عرفته في المثالين ، وأمّا مجرّد الحكم بإرادة خلاف الظّاهر على سبيل الإجمال وإن لم يحكم بتعيينه أصلا ، كما يسلك فيما كان ظاهره من الآيات والسّنة خلاف الدّليل القطعي من العقل والإجماع حتّى يصير نتيجة الجمع هي مجرّد الحكم بإجمالهما والرّجوع إلى الأصول العمليّة ، فالظّاهر أنّه ليس مرادا من القاعدة إتفاقا ؛ لأنّه يوجب سدّ باب التّرجيح والتّخيير والهرج والمرج وفقها جديدا قطعا وإن أوهمه بعض كلمات شيخنا في « الكتاب » على ما ستقف عليه.
ثمّ إنّ الجمع الّذي ارتكبه الشّيخ قدسسره (١) في الأخبار المتعارضة في « كتابيه » يمكن أن يكون مبناه على هذا المعنى الثّاني على أضعف الاحتمالين وإن يكون مبنيّا على مجرّد رفع التّعارض والاختلاف الواقعي بين الأخبار المتعارضة مع كثرتها من غير أن يكون العمل عليه صونا لحفظ إيمان العامة وعدم خروجهم عن هذا الدّين : من جهة مشاهدة كثرة الاختلاف بين الأخبار كما ذكره في أوّل كتابه ، ومن هنا سمّي « بالجمع التّبرعي » في كلماتهم.
ثمّ إنّ المتّبع الدّليل الّذي أقيم على الجمع ، فلا فائدة في إتعاب النّظر في تحقيق المراد بعد ظهور الاختلاف فنتكلّم في المقام الثّاني في كلّ من المعنيين فإذا لم يساعد الدّليل على المعنى الثّاني فلا نقول به وإن كان مرادا من القاعدة هذا.
وأمّا « الأولويّة » فالمراد بها ـ كما صرّح به غير واحد ـ هو التّعيين كما هو
__________________
(١) أقول : يريد شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قدسسره المتوفى سنة ٤٦٠ ه في كتابيه : « التهذيب » و « الاستبصار ».