باب المقدمة أيضاً ، فان ما هو واجب وهو عنوان التخلص ليست تلك الحركات مقدمة له ، وما كانت تلك الحركات مقدمة له وهو الكون في خارج الدار ليس بواجب ، ضرورة أنّ الكون فيه ليس من أحد الواجبات في الشريعة المقدسة لتكون مقدمته واجبة.
وبكلمة اخرى : فقد عرفت أنّ عنوان التخلية إمّا أن يكون مضاداً للحركات الخروجية أو مناقضاً لها ، وعلى كلا التقديرين لا يعقل أن تكون تلك الحركات مقدمة له ، لما ذكرناه في بحث الضد (١) من استحالة كون أحد الضدين مقدمةً للضد الآخر أو أحد النقيضين مقدمة لنقيضه ، كما تقدم هناك بشكل واضح فلاحظ.
ثمّ لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ عنوان التخلص متحد مع عنوان الكون في خارج الدار ومنطبق عليه انطباق الطبيعي على مصداقه ، فعندئذ وإن كانت تلك الحركات مقدمة له ـ أي لعنوان التخلية والتخلص ـ إلاّ أنّه قد تقدم في بحث مقدمة الواجب (٢) أنّه لا دليل على ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته ، لتكون تلك الحركات واجبة بوجوبي مقدمي.
ونتيجة ما ذكرناه : هي أنّ الخروج ليس بواجب لا بوجوب نفسي ، لعدم الملاك والمقتضي له ، ولا بوجوب مقدمي ، لعدم ثبوت الصغرى أوّلاً ، وعلى تقدير ثبوتها فالكبرى غير ثابتة.
أضف إلى ذلك : أنّ الخروج ليس عنواناً لتلك الحركات المعدّة للكون في الخارج ، بل هو عنوان لذلك الكون فيه ، ضرورة أنّه مقابل الدخول ، فكما أنّ
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٩٠ وما بعدها.
(٢) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٨١.