إن طريقه إلى زرارة صحيح (١) وإن كان إلى ابن مسلم ضعيفاً فلا جرم تصبح الرواية معتبرة.
واندفاع الثاني بأن الشائع من نسخ الفقيه هو الأول بحيث يطمأن بالتصحيف في تلك النسخة ، على أنّها لا تنسجم مع قوله : « أينما توجه » وإنّما يتناسب ذلك مع النسخة المشهورة كما لعله ظاهر.
وتدل عليه أيضاً صحيحة معاوية بن عمار : « أنه سأل الصادق عليهالسلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يميناً أو شمالاً ، فقال له : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير ( وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) » (٢) وهي بمعونة الذيل صريحة في المطلوب.
بيد أن جملة من المحققين طعنوا على الاستدلال بها باحتمال كون الذيل من كلام الصدوق نفسه ، ولكنه كما ترى في غاية البعد (٣) فان إدراج الاجتهاد وإلحاقه بالحديث من غير نصب قرينة أو ذكر فاصل بمثل انتهى أو أقول نوع خيانة في النقل ، تجلّ ساحة الصدوق المقدسة عما دونها بكثير ، فلا ينبغي الإشكال في صحة الاستدلال بها كالأُولى.
وتؤيدهما مرسلة ابن أبي عمير عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قبلة المتحير ، فقال : يصلّي حيث يشاء » (٤).
__________________
(١) الفقيه ٤ ( المشيخة ) : ٩.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٤ / أبواب القبلة ب ١٠ ح ١ ، الفقيه ١ : ١٧٩ / ٨٤٦.
(٣) بل هو قريب كما يكشف عنه مضافاً إلى خلوّ التهذيبين [ التهذيب ٢ : ٤٨ / ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٧ / ١٠٩٥ ] عن هذا الذيل عدم انسجامه مع الصدر كما لا يخفى. والتصدي له بما ذكره في المستمسك [ ٥ : ١٨٦ ] غير واضح ، ولعل المتتبع يرى نظائر ذلك في الفقيه بكثير ، فكأن عادته جرت على الإلحاق المزبور ، فلا تعدّ من الخيانة في شيء فلاحظ.
(٤) الوسائل ٤ : ٣١١ / أبواب القبلة ب ٨ ح ٣.