وذلك غير مضر ، لأنّ عدم استحقاق العقاب على [ عدم ](١) شرب الخمر كما قد يتحقق في ضمن عدم شربها اختيارا كذلك يتحقق في ضمن عدم شربها اضطرارا.
والحاصل أنّه إذا جعلنا المناط في استحقاق العقاب هو شرب الخمر اختيارا فالفارق إنّما هو تحققه في حق من صادف قطعه للواقع وانتفائه في حق من لم يصادف قطعه له.
وهذا الّذي ذكرنا إنّما هو مناقشة في دليل المستدل المذكور وإلاّ فنحن قد قوينا المدّعي بالوجوه المتقدمة (٢).
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( كما يشهد به بعض الأخبار ) (٣).
أي بالتفاوت في الثواب والعقاب لأمر غير اختياري ، إذ ليس غرضه تطبيق تلك الأخبار على محلّ الكلام ، بل إنّ غرضه الاستشهاد بها ، لمجرّد إثبات أنّ الثواب والعقاب يتفاوتان بتفاوت العمل من جهة كونه اختيارا وعدم كونه كذلك ، لرفع الاستبعاد المدّعي في الدّليل المذكور.
بيان ما لعله يحتاج إلى البيان في تلك الأخبار.
فاعلم أنّه قد يتوهّم أنّ عدم استحقاق من قد كثر العامل بسنته السيئة أو الحسنة للمقدار الزائد من الثواب أو العقاب مسلّم لأن الاستحقاق له كاستحقاق أصل الثواب والعقاب لا بدّ له من سبب اختياري له ، فإذا ليس فليس ، لكن استحقاق من كثر العامل بسيئته له (٤) غير معقول بعد مساواته للأول في الفعل الاختياري وهو إحداث السيئة والعمل الزائد لسيئته بالنسبة إلى العمل بسيئة الآخر أمر خارج عن اختياره لفرض كونه من فعل الغير ، فلا
__________________
(١) أثبتناها لضرورة السياق.
(٢) انظر الصفحات السابقة رقم ٤٥.
(٣) فرائد الأصول ١ : ٩ ، إلاّ أنّه لا يوجد فيها كلمة ( بعض ).
(٤) في نسخة ( ب ) : ( فيجب ).