هذه الاستفادة العرفية بين أن يكون العموم في طرف الجزاء استغراقياً أو مجموعياً ، فكما أنّ نفي العموم المجموعي يلائم مع قضية موجبة جزئية فكذلك نفي العموم الاستغراقي.
__________________
لا يمكن إلاّبنفي جميع أفراده.
وما قيل من الفرق مدفوع بأنّ حال قولهم عليهمالسلام حال الأمثلة المذكورة فكما أنّ تخصيص الأحد فيها بطائفة خاصة مستهجن عرفاً فكذلك تخصيص الشيء فيه بخصوص المتنجس.
وإن شئت قلت : إنّ تقييد المطلق بطائفة خاصة منه وإن لم يكن مستهجناً عرفاً في نفسه ، ولكن في المقام نلاحظ الاستهجان في تخصيص الشيء في قولهم ( عليهمالسلام ) : « إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء » بالمتنجس ، وعلى هذا فلا محالة يكون المراد منه المطلق الشامل للمتنجس أيضاً ، وعليه فبطبيعة الحال يكون مفهومه موجبةً جزئية.
وبكلمة اخرى : أنّ المراد من الشيء في هذه الرواية لا يخلو من أحد امور ثلاثة : الأوّل : أن يكون المراد منه خصوص الأعيان النجسة. الثاني : أن يكون المراد منه خصوص الأعيان المتنجسة. الثالث : أن يكون الأعم منهما. فعلى الاحتمال الأوّل الرواية ساكتة عن حكم ملاقاة المتنجس منطوقاً ومفهوماً ، وإنّما هي ناظرة إلى بيان حكم ملاقاة عين النجس كذلك ، وعلى الاحتمال الثاني عكس ذلك تماماً. ولكن لا يمكن الأخذ بكلا الاحتمالين جزماً ، أمّا الاحتمال الأوّل فبملاحظة أنّ التقييد بحاجة إلى قرينة تدل عليه وحيث إنّه لا قرينة في المقام على ذلك مع كون المولى في مقام البيان فقرينة الحكمة تعيّن الاطلاق. وأمّا الاحتمال الثاني فهو ساقط في نفسه ، لوضوح أنّه لا يمكن أن تكون الرواية متجهةً منطوقاً ومفهوماً إلى بيان حكم ملاقاة المتنجس خاصة ، وقد تقدم أنّ الرواية على هذا تخرج عن الكلام العرفي. فاذن يتعيّن الاحتمال الثالث.