والواقع لا يجدي في كيفية استفادة المفهوم منها في مقام الاثبات والدلالة على الشكل الذي أفاده قدسسره وهو القضية الكلية ، وذلك لأنّ مدلول القضية في مقام الاثبات والدلالة واحد حيث إنّ الشارع في مقام الابراز والجعل فقد أبرز حكماً واحداً ، غاية الأمر أنّ ذلك الحكم الواحد يتعدد بتعدد أفراد متعلقه وينحل بانحلاله ، بل ربّما ينحل إلى أحكام غير متناهية من ناحية عدم تناهي أفراد متعلقه ، ولكن هذا الانحلال إنّما هو في مرحلة الفعلية لا في مرحلة الجعل والابراز.
وعلى ضوء ذلك فالقضية الشرطية في أمثال هذه الموارد لا تدل إلاّعلى انتفاء الحكم الساري عن الطبيعة كذلك عند انتفاء شرطه ، حيث إنّ منطوقها ثبوت هذا الحكم لها كذلك ، ومن الطبيعي أنّه يتحقق بانتفائه عن
بعض الأفراد ولا يتوقف تحققه على انتفائه عن جميع الأفراد ، ضرورة أنّ النفي المتوجه إلى الحكم الساري المطلق بسريان أفراد متعلقه مساوق للموجبة الجزئية ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون السريان والاطلاق مدلولاً وضعياً للفظ أو مدلولاً لقرينة الحكمة ، فانّه على كلا التقديرين يكون المعلّق على الشرط هو الاطلاق والسريان ، وعليه فبطبيعة الحال تدل القضية على انتفائه بانتفاء الشرط ، ومن المعلوم أنّ ذلك مساوق للقضية الجزئية.
ولنأخذ لتوضيح ذلك بعدة أمثلة :
الأوّل كقولنا : إذا لبس زيد لأمة حربه لم يخف أحداً ، فانّه لا إشكال في أنّ المتفاهم العرفي منها هو تحقق الخوف له في الجملة عند انتفاء الشرط وهو مساوق للموجبة الجزئية ، بداهة أنّ مفهومها ليس تحقق الخوف له من كل أحد حتى من الجبناء.
الثاني كقولنا : إذا غضب الأمير لم يحترم أحداً ، فانّه لا يدل على أنّه يحترم