صدور طلب آخر مولويّ من الشارع ، بل إنّما توجب تأكّد الطلب الابتدائي ، وصدور طلب إرشادي كاشف عن الاهتمام في شأن ذلك الواجب ، فكذلك المزيّة المفروضة فيما نحن فيه.
والحاصل : أنّ الحال فيما نحن فيه نظير الحال في الواجبين المتزاحمين اللذين أحدهما أهمّ من الآخر ، لكن لم يبلغ الاهتمام فيه إلى حدّ التعيين ، بل أوجبت المزيّة الموجودة فيه مجرّد رجحان فعله بالنسبة إلى الآخر واختياره عليه ، لا وجوب تقديمه عليه.
هذا كلّه في الواجبات التخييرية الشرعية.
وأما الواجبات التخييرية عقلا التي دلّت الأدلّة على استحبابها ، فلا بدّ فيها من حمل ذلك الطلب المستفاد من تلك الأدلّة على الإرشادي الكاشف عن أرجحيّة ذلك الفرد بالنسبة إلى سائر أفراد المأمور به ، لكنّ المزيّة الموجودة فيه ليست مؤكّدة لطلب آخر ، لعدم تعلّق الطلب بخصوص الأفراد أصلا ، بل يتوجّه لأرجحية ذلك الفرد في وقوعه امتثالا عن ذلك الفرد المتعلّق بأصل الطبيعة المأمور بها بالإضافة إلى سائر أفرادها. هذا.
ومنها : تداخل الأغسال الواجبة والمندوبة ، ووجه الاستدلال به أيضا نظير ما مرّ ، وكذا الجواب عنه ، فإنّ ذلك لو كان من مقولة اجتماع الأمر والنهي ، فمن يمنع منه عقلا لا بدّ أن يؤوّل تلك الموارد إلى شيء آخر ، لعدم معارضة بين القطع والظاهر بوجه.
والتحقيق في الجواب : أنّ تداخل الأغسال الواجبة والمندوبة على تقدير ثبوته شرعا ليس من مقولة اجتماع الوجوب والاستحباب على النحو الّذي هو محلّ النزاع في المقام في شيء أصلا ، فإنّا إن بنينا على كون كلّه غسل حقيقة مغايرة للآخر ـ كما لعلّه الظاهر من الأدلّة ـ أو أنّ الغسل حقيقة واحدة غير متكثّرة بالوجوب والاستحباب أو بتكثّر الأسباب واختلافها ، مع اعتبار الإيجاد