قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( لأجل التشفّي المستحيل في حق الحكيم تعالى فتأمّل ) (١).
أقول كان الأمر بالتّأمل إشارة إلى أنّ تأكد الذم في المبغوضات العقلائية بالنسبة إلى من صادف قطعه الواقع لا يكون إلاّ استحقاقه العقاب ، ضرورة قبحه المانع من صدوره من العقلاء لولاه ، ومجرّد كون الغرض منه هو التشفّي غير موجب لاستحقاقه ولا مجوّز له بالضّرورة ، فإذا ثبت استحقاقه [ في ] المبغوضات العقلائية ثبت في المبغوضات الشّرعية لاتّحاد المناط في الكل ، لعدم صلاحية التشفي لكونه فارقا بين المقامين ولا فارق سواه.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( وقد يظهر من بعض المعاصرين التفصيل في صورة القطع بتحريم شيء غير محرم واقعا فرجّح استحقاق العقاب بفعله إلاّ أن يعتقد تحريم واجب غير مشروط بقصد القربة ) (٢).
أقول : حاصل حجّة المفصّل المذكور على ما صار إليه بتوضيح منّا أنّ سببية التجرّي لاستحقاق العقاب إنّما هي لقبحه ، فيدور فعلية الاستحقاق لأجل مدار فعلية قبحه ، وقبحه ليس ذاتيا حتّى يتحقق موضوعه كيف ما اتفق ، فيكون فعليا في جميع الحالات والموارد ، بل إنّما هو يختلف بالوجوه والاعتبار ، بمعنى أنّه مقتضى له لا علّة تامة ، فيمكن عدم تأثيره فعلا فيه إذا اقترن بما يمنع من اقتضائه له في مورده ، فإذا اتّحد مع عنوان ذي مصلحة في الواقع فيمكن تأثير ذلك العنوان من جهة اشتماله على المصلحة في تضعيف قبحه وتقليله أو دفعه رأسا بحسب اختلاف مراتب قوة تلك المصلحة وضعفها بالإضافة إلى مفسدة جهة التجري ومساواتها له فيقلّ قبحه فيما إذا كانت تلك المصلحة أضعف من
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٠.
(٢) فرائد الأصول ١ : ١٠.