تعالى ) : من عدم التّعارض بينها أصلا ، وإن زعمه غير واحد منهم المحقّق القمّي قدسسره وجعله دليلا على حجّيّة مطلق الظّنّ في باب التّرجيح ، بل مطلقا كما ستقف عليه.
إنّما الإشكال فيما أفاده من اقتضاء الأصل لذلك ، مع أنّ الثّابت عنده كما صرّح به مرارا في أجزاء « الكتاب » ويعترف به بعد ذلك وعندهم : اقتضاء الأصل عدم التّرجيح ، كما أنّ مقتضاه عدم الحجّيّة. وقد أطال الكلام في تحرير المقام بما لا يخلو عن مناقشات نشير إلى بعضها ، مع أنّ تأديته كانت ممكنة بتحرير مختصر مفيد نقيّ عن الإشكال.
فإنّه بعد البناء على الطّريقيّة في حجّيّة الأخبار ، والغضّ عن لزوم تقييد إطلاق أخبار التّخيير ، وتسليم دوران الأمر بين التّقييد وتصرّف آخر يبقى معه الإطلاق ، كحمل أوامر التّرجيح على الاستصحاب من غير ترجيح بين التّصرفين ـ كما هو مبنى الرّجوع إلى الأصل ـ أمكن تحرير المدّعى : بأنّ حجّيّة الرّاجح قطعيّته في الفرض ، وإنّما الشّك في حجّيّة المرجوح فعلا وإن كان حجّة شأنا والأصل المقرّر في هذا الشّك بالأدلّة الأربعة عدم الحجّيّة كما هو الأصل المقرّر عند الشّك في الحجّيّة الشّأنيّة من`غير فرق بينهما ، إلاّ أنّه ( قدّس الله نفسه الزّكيّة ) أراد تحرير المقام على كلّ وجه ، وبسط الكلام على كلّ قول تشريحا للمطلوب وترغيبا للطّالب فلا بدّ من اقتفاء أثره.
فنقول : إنّ الدّوران قد يفرض بين موارد التّخيير العقلي في المسألة الفرعيّة كدوران الأمر بين المحذورين كالوجوب والتّحريم مع رجحان أحدهما.
وقد يفرض بين موارد التّخيير العقلي في المسألة الأصوليّة على القول بالطّريقيّة في اعتبار الأمارات المتعارضة مع عدم مطابقة أحد المتعارضين للأصل