تدل على وجوب الوضوء مع البلل ولا دلالة لها على نجاسته ، إلاّ أنّ الموثقة حجّة عليه ، هذه جهة.
الجهة الثّانية في المقام : أنّ الأخبار الآمرة بالوضوء حينئذ موردها ما إذا احتملنا أن تكون الرّطوبة بولاً ، وأمّا إذا دار أمرها بين أن تكون منيّاً أو مذياً فلا يجب عليه الوضوء ، لأنّ الظّاهر من الأخبار أنّه من جهة احتمال خروج البول حينئذ.
على أنّا لو سلمنا إطلاق الأخبار وعدم اختصاصها بصورة احتمال كون الرّطوبة المشتبهة بولاً فالأخبار الحاصرة لانتقاض الوضوء بالبول والغائط والرّيح والنّوم (١) تقتضي تقييد المطلقات بصورة احتمال كون الرّطوبة بولاً لا محالة ، فإنّ دلالة الأخبار على انحصار النواقض بما ذكر دلالة وضعية لكلمة إنّما ونحوها ، والدّلالة الوضعيّة متقدّمة على الدلالة بالإطلاق ومقدّمات الحكمة كما لا يخفى ، وعليه فلو فرضنا أنّ الرّطوبة دارت بين المني والمذي لا يجب عليه الغسل ، لأنّه بال والبول لم يدع شيئاً من المني ، ولا يجب عليه الوضوء أيضاً ، لأنّها ليست ببول على الفرض.
بقي الكلام في الصّورة الثّالثة
وهي ما إذا بال قبل الاغتسال واستبرأ بالخرطات بعد البول ، وهي المراد بقول الماتن « ومع عدم الأمرين يجب الاحتياط » ، فإنّ الأمرين السابقين هما الغسل مع عدم الاستبراء بالبول أو مع عدم الاستبراء بالخرطات على تقدير الاستبراء بالبول وعدمهما يكون عبارة عن الغسل مع الاستبراء بكلّ من البول والخرطات. وهذه الصّورة تنقسم إلى صور :
الصورة الأُولى : ما إذا بال واستبرأ بالخرطات ثمّ اغتسل وخرجت منه رطوبة مشتبهة مردّدة بين المني وغير البول للقطع بعدم كونها بولاً ، فلا يجب عليه حينئذ شيء من الغسل والوضوء ، أمّا عدم وجوب الغسل فلاستبرائه بالبول وهو لم يدع
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٤٥ و ٢٤٦ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٢ ، ٣ ، ٢٤٨ / ب ٢.