مقصد مّا ، فإذا وصل إليه ثم عرض من الأسباب ما يعوقه عن مفارقتها صار السبب الموصل بعينه عائقا.
ونقول : (١) إن الأنفس الإنسانية لم تكن (٢) قائمة مفارقة للأبدان ثم حصلت فى البدن (٣) ، لأن الأنفس الإنسانية متفقة فى النوع والمعنى ، فإذا فرض أن لها وجودا ليس حادثا مع حدوث الأبدان ، بل هو وجود مفرد ، لم يجز أن تكون النفس فى ذلك الوجود متكثرة. وذلك لأن كثرة (٤) الأشياء إما أن تكون (٥) من جهة الماهية والصورة ، وإما أن تكون من جهة النسبة إلى العنصر والمادة المتكثرة بما تتكثر به من الأمكنة التى تشتمل على كل مادة فى جهة والأزمنة التى تختص بكل واحد منها فى حدوثه والعلل القاسمة إياها ، وليست (٦) متغايرة بالماهية والصورة ، لأن صورتها
__________________
(١) هذا شروع فى اثبات ان النفس حادثة بحدوث البدن ، بل حادثة مع حدوث البدن.
قال صدر المتألهين فى الاسفار ( ص ٣٠٨ ج ١ ط ١ ـ ص ٤٣٨ ج ٣ ط جديد ) : « النفس الانسانية عند الشيخ مجردة عن المادة فى اول الفطرة ». وقال فى الاسفار ( ص ١٢٥ ج ٤ ط ١ ـ ص ١١٢ ج ٩ ط جديد ) : « النفس الانسانية عند الشيخ مجرد عقلى من اول الفطرة حين حدوثها فى الشهر الرابع للجنين ». وراجع آخر الفصل الرابع من المقالة التاسعة من الهيات الشفاء ( ص ٢٦٩ ) فى أنّ النفس تحدث بحدوث البدن ، حيث يقول الشيخ : « وممّا لا نشكّ فيه أنّ هيهنا عقولا بسيطة ». وراجع ايضا ج ٢ من كتاب المباحث المشرقية للفخر ص ٣٨٢ فى كيفية تعلق النفس بالبدن ، وص ٣٨٩ منه فى حدوث النفوس البشرية.
(٢) فى تعليقة نسخة : اى لم تكن مجردة موجودة قبل الابدان ثم تعلقت بالابدان الحادثة التى تستعد لتعلقها.
(٣) فى الأبدان ، نسخة.
(٤) تكثّر الأشياء ، نسخة.
(٥) فى تعليقة نسخة : أى التكثر بحسب الأنواع المختلفة.
(٦) فى تعليقة نسخة : أى هذه المتكثرات التى هى النفوس.