وجود الدّلالتين على ما أسمعناك مرارا في بحث حجيّة أخبار الآحاد ، كما أنّه قد ينعكس الأمر ويؤخذ بالدّلالة الأصليّة ويطرح التّبعيّة كالخبر الحاكي عن المسألة الفرعيّة المتفرّعة على المسألة الكلاميّة مثل : ما دلّ على نجاسة المجسّمة (١).
فإن قلت : ما ذكر في المقام من التّفكيك في الاعتبار بين الدّلالتين ينافي ما تقرّر في باب الإجماع المركّب والتّواتر الإجمالي : من اعتبار كون نفي الثّالث ، أو إثبات القدر المشترك مقصودا مستقلاّ للمجمعين والمخبرين وعدم كفاية لزومهما للإفتاء بالخصوصيّات والإخبار عنها على ما تقدّم تفصيل القول فيه في الجزء الأوّل من التّعليقة.
قلت : لا تنافي بين ما ذكرنا في المقام وما ذكر هناك أصلا ؛ ضرورة توقّف تحقّق الإجماع والتّواتر على وجود الفتوى والخبر ، ومجرّد اللّزوم لا يوجب تحقّقهما ، وليس ما ذكر في المقام مبنيّا على تعدّد الخبر بالنّسبة إلى الملزوم واللاّزم ، بل على مجرّد الكشف والطّريقيّة المطلقة بناء على ما أسمعناك في بحث حجيّة الأخبار ، بل مطلق الطّرق الظّنية : من أنّ مقتضى دليل اعتبارها هو الأخذ بما لها من الكشف بقول مطلق وترتيب جميع ما يترتّب من اللّوازم الشّرعيّة على تقدير العلم بثبوت مدلولها ولو بوسائط عديدة غير شرعيّة.
ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرنا فيما لم يعلم بثبوت مدلول أحد المتعارضين ، وإلاّ فلا حاجة إلى الكلفة المذكورة في نفي الثّالث كما هو واضح.
__________________
(١) انظر الأحاديث التالية في الباب ١٠ من أبواب حدّ المرتد من كتاب الحدود والتعزيرات من وسائل الشيعة ج ٢٨ / ٣٣٩ ـ ٣٤٨ : ( ١ و ٣ و ٥ و ١٦ و ١٧ و ٢٦ و ٣٠ ).