حمل النهي فيه على الإرشادي ، بتأويل أنّ العبادة فيها مصلحة توجب رجحانها ، لكنّها قد عرضها عنوان آخر ذو مفسدة مقتضية الأرجحيّة تركها بالنسبة إلى فعلها ، بمعنى أن تلك المفسدة الثابتة لذلك العنوان المتّحد مع تلك العبادة ليست بحيث تزيل مصلحة العبادة وتحدث فيها حزازة ، بل هي مع اتّحادها مع ذلك العنوان ذات مصلحة وحسنة من غير حزازة فيها أصلا ، بحيث لو أتى بها فقد أتى بمحبوب الشارع ومطلوبه ، ويستحقّ الثواب على فعله ، إلاّ أنّ مفسدة ذلك العنوان المتّحد معها اقتضت أرجحيّة تركها بالنسبة إلى فعلها ، نظرا إلى كونها أقوى من تلك المصلحة ، فيكون دفعها أرجح من جلب تلك المصلحة فنهي الشارع إرشادا عن فعل الصوم كنهيه عن غير الأهمّ في كلّ واجبين متزاحمين يكون أحدهما أهمّ من الآخر ، فإنّ طبيعة الصوم فيها مصلحة موجبة لرجحانها على الإطلاق ، إلاّ أنّها في اليوم العاشر من المحرّم اتّحدت مع عنوان آخر ذي مفسدة ، وهو النسبة [ إلى ] بني (١) أميّة ـ لعنهم الله تعالى ـ ، ولمّا كان ترك ذلك العنوان أرجح من فعل الصوم مع كون الصوم راجحا أيضا ، فنهي الشارع عنه بها إرشاديّا مطابقا لحكم العقل الإرشادي بتقديم الأهمّ في كلّ عنوانين متزاحمين أحدهما أهمّ.
وبالجملة : الحال في المقام نظير الحال في القسم المذكور من المتزاحمين.
هذا ، ويشكل هذا بأنّ تلك المفسدة العارضة لتلك العبادة من جهة اتّحادها مع ذلك العنوان إن كانت مساوية لمصلحة نفس تلك العبادة ، فلا يعقل كون تركه أرجح حتّى يكون النهي لأجله للإرشاد ، وإن كانت أقوى منها فلا بدّ أن تغلب عليها ، فتكون تلك المصلحة مضمحلّة في جنبها ، ومعه لا يعقل بقاء الأمر بالعبادة ، بل يستتبع الحكم للجهة الغالبة.
__________________
(١) في الأصل : ببني ..