وتخصيص الآخر بغيره ، وإلاّ فالتخيير.
ولا يخفى أنّ هذا فيما إذا اقتضى كلّ من الأمر والنهي بعمومه أو إطلاقه دخول مورد الاجتماع فيه ، وإلاّ فيحكم بدخوله فيما اقتضى دخوله فيه إن كان أحدهما كذلك ، وإلاّ فيعمل على مقتضى الأصول العمليّة المقرّرة لصورة دوران الأمر بين الوجوب والتحريم مع فقد النصّ من أصل البراءة أو الاحتياط على اختلاف القولين فيها ، فافهم.
بقي هنا شيء (١) ينبغي التنبيه عليه : وهو أنّ التخصيص في المقام ليس كالتخصيصات اللفظية المتعارفة ، نظرا إلى أنّه إذا قام القرينة في التخصيصات اللفظية على خروج فرد من عامّ فهي إنّما تخصّص موضوع الحكم المعلق على ذلك العامّ بغير ذلك الفرد ، بحيث لا يكون شيء من المصلحة أو المفسدة المقتضيتين لذلك الحكم موجودا في ذلك الفرد أصلا في حال من الأحوال الطارئة عليه ، مثلا : إذا قامت القرينة المتّصلة أو المنفصلة على خروج ( زيد ) من قوله : أكرم العلماء ، أو لا تكرم الفسّاق ، فزيد خارج عن حكم وجوب الإكرام في الأوّل ، وعن حكم حرمته في الثاني ، وعن كونه ذا مصلحة مقتضية للأوّل في الأول ، أو ذا مفسدة مقتضية للثاني في الثاني ، فيكون موضوع الحكم والمقتضي له في المثالين ما عداه من أفراد العلماء والفسّاق بحيث لا يدخل هو في حكم العام ، ولا يشتمل على الجهة المقتضية له من المصلحة والمفسدة في حال من الأحوال ، فلا يقع موردا للامتثال في المثال الأوّل ، أو للعصيان في الثاني في حال من الأحوال.
هذا بخلاف التخصيص في المقام فإنّا إذا بنينا ـ مثلا ـ على ترجيح جانب النهي ، وحكمنا بخروج مورد الاجتماع عن الأمر ، فليس خروجه منه كخروج
__________________
(١) انظر ما يرتبط بالمقام في مسألة دلالة النهي على الفساد : ١٣٠.