التّشريع قبيح لا محال ، وفي مقام التّكوين محال لا قبيح كما هو ظاهر ؛ فإنّ المكلّف لا يختار الموهوم ، ولا المظنون إلاّ لمرجّح وغرض ، وإلاّ امتنع اختياره والشّارع لا يحكم بالموهوم إلاّ لمرجّح عنده ، فالصّغرى ممنوعة على كلّ تقدير فلو قام هناك دليل على كون المظنون راجحا عند الشّارع فهو يغني عن القاعدة جدّا.
ومن هنا ورد في الشّرع النّهي عن اتّباع الظّن ، وكذا لو قام هناك دليل عقلا عليه كما إذا قلنا بتماميّة مقدّمات الانسداد المنتجة لحجّيّة مطلق الظّن حسبما عرفت شرح القول فيه في الجزء الأوّل من التّعليقة.
والإنصاف : أنّ صرف الوقت في بيان فساد الوجوه المذكورة ممّا لا ينبغي ؛ فإنّ العمدة ما عرفت من الوجوه الثّلاثة ، وفيها غنى وكفاية ؛ لأنّ الأخبار على ما ستقف عليه واضحة الدّلالة عليه وكذا انعقاد الإجماع عليه قولا وعملا ممّا لا شبهة فيه ، ولو لم يكن إلاّ الإجماعات المنقولة البالغة حدّ التّواتر كفت في حصول القطع منها بتحقّق الإجماع ولا يقدح مخالفة قليل ممّن لا يعتنى به ، كما أنّه لا يقدح عدم تمسّك كثير في المقام بالأخبار مع بلوغها حدّ التّواتر ، مع أنّ فيها الأخبار المعتبرة فيشبه المقام من هذه الجهة بالاستصحاب ؛ فإنّه مع ورود الأخبار الكثيرة وفيها الصّحاح وغيرها لم يتمسّكوا له بالأخبار ، فكأنّهم أرادوا في المقامين النّسج على طريقة العامّة.
ثمّ إنّ كلماتهم وإن كانت مختلفة من حيث مورد الإجماع من جهة أنّه خصوص الأخبار أو مطلق الظّنين ، إلاّ أنّه لا يقدح فيما نحن بصدده من وجوب