فان كانت متصلةً فهي مانعة عن أصل انعقاد الظهور ، وإن كانت منفصلةً فالظهور وإن انعقد إلاّ أنّها تكشف عن أنّ الارادة الاستعمالية لا تطابق الارادة الجدية ، وأمّا إذا لم يأت بقرينة كذلك فيثبت لكلامه إطلاق كاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت ، لتبعية مقام الاثبات لمقام الثبوت ، ضرورة أنّ إطلاق الكلام أو تقييده في مقام الاثبات معلول لاطلاق الارادة أو تقييدها في مقام الواقع والثبوت.
وعلى الجملة : فالارادة التفهيمية هي العلة لابراز الكلام وإظهاره في مقام الاثبات ، فانّ المتكلم إذا أراد تفهيم شيء يبرزه في الخارج بلفظ ، فعندئذ إن لم ينصب قرينةً منفصلةً على الخلاف كشف ذلك عن أنّ الارادة التفهيمية مطابقة للارادة الجدية وإلاّ لم تكن مطابقةً لها.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة : وهي أنّ المتكلم إذا كان متمكناً من الاتيان بقيد وكان في مقام البيان ومع ذلك لم يأت بقرينة على الخلاف لا متصلةً ولا منفصلةً كشف ذلك عن الاطلاق في مقام الثبوت ، وهذا مما قد قامت السيرة القطعية من العقلاء على ذلك الممضاة شرعاً ، ولا نحتاج في التمسك بالاطلاق إلى أزيد من هذه المقدمات الثلاث ، فهي قرينة عامة على إثبات الاطلاق ، وأمّا القرائن الخاصة فهي تختلف باختلاف الموارد فلا ضابط لها.
بقي في المقام أمران : [ الأوّل : هل المتيقن في مقام التخاطب مانع عن الاطلاق؟ ]
الأوّل أنّ القدر المتيقن بحسب التخاطب هل يمنع عن التمسك بالاطلاق؟ فيه وجهان.
ذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّه يمنع عنه.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٤٧.