الظلمة التى لا معنى لها إلا خفاء أو زيادة خفاء. كما أن النور لا معنى له إلا ظهور أو زيادة ظهور.
ومن هؤلاء قوم (١) يرون أن الشمس ليس ضوؤها إلا شدة ظهور لونها ، ويرون أن اللون إذا بهر البصر لشدة ظهوره رؤى بريق وشعاع يخفى اللون لعجز البصر لا لخفائه فى نفسه ، وكأنه يفتر البصر عن إدراك الجلى ، فإذا انكسر ذلك رؤى لون.
قالوا : والحيوانات التى تلمع فى الليل إذا لمعت لم يحس لونها ألبتة وإذا كان نهارا كان لها لون ظاهر ولم يكن فيها لمعان ، فذلك اللمعان هو بسبب شدة ظهور ألوانها لا غير حتى رؤى (٢) فى الظلمة ، ويكون فى غاية القوة حين (٣) يظهر فى الظلمة فيبهر البصر إذا كانت الظلمة أضعفته ، فإذا أشرقت الشمس غلب ظهورها ظهور ذلك فعاد لونها. والبصر لم يتحير له (٤) ، لأن البصر قد اعتاد لقاء الظاهرات واشتد بطلوع الشمس.
ومنهم من قال : ليس الأمر على هذه الصفة ، بل الضوء شىء واللون شىء. لكنه من شأن الضوء إذا غلب على البصر أن يسترلون ما فيه. والشمس أيضا لها لون ، ومع اللون ضوء فيستر الضوء اللون باللمعان كما
__________________
(١) قال الرازى : ثم من هؤلاء من بالغ حتى قال ضوء الشمس ليس الا ظهور التام للونها ولذلك يبهر البصر فحينئذ يخفى اللون لعجز البصر لا لخفائه فى نفسه كما انا نحسّ بلمعان اللوامع ولا نحسّ بالوانها لان الحس ضعيفة فى الليل يبهره ظهور تلك الالوان فلا جرم لا يحس بها ثم اذا قوى فى النهار بنور الشمس لم يصر مغلوبا لظهور تلك الالوان فلا جرم تحسّ بهما ( المباحث المشرقية ج ١ ص ٤١٢ ).
(٢) اى اللمعان.
(٣) حتى ، نسخة.
(٤) بل ادرك لونه. وفى نسخة : لم ينجر له.