ولمّا هاجم النجف الوهابيّة حضر الشيخ مع شيخ الطائفة صهره لدفاعهم ، وكان قد عرض له مرض ضعف القلب ، ومع ذلك لم يترك الدفاع ، ولم يزل قاطنا في العتبات حتّى قصد زيارة أبي الحسن الرضا عليهالسلام بخراسان وعلاج مرضه ، فزمت ركائبه إلى إيران ، فلمّا وصل إلى أصفهان ، وكانت من أعظم مراكز العلم ، فكان وروده لأهل العلم أعظم نعمة ، فأصرّوا على إقامته عندهم ، فأجابهم وشرع في التدريس وتهافت عليه أهل العلم تهافت الفراش على الشمع ، وتلقّت تحقيقاته بالعين والسمع ، فعادت أصفهان مجمعا للعلماء يشدّون إليه الرحال وهو يدرّس في المسجد الأعظم مسجد الشاه عباس ، ويقيم فيه صلاة الجماعة ، وقد سمعت من والدي أن تلامذته بلغوا ما يقرب من أربعمائة.
قال : واتفق أن فتح علي شاه كان في القصر المتّصل بمسجد الشاه ، فلمّا فرغ الشيخ من الدرس خرج الطلاّب فنظر الشاه وإذا بميدان الشاه مملوء من العمائم ، فقال : ما هذا الاجتماع من أهل العلم؟ فقيل له : قد فرغ الشيخ محمد تقي من الدرس ، وهؤلاء أهل مجلس درسه. فقال الشاه : لا بدّ من زيارة الشيخ في داره.
ولم يزل الشيخ ناشرا لأعلام العلم ومروّجا لأهل الفضل ، ومربّيا للعلماء حتّى برز من تلامذته عدّة من الأعلام المحقّقين كأخيه صاحب الفصول ، والسيد العلاّمة المحقّق المير سيد حسن المدرّس أستاذ سيدنا الأستاذ الميرزا (١) ، والمولى المحقّق حسين علي التوسركاني ، والشيخ الفاضل الفقيه الشيخ مهدي الكجوري.
__________________
(١) السيّد محمد حسن المجدّد الشيرازي المتوفي سنة ١٣١٢ ه ( الموسوي ).