المتقدّمة ، فلا نطيل الكلام بالتعرّض له مع عدم الحاجة إليه بوجه ، وتصوير اجتماعهما بأن يفرض كون فعل مقدّمة لواجب وعلة لارتكاب محرّم.
لكن لا يخفى عدم إمكان اجتماعهما ـ أيضا ـ كالنفسيّين فإنّ ذينك الواجب والحرام إن كانا متساويين عند التزاحم ـ بأن لا يكون امتثال أحدهما أهمّ من الآخر ـ يكون الحكم التعليقي المنجّز ، فإن اختار امتثال الواجب يكون (١) ذلك الفعل مقدّمة له لا غير ، أو امتثال الحرام يكون (٢) تركه مقدّمة له لا غير ، وليس في حقّه الآن كلا الطلبين حتّى يقتضيا وجوبه وتحريمه معا مقدّمة ، بل أحدهما مع تفويض التعيين إلى المكلّف ، بمعنى أنّ أيّهما عيّنه واختاره كان حكما فعليّا له ، فيتعيّن في حقّه ، وإن كان أحدهما أهمّ من الآخر فلا يعقل بقاء غير الأهمّ حينئذ إلاّ على وجه التعليق ، وقد عرفت أنّه لا يصلح لأن ينشأ منه طلب غيريّ إلى ما يتوقّف عليه ، لرجوعه إلى طلب الشيء على تقدير حصوله ، فافهم ، والله أعلم.
زيادة متعلّقة بمقام الفرق بين مسألة دلالة النهي على الفساد ومسألة بناء المطلق على المقيّد : وهي أنّه قد مرّ ـ في مطاوي كلماتنا المتقدّمة في وجه الفرق ـ تسليم أنّ قوله : ـ أعتق رقبة ، ولا تعتق رقبة كافرة ـ من أفراد محلّ النزاع في مسألة دلالة النهي على الفساد ، فيسأل حينئذ : ما الفرق بين قوله : ـ صلّ ولا تصلّ في المكان المغصوب ـ حيث إنّهم حكموا بصحّة الصلاة حال الغفلة عن الغصبية ، أو نسيانها ، أو الجهل بها جهلا يعذر فيه المكلّف ، وبفساد عتق الكافرة في جميع الأحوال مع أنّهما من باب واحد.
لكنّه مدفوع : بأنّ كون كلّ منهما مثالا لتلك المسألة إنّما هو بالنظر إلى ظاهر الخطاب من كون النهي متعلّقا ببعض أفراد الطبيعة المأمور بها ، وكلّ منهما
__________________
(١ و ٢) في النسخة المستنسخة : فيكون ..