هذا ، لكن الظاهر كما اختاره ـ دام ظلّه ـ أيضا كون الغسل مما يقبل الاتّصاف بهما ، فإنّه من حيث إنّه وإن لم يقع في الخارج على قسمين ، لكنّه باعتبار سببيّته لرفع الخبث يقع فيه على قسمين ، والصحيح منه ما يفيد رفعه ، والفاسد منه ما لا يفيده ، فموضوع الأصل المذكور إنّما هو الغسل حال كون الفاعل في صدد رفع الخبث ، وهو غير ملازم لرفع الخبث ، فيجري فيه الأصل المذكور ، فاندفع الإشكال ، وبه يندفع الإشكال عن الاستنجاء أيضا.
والظاهر أنّه ـ أيضا ـ كالغسل من حيث اتّصافه بالصّحة والفساد ووقوعه في الخارج على قسمين.
ويظهر اختيار ذلك من شيخ الطائفة ـ قدس سره ـ على ما حكي عنه في مسألة الاستنجاء ، حيث إنّه حكم بفساد الاستنجاء الواقع بالعظم والروث محتجّا عليه بورود النهي عنه ، وهو يقتضي الفساد.
وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في إجراء الأصل المذكور في الغسل والاستنجاء ، نظرا إلى التوجيه المذكور ، ولولاه لانسدّ باب الرجوع إلى ذلك الأصل في أبواب العقود والإيقاعات أيضا كما لا يخفى على المتأمّل لجريان الإشكال المذكور فيها بعينه فيقال ـ في مثل البيع ـ : إنّ الأصل المذكور إن لوحظ فيه بالنسبة إلى طبيعة البيع ـ وهو الإيجاب والقبول ـ فيكون حاله حال طبيعة الغسل ، وإن لوحظ بالنسبة إلى أثره فيكون حاله حال رفع الخبث ، وإن لوحظ بالنسبة إلى عنوان نقل الملك فحاله حال التطهير.
ويندفع الإشكال المذكور عنها أيضا بالتوجيه المتقدّم ، فعليك بالتطبيق ، فلا نطيل الكلام بإعادته.
ثمّ إنّ الصحّة والفساد في العبادات من الأحكام العقلية بناء على تفسيرهما بموافقة الأمر وعدم الموافقة له ، فإنّ الموافقة والمخالفة من الأمور الواقعية [ التي ] يدركها العقل ، ولا سبيل للجعل إلى شيء منهما بالضرورة.