافيه ، فيخرج عن كونه من مصاديق تلك ، فلا يبنى ذلك الدليل؟ وثمّة كبرويّ (١) راجع إلى أنّه إذا ورد مطلق ومقيد متنافيا الظاهر ـ بعد الفراغ عن كونهما كذلك ـ فهل يبنى ذلك المطلق على المقيّد إذ العمل بالمطلق في جميع أفراده التي منها موضوع ذلك الدليل المقيّد يطرح ذلك المقيّد رأسا ـ أو يؤوّل إلى ما لا ينافي المطلق؟
وهذا في المعاملات في غاية الوضوح ، ضرورة أنّ النزاع فيها إنّما هو في أنّه إذا تعلّق النهي بفرد خاصّ من المعاملة ، فهل هو يقتضي فساد متعلّقه ـ حتّى يكون منافيا لما يقتضي صحّته من الأدلّة المطلقة ـ أو لا؟
وأمّا في العبادات فكذلك ـ أيضا ـ بعد التأمّل ، فإنّ المتأمّل في أدلّة الطرفين يقطع به فيها ـ أيضا ـ فإنّ مدّعي دلالة النهي على الفساد فيها ـ أيضا ـ يدعى التلازم بينه وبين الفساد ، فيكون منافيا للأمر بمطلق العبادة ، و [ إن ] بنينا في دلالته عليه بنفي ذلك التلازم ، فلا يكون منافيا له.
نعم مشارب النافين للتلازم مختلفة :
فمنهم : من ينفيه محتجّا بأنّ الفساد سلب أحكام الشيء عنه ، ولا ملازمة بينه وبين النهي ، كما حكي هذا عن الحاجبي (٢) والعضدي (٣).
ومنهم : من ينفيه بأنّ النهي عن المقيّد ـ يعني عن مجموع القيد والمقيّد ـ
__________________
(١) أي والنزاع ثمّة كبروي ..
(٢) شرح المختصر : ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٣) شرح المختصر : ٢٠٩ ـ ٢١٠.