النهي في العبادات
يقع البحث فيه عن عدّة جهات :
الاولى : ما تقدّم من أنّ نقطة الامتياز بين هذه المسألة والمسألة المتقدمة ـ وهي مسألة اجتماع الأمر والنهي ـ هي أنّ النزاع في هذه المسألة كبروي ، فانّ المبحوث عنه فيها إنّما هو ثبوت الملازمة بين النهي عن عبادةٍ وفسادها وعدم ثبوت هذه الملازمة ، بعد الفراغ عن ثبوت الصغرى ـ وهي تعلق النهي بالعبادة ـ وفي تلك المسألة صغروي حيث إنّ المبحوث عنه فيها إنّما هو سراية النهي في مورد الاجتماع والتطابق عن متعلقه إلى ما ينطبق عليه متعلق الأمر وعدم سرايته. وعلى ضوء ذلك فالبحث في تلك المسألة في الحقيقة بحث عن إثبات الصغرى لهذه المسألة ، حيث إنّها على القول بالامتناع وسراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه متعلق الأمر تكون من إحدى صغريات هذه المسألة ومصاديقها ، فهذه هي النقطة الرئيسية للفرق بين المسألتين.
الثانية : أنّ مسألتنا هذه من المسائل الاصولية العقلية ، فلنا دعويان : الاولى : أنّها من المسائل الاصولية. الثانية : أنّها من المسائل العقلية.
أمّا الدعوى الاولى : فلما ذكرناه في أوّل بحث الاصول (١) من أنّ المسألة الاصولية ترتكز على ركيزتين : إحداهما : أن تقع في طريق استنباط الحكم الكلي الإلهي. وثانيتهما : أن يكون ذلك بنفسها ، أي بلا ضم مسألة اصولية
__________________
(١) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ٤ ـ ٩.