وثالثها : أنّ الّذي ذكره ـ حجّة على دعوى كون المستعمل فيه الهيئة هو العامّ ـ الظاهر أنّه غير مثبت لها ، فإنّ مجرّد تعلّق الغرض بإيجاد الطلب المطلق [ غير ](١) المقيّد مع فرض كون الموجود شخصا لا يوجب كون الهيئة مستعملة في ذلك الطلب المطلق ، بل ليس هذا من استعمالها فيه في شيء ، بل هذا معنى استعمالها في الخصوصيّة ، إذ استعمال الإنشاءات في معانيها ليس إلاّ إيجادها بها.
ومن المعلوم أنّ الإيجاد الأوّلي بها إنّما هو متعلّق بالأشخاص ، ويكون إيجاد الطبائع معها من باب الملازمة ، فالذي استعملت فيه الهيئة هو الأشخاص وإن كان الغرض وجود ذلك الطلب المطلق ، فالذي حقّقه وجعله حجّة على دعواه منشأ لخلاف مدّعاه.
هذا مضافا إلى أنّا لو سلّمنا كونه استعمالا في العامّ فلا يخفى أنّه لا يقع استعمال الهيئات في الخاصّ أصلا ، فإنّ استعمالها في المحاورات لا يقع إلاّ على النحو المذكور ، مع أنّك قد عرفت اتّفاق الفريقين في تلك المسألة على انّها لا تستعمل إلاّ في الخاصّ.
ومن البديهيّ أنّهم لا يتّفقون على أمر غير واقع أصلا ، فيكشف ذلك عن أنّ مرادهم من الاستعمال في الخاصّ هو استعمالها على النحو المذكور ، فيكون نزاعه ـ قدّس سرّه ـ مع هؤلاء لفظيا.
ومن هنا ظهر : أنّ الّذي جعله حلاّ للإشكال حلّ له حقيقة ، موافق لما حقّقنا ، لعدم خروجه عن الفرض حقيقة ، وإنّما هو خروج عنه بمقتضى تسمية ذلك الاستعمال استعمالا في العامّ ، فافهم.
وإذا عرفت محلّ النزاع في المقام فاعلم : أنّهم اختلفوا فيه على قولين ، فالأكثر على اقتضاء أدوات الشرط لانتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، ونسب
__________________
(١) إضافة يقتضيها السياق.