أو أنّه متعلّق بالإجزاء ، أي غسلك أجزأك للجنابة ولغيرها ، وحينئذ تدل الصّحيحة على أنّه إذا أتى بغسل الجنابة أجزأه ذلك عن كلّ ما في ذمّته من الأغسال وإن لم ينو عناوينها حال الاغتسال ، لدلالتها على أنّ غسله من غير تقيّده بشيء يجزي للجنابة وعرفة وغيرها.
والظّاهر هو الثّاني ، لأنّه الفعل المذكور قبله ، والجارّ ومجروره يتعلّقان بالفعل المذكور في الكلام ، لا بكل ما يصلح ويمكن أن يتعلقا به ، فإذا ورد أكرم كلّ عالم في البلد ظاهره أنّ في البلد متعلّق بالإكرام ، فيجب الإكرام في البلد لكلّ عالم ، لا أنّه متعلِّق بالعالم حتى يدلّ على كفاية الإكرام لعلماء البلد ولو كان الإكرام في غير ذلك البلد ، وعليه فالصحيحة تدلّنا على أنّ الإتيان بغسل الجنابة مجزئ عن غيره من الأغسال وإن لم ينوها حال الاغتسال ، هذا أوّلاً.
على أنّا لو سلّمنا عدم ظهور الجملة في كون الجار والمجرور متعلّقين بالإجزاء وكانت الجملة مجملة من هذه الجهة فيكفينا ذيل الصّحيحة أعني قوله « إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد » ، حيث إنّه مطلق وليس قوله « غسل واحد » محلّى باللاّم ليحمل على كونه إشارة إلى الغسل المذكور في صدر الصحيحة الّذي بنينا على إجماله ، وإنّما هو نكرة ومقتضى إطلاقه كفاية غسل الجنابة عن بقيّة الأغسال الواجبة نواها حال الاغتسال أم لم ينوها.
ويدلُّ على ما ذكرناه مرسلة جَميل بن دَرّاج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلام « أنّه قال : إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل من كلّ غسل يلزمه في ذلك اليوم » (١) ، بل هي صريحة في ما هو محل الكلام في المقام أعني إجزاء غسل الجنابة عن غيره ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين نيّة البقيّة وعدمها ، إلاّ أنّها لإرسالها لم يستدلّوا بها في المقام ، هذا كلّه في المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثّاني أعني ما إذا اغتسل غسلاً واجباً غير الجنابة ولم ينو غيره ، فهل
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٦٣ / أبواب الجنابة ب ٤٣ ح ٢.