على تقدير بقائه على ظاهره ـ بمعنى كون المراد منه ذلك ـ مساو في جميع الأحكام للآخر على تقدير بقائه على ظاهره ، فقوله : ـ صلّ ولا تصلّ في المكان المغصوب ـ إن كان المراد ظاهره من تعلّق النهي بالصلاة الواقعة في المكان المغصوب التي هي فرد من أفراد مطلق الصلاة المأمور بها فيمتنع فيه الصحّة كامتناعها في المثال الآخر إن كان الحال فيه هكذا.
لكنّهم حكموا بالصحّة فيه لقيام الإجماع فيه عليها ، فبقرينة ذلك الإجماع يستكشف عن أنّ متعلّق النهي إنما هو عنوان الغصب المتحد مع بعض أفراد الصلاة ، لا الفرد من الصلاة الواقعة في المكان المغصوب ، فحينئذ يدخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وقد عرفت فيها ثبوت الصحّة حال النسيان والغفلة والجهل الّذي لا يعذر فيه ، فالفارق بين المثالين إنّما هو ذلك الإجماع ، فإنّه لمّا منع في المثال المذكور أخرجه عن ظاهره إلى مسألة اجتماع الأمر والنهي ، بخلاف قوله : ـ أعتق ولا تعتق رقبة كافرة ـ لعدم قيام دليل عليه فيه على الصحّة ، فيستكشف منه ذلك ويخرجه عن ظاهره ، والله أعلم بحقائق الأمور.
زيادات متعلّقة بمسألة اجتماع الأمر والنهي (١) :
أولاها : أنّه قد يسأل : أنّه ما الفرق بين التخصيص في تلك المسألة ـ بناء على امتناع الاجتماع ـ وبينه في التخصيصات اللفظية والتقييدات كذلك فيما إذا كان هناك دليلان عامّان أو مطلقان يكون النسبة بينهما هي العموم من وجه ـ كقوله : أكرم العلماء ولا تكرم الفسّاق ـ حيث إنّه إذا بنى على إخراج مورد التعارض عن موضوع الأمر فيهما ـ وتخصيص الأمر أو تقييده بغيره ـ لا يقع ذلك المورد امتثالا بوجه وفي حال؟
هذا بخلاف التخصيص في تلك المسألة ، حيث إنّه مع التخصيص فيها
__________________
(١) راجع مسألة اجتماع الأمر والنهي : ١٦.