ثم إنّه يمكن التمسك في مورد العلامة المذكورة بظاهر الإضافة أيضاً ، فإنّها ظاهرة في كونها بتقدير اللام ، أعني كون المضاف اليه مبايناً للمضاف ، لا بيانية بتقدير ( من ) حتى يكون فرداً منه ، فيقال في مثل نار الحرب إنّ الظاهر من الإضافة كون الحرب مباينةً للنار ، فيثبت بذلك أيضاً كون النار مجازاً في الحرب ، فإن ذلك وإن كان ظناً إلّا أنه من الظنون المعتبرة ببناء العقلاء ، لأنه من الظن الدَّلاليّ الناشئ من أصالة عدم القرينة ، المجمع على اعتباره من كافّة العقلاء ، ففي مورد التزام التقييد علامتان لمجازية اللّفظ المطلق في المعنى المبحوث عنه .
إحداهما علميّة ، وهي مجرد التزام القيد ، فإنه بنفسه يفيد العلم بالمطلوب .
والاُخرى ظنيّة ، وهي ظاهر الإضافة بناء على أنّها ظاهرة في ذلك الذي ذكرنا ، أي المباينة بين مسمّى الكلمتين .
ثمّ إنّه جعل من فروع دلالة الإضافة على المباينة ، خروج التكبير والتسليم عن حقيقة الصلاة ، لظهور قوله عليه السلام : ( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) إذ لا ريب أن المراد بالتحريم والتحليل ، المحرم والمحلل ، وحيث أنّ التحريم والتحليل قد حملا عليهما ، فيكونان أي المحرم والمحلل عين التكبير والتسليم ، فإذا فرضنا أنّ الإضافة تفيد المباينة ، فيستفاد من إضافة المحلل والمحرم اللذين هما عين التكبير والتحليل ، خروجهما عن حقيقة الصلاة .
وأورد عليه المحقق (١) ، والعلامة (٢) ، والمحقق الثاني (٣) ـ فيما حكي عنهم ـ بأن الإضافة لا تدلّ إلّا على المغايرة ، وهي ثابتة بين الشيئين أو بين الشيء وجزئه ، ولذا صح يد زيد ووجهه .
وفيه نظر : لأنّ إضافة اليد إلى زيد ليس من إضافة الجزء إلى الكل ، لان زيداً ليس موضوعاً للجسم المشتمل على اليد ، بل للذات المشخصة بالوجود الخاص الخارجي الممتاز عن سائر الموجودات .
والأولى الاستشهاد بمثل سقف البيت وحائطه ، فإنّ السقف جزء البيت مع جواز إضافته إليه .
___________________________
(١) المعتبر : ١٦٨ في كتاب الصّلاة مسألة ولا يكون داخلاً في الصلاة إلّا بإكمال التكبير الخ .
(٢) منتهى المطلب : ٢٦٨ عند قوله لانّ الاضافة تقتضي المغايرة ولا ريب في مغايرة الشيء لجزئه الخ .
(٣) جامع المقاصد : ١٠٧ في الفصل الثالث في تكبيرة الإحرام عند قوله والمضاف مغاير للمضاف اليه الخ .