ريب في امتداد وقت الظهر في هذا اليوم كغيره إلى الغروب.
فالسر في هذه الخصوصية الموجبة لامتياز هذا اليوم عن سائر الأيام ليس هو التضيق في وقت صلاة الجمعة أو الظهر بالضرورة ، بل هو تقدم النوافل على الزوال في هذا اليوم ، فيرتفع المزاحم الذي كان هو الموجب للتأخير في سائر الأيام بمقدار أربعة أقدام ، ونتيجة ذلك عدم المقتضي لتأخير صلاة العصر في يوم الجمعة إلا بمقدار أداء الظهر أو الجمعة غير المستوعب من الوقت إلا بمقدار القدمين.
وبالجملة : إنما يتأخر وقت فضيلة الظهرين عن الزوال بمقدار الذراع أو الذراعين رعاية للنوافل المتقدمة عليهما كما سبق وأما مع سقوط النوافل كما في السفر ، أو تقدمها على الزوال كما في يوم الجمعة فحيث لا مزاحم في البين فلا موجب للتأخير ، بل يكون مبدأ الظهر أو الجمعة هو الزوال ، ومبدأ العصر هو الفراغ عن الفريضة السابقة ، فلا محالة يصادف وقت العصر في يوم الجمعة وقت فضيلة الظهر في سائر الأيام وهو القدمان كما عرفت.
الثاني : أن مقتضى العمومات وجوب صلاة الظهر على كل مكلف في كل يوم من الزوال إلى الغروب ، وقد ثبت في يوم الجمعة قيام الخطبتين مقام الركعتين الأُوليين ، أي بدلية الجمعة عن الظهر ، فيكون ذلك بمنزلة المخصص لعموم العام ، والمتيقن من البدلية ما لو أتى بالجمعة قبل بلوغ الفيء إلى القدمين ، وأما في الزائد على ذلك فحيث يشك في البدلية فيندرج المقام حينئذ في كبرى الدوران بين التمسك بعموم العام أو استصحاب حكم المخصص ، وحيث إن المختار في تلك المسألة هو الأول فيجب الإتيان بالظهر تمسكاً بعموم الدليل ، فلا تجزئ الجمعة بعد التجاوز عن القدمين.
وفيه : أن المقام أجنبي عن ذلك البحث ، فان الموضوع في تلك المسألة ما إذا لم يكن لدليل المخصص إطلاق يثبت به عموم التخصيص بحيث انتهى الأمر إلى الأصل العملي وهو الاستصحاب ، فيكون عموم العام مقدّماً عليه حينئذ كما أُفيد.