ثم إنّه ظهر من تقرير الإشكال ، أنّ
التمثيل بالحديث على مذهب الصحيحي في أسماء العبادات سالم عن هذا الإشكال ، إذ بعد البناء على ثبوت الحقيقة الشرعية في الصيام مثلاً ، فلا يجري أصالة عدم نقله ، لثبوته بالدليل فينحصر الدوران فيما بين
التخصيص والإضمار .
المسألة العاشرة : الدوران بين المجاز
والإضمار ، مثاله قوله تعالى : (
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ )
لدوران الأمر فيه بين إرادة الأهل من القرية مجازاً ، وبين إضمار الأهل ، لعدم
قابليّة القرية من حيث هي للسؤال .
وقد يناقش بأنّ لفظ القرية قيل إنّه نقل
إلى الأهل ، كما قيل إنّ لفظ جماعة نقل إلى بيوتهم ، كما يقال أحرق الجماعة أي بيوتهم ، فعلى هذا يخرج عن كونه مثالاً
لما نحن فيه ، بل يدور الأمر فيها أي القرية بين النقل والإضمار .
وفيه : منع احتمال نقل القرية ، بل هي
باقية على معناها الأصلي .
نعم لا ثمرة في جعل مناط التمثيل لفظ
القرية ، للقطع بعدم ثبوت الحكم لنفس القرية ، بل لسكّانها .
والأولى جعل مورد التمسك لفظ السؤال ،
ويقال : إنّ الأمر دائر بين إضمار أهل ، وبقاء السؤال على حقيقته ، وبين التجوّز في السؤال ، بارادة السؤال الصوري
منه ، وعدم الإضمار ، فتظهر الثمرة بينهما حينئذٍ ، إذ على الإضمار يكون المكلّف به
السؤال الحقيقي ، فلا بدّ من سؤال أهل القرية ، وعلى المجاز يكون السؤال الصوري ، ويحصل الامتثال بمجرّد السؤال الصوري ، ومعنى السؤال الصوري أن يجعل ما لا يصلح للسؤال منزلة من يصلح له ، فيسأل منه ما يسأل ممّن يصلح له ، وهذا شائع في العرف .
وكيف كان ، فلا يخفى أنّ كلّاً من
المجاز والإضمار خلاف الأصل ، ولا رجحان لأحدهما على الآخر ، فيتساويان ، فيجب التوقف ، لكن في كون الإضمار مخالفاً للأصل مطلقاً تأمّل ، إذ لو قام دليل على المحذوف ، فلا حاجة إلى ذكره ، فلا يكون
تركه مخالفاً للظاهر ، بل قد يعدّ ذكره لغواً حينئذ بخلاف المجاز ، لخروجه عن مقتضى
الظاهر على كل حال .
نعم لو قيل بثبوت الوضع النوعي في
المركّبات ، وجعلت الهيئة الموضوعة هي ما كانت طارئة على الكلمات التي يراد بيان معانيها الافرادية ، للتوصّل إلى المعنى
المركب بعد ملاحظة وضع الهيئة ، من دون إسقاط شيء منها ، كان في الحذف خروج عن ظاهر