لهم : مسّوا بالمغرب قليلاً فتركوها حتى اشتبكت النجوم فأنا الآن أُصليها إذا سقط القرص » (١) ، فان قوله عليهالسلام : « مسّوا » أي صلوا مساءً وأخّروها يدل على وجوب التأخير عن سقوط القرص الملازم لذهاب الحمرة عن قمة الرأس ، وإنما لم يفعل هو عليهالسلام لمراعاة التقية بعد ما فعلوه من إذاعة السر.
ويندفع : بأن التمسية القليلة المأمور بها غير ملازمة لذهاب الحمرة ، لعدم افتراضه في الرواية ، فهو طبعاً محمول على الفضل ، وحيث إنه بعد الإذاعة أصبح خلاف التقية تركه واختار الفرد المفضول ، لا أنه عليهالسلام صلى قبل الوقت تقية ليدل على القول الأشهر ، بل هي في الدلالة على القول المشهور أظهر حسبما عرفت.
أضف إلى ذلك : أن السند غير نقي ، لاحتمال اشتماله على إسماعيل بن أبي سماك ولم تثبت وثاقته ، فان توثيق النجاشي راجع إلى أخيه إبراهيم لا إليه نفسه فلاحظ (٢).
والمتحصل من جميع ما تقدم : أن النصوص المستدل بها للقول الأشهر غير صالحة للاستدلال بها ، لضعفها سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلو (٣).
ثم إنه ربما يستدل لهذا القول بأن تحديد الوقت بذهاب الحمرة عن قمة الرأس أمر شائع ذائع عند الإمامية ، وهو من مختصاتهم ومتفرداتهم بحيث أصبح شعاراً لهم ورمزاً وبه يمتازون عن غيرهم ، حتى أن المصلي عند سقوط القرص يتهم بالخلاف ، وقد كان هذا معهوداً منذ زمن المعصومين عليهمالسلام كما يفصح عنه ما رواه في المجالس بإسناده عن الربيع بن سليمان وأبان ابن أرقم وغيرهم قالوا : « أقبلنا من مكة حتى إذا كنا بوادي الأخضر إذا نحن برجل يصلي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس فوجدنا في أنفسنا ، فجعل يصلي
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٧٧ / أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٥.
(٢) رجال النجاشي : ٢١ / ٣٠.
(٣) بل قد تقدم قوة بعضها سنداً ودلالة ومعه لم يكن بدّ من حمل معارضها على التقية.